للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أَبِي هُرَيْرَةَ وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَا «سُئِلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الْأَمَةِ إذَا زَنَتْ وَلَمْ تُحْصَنْ؟ قَالَ: إنْ زَنَتْ فَاجْلِدُوهَا، ثُمَّ إنْ زَنَتْ فَاجْلِدُوهَا، ثُمَّ إنْ زَنَتْ فَاجْلِدُوهَا، ثُمَّ بِيعُوهَا وَلَوْ بِضَفِيرٍ» .

ــ

[إحكام الأحكام]

[حَدِيث الْأَمَةِ إذَا زَنَتْ وَلَمْ تُحْصَنْ]

قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: وَلَا أَدْرِي: أَبْعَدَ الثَّالِثَةِ أَوْ الرَّابِعَةِ؟ وَالضَّفِيرُ: الْحَبْلُ. يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى إقَامَةِ الْحَدِّ عَلَى الْمَمَالِيكِ كَإِقَامَتِهِ عَلَى الْأَحْرَارِ، وَدَلَالَتُهُ عَلَى إقَامَةِ السَّيِّدِ الْحَدَّ عَلَى عَبْدِهِ مُحْتَمَلَةٌ وَلَيْسَتْ بِالْقَوِيَّةِ، وَفِيهِ بَيَانٌ لِحُكْمِ الْأَمَةِ إذَا لَمْ تُحْصَنْ. وَالْكِتَابُ الْعَزِيزُ تَعَرَّضَ لِحُكْمِهَا إذَا أُحْصِنَتْ، وَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ: أَنَّهُ إذَا لَمْ تُحْصَنْ تُجْلَدُ الْحَدَّ، ونُقِلَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي الْعَبْدِ وَالْأَمَةِ أَنَّهُ قَالَ " إذَا لَمْ يَكُونَا مُزَوَّجَيْنِ فَلَا حَدَّ عَلَيْهِمَا وَإِنْ كَانَا مُزَوَّجَيْنِ فَعَلَيْهِمَا نِصْفُ الْحَدِّ وَهُوَ خَمْسُونَ " قَالَ بَعْضُهُمْ: وَبِهِ قَالَ طَاوُسٌ، وَأَبُو عُبَيْدٍ وَهَذَا مَذْهَبُ مَنْ تَمَسَّكَ بِمَفْهُومِ الْكِتَابِ الْعَزِيزِ وَهُوَ - قَوْله تَعَالَى -: {فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} [النساء: ٢٥] إلَّا أَنَّ مَذْهَبَ الْجُمْهُورِ رَاجِحٌ؛ لِأَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ نَصٌّ فِي إيجَابِ الْجَلْدِ عَلَى مَنْ لَمْ يُحْصَنْ، فَإِذَا تَبَيَّنَّ بِحَدِيثٍ آخَرَ أَنَّهُ الْحَدُّ، أَوْ أُخِذَ مِنْ السِّيَاقِ: فَهُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْمَفْهُومِ. وَ " الضَّفِيرُ " الْحَبْلُ الْمَضْفُورُ، فَعِيلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ. وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ: أَنَّ قَوْلَهُ " فَلْيَبِعْهَا وَلَوْ بِضَفِيرٍ " دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الزِّنَا عَيْبٌ فِي الرَّقِيقِ يُرَدُّ بِهِ، وَلِذَلِكَ حَطَّ مِنْ الْقِيمَةِ قَالَ: وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ بَيْعِ غَيْرِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ مَالَهُ بِمَا لَا يَتَغَابَنُ بِهِ النَّاسُ. وَفِيمَا قَالَهُ فِي الْأَوَّلِ نَظَرٌ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ الْمَقْصُودُ أَنْ يَبِيعَهَا وَإِنْ انْحَطَّتْ قِيمَتُهَا إلَى الضَّفِيرِ فَيَكُونُ ذَلِكَ إخْبَارًا مُتَعَلِّقًا بِحَالٍ وُجُودِيٍّ، لَا إخْبَارًا عَنْ حُكْمٍ شَرْعِيٍّ. وَلَا شَكَّ أَنَّ مَنْ عَرَفَ بِتَكَرُّرِ زِنَا الْأَمَةِ انْحَطَّتْ قِيمَتُهَا عِنْدَهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>