للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٣٧٨ - الْحَدِيثُ السَّادِسُ: عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -: «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لَوْ يُعْطَى النَّاسُ بِدَعْوَاهُمْ لَادَّعَى نَاسٌ دِمَاءَ رِجَالٍ وَأَمْوَالَهُمْ، وَلَكِنْ الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ» .

ــ

[إحكام الأحكام]

يُقَارِبُهَا لَا تُسْقِطُ الْعَدَالَةَ وَلَوْ كَانَتْ كَبِيرَةً لَأَسْقَطَتْ، وَقَدْ نَصَّ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى عِظَمِ بَعْضِ الْكَذِبِ فَقَالَ: {وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا} [النساء: ١١٢] وَعِظَمُ الْكَذِبِ وَمَرَاتِبُهُ تَتَفَاوَتُ بِحَسَبِ تَفَاوُتِ مَفَاسِدِهِ، وَقَدْ نَصَّ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ عَلَى أَنَّ الْغِيبَةَ وَالنَّمِيمَةَ كَبِيرَةٌ، وَالْغِيبَةُ عِنْدِي: تَخْتَلِفُ بِحَسَبِ الْمَقُولِ وَالْمُغْتَابِ بِهِ، فَالْغِيبَةُ بِالْقَذْفِ كَبِيرَةٌ، لِإِيجَابِهَا الْحَدَّ، وَلَا تُسَاوِيهَا الْغِيبَةُ بِقُبْحِ الْخِلْقَةِ مَثَلًا، أَوْ قُبْحِ بَعْضِ الْهَيْئَةِ فِي اللِّبَاسِ مَثَلًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[حَدِيثُ لَوْ يُعْطَى النَّاسُ بِدَعْوَاهُمْ لَادَّعَى نَاسٌ دِمَاءَ رِجَالٍ وَأَمْوَالَهُمْ]

الْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْحُكْمُ إلَّا بِالْقَانُونِ الشَّرْعِيِّ الَّذِي رُتِّبَ، وَإِنْ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ صِدْقُ الْمُدَّعِي.

١ -

وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مُطْلَقًا. وَقَدْ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي اشْتِرَاطِ أَمْرٍ آخَرَ فِي وَجْهِ الْيَمِينِ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ. وَفِي مَذْهَبِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ: تَصَرُّفَاتٌ بِالتَّخْصِيصَاتِ لِهَذَا الْعُمُومِ، خَالَفَهُمْ فِيهَا غَيْرُهُمْ. مِنْهَا: اعْتِبَارُ الْخُلْطَةِ بَيْنَ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي الْيَمِينِ. وَمِنْهَا: أَنَّ مَنْ ادَّعَى سَبَبًا مِنْ أَسْبَابِ الْقِصَاصِ: لَمْ تَجِبْ بِهِ الْيَمِينُ، إلَّا أَنْ يُقِيمَ عَلَى ذَلِكَ شَاهِدًا فَتَجِب الْيَمِينُ. وَمِنْهَا: إذَا ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى امْرَأَةٍ نِكَاحًا، لَمْ يَجِبْ لَهُ عَلَيْهَا الْيَمِينُ فِي ذَلِكَ، قَالَ سَحْنُونٌ مِنْهُمْ: إلَّا أَنْ يَكُونَا طَارِئَيْنِ. وَمِنْهَا: أَنَّ بَعْضَ الْأُمَنَاءِ - مِمَّنْ يُجْعَلُ الْقَوْلُ قَوْلَهُ - لَا يُوجِبُونَ عَلَيْهِ يَمِينًا. وَمِنْهَا: دَعْوَى الْمَرْأَةِ طَلَاقًا عَلَى الزَّوْجِ. وَكُلُّ مَنْ خَالَفَهُمْ فِي شَيْءٍ مِنْ هَذَا يَسْتَدِلُّ بِعُمُومِ هَذَا الْحَدِيثِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>