للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لَا تُنْكَحُ الْأَيِّمُ حَتَّى تُسْتَأْمَرَ، وَلَا تُنْكَحُ الْبِكْرُ حَتَّى تُسْتَأْذَنَ. قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَكَيْفَ إذْنُهَا قَالَ: أَنْ تَسْكُتَ» .

٣١١ - الْحَدِيثُ الْعَاشِرُ: عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قَالَتْ: «جَاءَتْ امْرَأَةُ رِفَاعَةَ الْقُرَظِيِّ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَتْ كُنْتُ عِنْدَ رِفَاعَةَ الْقُرَظِيِّ فَطَلَّقَنِي فَبَتَّ طَلَاقِي. فَتَزَوَّجْتُ بَعْدَهُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الزُّبَيْرِ وَإِنَّمَا مَعَهُ مِثْلُ هُدْبَةِ الثَّوْبِ. فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَالَ: أَتُرِيدِينَ أَنْ تَرْجِعِي إلَى رِفَاعَةَ؟ لَا، حَتَّى تَذُوقِي عُسَيْلَتَهُ، وَيَذُوقَ

ــ

[إحكام الأحكام]

[حَدِيث لَا تُنْكَحُ الْأَيِّمُ حَتَّى تُسْتَأْمَرَ وَلَا تُنْكَحُ الْبِكْرُ حَتَّى تُسْتَأْذَنَ]

كَأَنَّهُ أُطْلِقَتْ " الْأَيِّمُ " هَهُنَا بِإِزَاءِ الثَّيِّبِ، وَ " الِاسْتِئْمَارُ " طَلَبُ الْأَمْرِ، وَ " الِاسْتِئْذَانُ " طَلَبُ الْإِذْنِ وَقَوْلُهُ " فَكَيْفَ إذْنُهَا " رَاجِعٌ إلَى الْبِكْرِ، وَفِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ إذْنَ الْبِكْرِ سُكُوتُهَا، وَهُوَ عَامٌّ بِالنِّسْبَةِ إلَى لَفْظِ " الْبِكْرِ " وَلَفْظُ النَّهْيِ فِي قَوْلِهِ " لَا تُنْكَحُ " إمَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى التَّحْرِيمِ، أَوْ عَلَى الْكَرَاهَةِ، فَإِنْ حُمِلَ عَلَى التَّحْرِيمِ: تَعَيَّنَ أَحَدُ الْأَمْرَيْنِ: إمَّا أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالْبِكْرِ مِنْ عَدَا الصَّغِيرَةِ فَعَلَى هَذَا: لَا تُجْبَرُ الْبِكْرُ الْبَالِغُ، وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَتَمَسُّكُهُ بِالْحَدِيثِ قَوِيٌّ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى الْعُمُومِ فِي لَفْظِ " الْبِكْرِ " وَرُبَّمَا يُزَادُ عَلَى ذَلِكَ، بِأَنْ يُقَالَ: إنَّ الِاسْتِئْذَانَ إنَّمَا يَكُونُ فِي حَقِّ مَنْ لَهُ إذْنٌ، وَلَا إذْنَ لِلصَّغِيرَةِ، فَلَا تَكُونُ دَاخِلَةً تَحْتَ الْإِرَادَةِ، وَيَخْتَصُّ الْحَدِيثُ بِالْبَوَالِغِ فَيَكُونُ أَقْرَبَ إلَى التَّنَاوُلِ.

١ -

وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ: الْيَتِيمَةَ، وَقَدْ اخْتَلَفَ قَوْلُ الشَّافِعِيَّ فِي الْيَتِيمَةِ: هَلْ يُكْتَفَى فِيهَا بِالسُّكُوتِ، أَمْ لَا؟ وَالْحَدِيثُ يَقْتَضِي الِاكْتِفَاءَ بِهِ وَقَدْ وَرَدَ مُصَرَّحًا بِهِ فِي حَدِيثٍ آخَرَ وَمَالَ إلَى تَرْجِيحِ هَذَا الْقَوْلِ مَنْ يَمِيلُ إلَى الْحَدِيثِ مِنْ أَصْحَابِهِ. وَغَيْرُهُمْ مِنْ أَهْلِ الْفِقْهِ: يُرَجِّحُ الْآخَرَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>