للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[إحكام الأحكام]

اللُّغَةِ اسْمٌ لِلْأَوْلِيَاءِ الَّذِينَ يَحْلِفُونَ عَلَى دَعْوَى الدَّمِ.

وَمَوْضِعُ جَرَيَانِ الْقَسَامَةِ: أَنْ يُوجَدَ قَتِيلٌ لَا يُعْرَفُ قَاتِلُهُ، وَلَا تَقُومُ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ وَيَدَّعِي وَلِيُّ الْقَتِيلِ قَتْلَهُ عَلَى وَاحِدٍ أَوْ جَمَاعَةٍ، وَيَقْتَرِنُ بِالْحَالِ: مَا يُشْعِرُ بِصِدْقِ الْوَلِيِّ، عَلَى تَفْصِيلٍ فِي الشُّرُوطِ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ أَوْ بَعْضِهِمْ، وَيُقَالُ لَهُ " اللَّوَثُ " فَيَحْلِفُ عَلَى مَا يَدَّعِيهِ.

الثَّالِثَةُ: قَدْ ذَكَرْنَا " اللَّوَثَ " وَمَعْنَاهُ، وَفَرَّعَ الْفُقَهَاءُ لَهُ صُوَرًا: مِنْهَا: وُجْدَانُ الْقَتِيلِ فِي مَحَلَّةٍ، أَوْ قَرْيَةٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَهْلِهَا عَدَاوَةٌ ظَاهِرَةٌ وَوَصَفَ بَعْضُهُمْ الْقَرْيَةَ هَهُنَا: بِأَنْ تَكُونَ صَغِيرَةً. وَاشْتَرَطَ: أَنْ لَا يَكُونَ مَعَهُمْ سَاكِنٌ مِنْ غَيْرِهِمْ، لِاحْتِمَالِ أَنَّ الْقَتْلَ مِنْ غَيْرِهِمْ حِينَئِذٍ. الرَّابِعَةُ: فِي الْحَدِيثِ " وَهُوَ يَتَشَحَّطُ فِي دَمِهِ قَتِيلًا " وَذَلِكَ يَقْتَضِي وُجُودَ الدَّمِ صَرِيحًا، وَالْجِرَاحَةُ ظَاهِرَةٌ. وَلَمْ يَشْتَرِطْ الشَّافِعِيَّةُ فِي اللَّوَثِ " لَا جِرَاحَةً وَلَا دَمًا، وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ: أَنَّهُ إنْ لَمْ تَكُنْ جِرَاحَةٌ وَلَا دَمٌ فَلَا قَسَامَةَ، وَإِنْ وُجِدَتْ الْجِرَاحَةُ ثَبَتَتْ الْقَسَامَةُ، وَإِنْ وُجِدَ الدَّمُ دُونَ الْجِرَاحَةِ، فَإِنْ خَرَجَ مِنْ أَنْفِهِ فَلَا قَسَامَةَ، وَإِنْ خَرَجَ مِنْ الْفَمِ، أَوْ الْأُذُنِ ثَبَتَتْ الْقَسَامَةُ هَكَذَا حَكَى وَاسْتَدَلَّ الشَّافِعِيَّةُ بِأَنَّ الْقَتْلَ قَدْ يَحْصُلُ بِالْخَنْقِ وَعَصْرِ الْخُصْيَةِ، وَالْقَبْضِ عَلَى مَجْرَى النَّفْسِ فَيَقُومُ أَثَرُهُمَا مَقَامَ الْجِرَاحَةِ. الْخَامِسَةُ: " عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَهْلٍ " هُوَ أَخُو الْقَتِيلِ، " وَمُحَيِّصَةُ وَحُوَيِّصَةُ " ابْنَا مَسْعُودٍ: ابْنَا عَمِّهِ وَأَمْرُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْكِبَرِ بِقَوْلِهِ " كَبِّرْ كَبِّرْ " فَيُقَالُ فِي هَذَا: إنَّ الْحَقَّ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ لِقُرْبِهِ وَالدَّعْوَى لَهُ، فَكَيْفَ عَدَلَ عَنْهُ؟ وَقَدْ يُجَابُ عَنْ هَذَا: بِأَنَّ الْكَلَامَ لَيْسَ هُوَ حَقِيقَةَ الدَّعْوَى الَّتِي يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا الْحُكْمُ، بَلْ هُوَ كَلَامٌ لِشَرْحِ الْوَاقِعَةِ، وَتَبْيِينِ حَالِهَا، أَوْ يُقَالُ: إنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ يُفَوِّضُ الْكَلَامَ وَالدَّعْوَى إلَى مَنْ هُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ.

السَّادِسَةُ: مَذْهَبُ أَهْلِ الْحِجَازِ، أَنَّ الْمُدَّعِي فِي مَحَلِّ الْقَسَامَةِ يُبْدَأُ بِهِ فِي الْيَمِينِ، كَمَا اقْتَضَاهُ الْحَدِيثُ، وَنُقِلَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ خِلَافُهُ وَكَأَنَّهُ قُدِّمَ الْمُدَّعِي هَهُنَا - عَلَى خِلَافِ قِيَاسِ الْخُصُومَاتِ - بِمَا انْضَافَ إلَى دَعْوَاهُ مِنْ شَهَادَةِ اللَّوْثِ، مَعَ عِظَمِ قَدْرِ الدِّمَاءِ، وَلْيُنَبِّهْ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ هَذَيْنِ الْمَعْنَيَيْنِ بِعِلَّةٍ مُسْتَقِلَّةٍ بَلْ يَنْبَغِي أَنْ يُجْعَلَ كُلُّ وَاحِدٍ جُزْءَ عِلَّةٍ.

[مَسْأَلَةٌ الْيَمِينُ الْمُسْتَحَقَّةُ فِي الْقَسَامَةِ] ١

<<  <  ج: ص:  >  >>