للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٣٥٩ - الْحَدِيثُ الثَّانِي: عَنْ أَبِي بُرْدَةَ هَانِئِ بْنِ نِيَارٍ الْبَلَوِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ «لَا يُجْلَدُ فَوْقَ عَشَرَةِ أَسْوَاطٍ إلَّا فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ.»

ــ

[إحكام الأحكام]

عَلَى عَدَدٍ كَثِيرٍ مِنْ الضَّرْبِ بِالْأَيْدِي وَالنِّعَالِ. وَتَسْلِيطُ التَّأْوِيلِ عَلَى لَفْظَةِ قَوَّمَهُ " أَنَّهَا بِمَعْنَى " قَدَّرَ مَا وَقَعَ " فَكَأَنَّ أَرْبَعِينَ - أَقْرَبُ مِنْ تَسْلِيطِ هَذَا صِدْقَ قَوْلِنَا " جَلَدَ أَرْبَعِينَ " حَقِيقَةً. وَقَوْلُهُ " فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: أَخَفُّ الْحُدُودِ ثَمَانُونَ " وَيُرْوَى بِالنَّصْبِ " أَخَفَّ الْحُدُودِ ثَمَانِينَ " أَيْ اجْعَلْهُ، وَمَا يُقَارِبُ ذَلِكَ. وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى الْمُشَاوَرَةِ فِي الْأَحْكَامِ، وَالْقَوْلِ فِيهَا بِالِاجْتِهَادِ. وَقِيلَ: إنَّ الَّذِي أَشَارَ بِالثَّمَانِينَ: هُوَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. وَقَدْ يَسْتَدِلُّ بِهِ مَنْ يَرَى الْحُكْمَ بِالْقِيَاسِ أَوْ الِاسْتِحْسَانَ. وَقَوْلُهُ " فَلَمَّا كَانَ عُمَرُ " يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ فَلَمَّا كَانَ زَمَنُ وِلَايَةِ عُمَرَ، وَمَا يُقَارِبُ ذَلِكَ. وَمَذْهَبُ مَالِكٍ: أَنَّ حَدَّ الْخَمْرِ ثَمَانُونَ، عَلَى مَا وَقَعَ فِي زَمَنِ عُمَرَ.

[حَدِيثُ لَا يُجْلَدُ فَوْقَ عَشَرَةِ أَسْوَاطٍ إلَّا فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ]

فِيهِ مَسْأَلَتَانِ إحْدَاهُمَا: إثْبَاتُ التَّعْزِيرِ فِي الْمَعَاصِي الَّتِي لَا حَدَّ فِيهَا، لِمَا يَقْتَضِيه مِنْ جَوَازِ الْعَشَرَةِ فَمَا دُونِهَا.

الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: اخْتَلَفُوا فِي مِقْدَارِ التَّعْزِيرِ. وَالْمَنْقُولُ عَنْ مَالِكٍ: أَنَّهُ لَا يَتَقَدَّرُ بِهَذَا الْقَدْرِ، وَيُجِيزُ فِي الْعُقُوبَاتِ فَوْقَ هَذَا. وَفَوْقَ الْحُدُودِ عَلَى قَدْرِ الْجَرِيمَةِ وَصَاحِبِهَا، وَأَنَّ ذَلِكَ مَوْكُولٌ إلَى اجْتِهَادِ الْإِمَامِ. وَظَاهِرُ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ: أَنَّهُ لَا يَبْلُغُ بِالتَّعْزِيرِ إلَى الْحُدُودِ وَعَلَى هَذَا: فَفِي الْمُعْتَبَرِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَدْنَى الْحُدُودِ فِي حَقِّ الْمُعَزَّرِ فَلَا يُزَادُ فِي تَعْزِيرِ الْحُرِّ عَلَى تِسْعٍ وَثَلَاثِينَ ضَرْبَةً لِيَكُونَ دُونَ حَدِّ الشُّرْبِ وَلَا فِي تَعْزِيرِ الْعَبْدِ عَلَى تِسْعَةَ عَشَرَ سَوْطًا.

وَالثَّانِي: أَنَّهُ يُعْتَبَر أَدْنَى الْحُدُودِ عَلَى الْإِطْلَاقِ فَلَا يُزَادُ فِي تَعْزِيرِ الْحُرِّ أَيْضًا عَلَى تِسْعَةَ عَشَرَ سَوْطًا

<<  <  ج: ص:  >  >>