للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٣٩١ - الْحَدِيثُ الثَّانِي: عَنْ هَمَّامِ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ

ــ

[إحكام الأحكام]

الْخِلَافَ فِيمَنْ يَتَدَيَّنُ بِاسْتِعْمَالِ النَّجَاسَةِ مِنْ الْمُشْرِكِينَ وَأَهْلِ الْكِتَابِ كَذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ قَدْ فُرِّقَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ أُولَئِكَ؛ لِأَنَّهُمْ يَتَدَيَّنُونَ بِاسْتِعْمَالِ الْخَمْرِ، أَوْ يُكْثِرُونَ مُلَابَسَتَهَا، فَالنَّصَارَى: لَا يَجْتَنِبُونَ النَّجَاسَاتِ، وَمِنْهُمْ مِنْ يَتَدَيَّنُ بِمُلَابَسَتِهَا كَالرُّهْبَانِ فَلَا وَجْهَ لِإِخْرَاجِهِمْ مِمَّنْ يَتَدَيَّنُ بِاسْتِعْمَالِ النَّجَاسَاتِ. وَالْحَدِيثُ جَارٍ عَلَى مُقْتَضَى تَرْجِيحِ غَلَبَةِ الظَّنِّ فَإِنَّ الْمُسْتَفَادَ مِنْ الْغَالِبِ رَاجِحٌ عَلَى الظَّنِّ الْمُسْتَفَادِ مِنْ الْأَصْلِ.

[مَسْأَلَة الصَّيْدِ بِالْقَوْسِ وَالْكَلْبِ مَعًا] ١

الثَّانِيَةُ: فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ الصَّيْدِ بِالْقَوْسِ وَالْكَلْبِ مَعًا. وَلَمْ يَتَعَرَّضْ فِي الْحَدِيثِ لِلتَّعْلِيمِ الْمُشْتَرَطِ، وَالْفُقَهَاءُ تَكَلَّمُوا فِيهِ وَجَعَلُوا الْمُعَلَّمَ: مَا يَنْزَجِرُ بِالِانْزِجَارِ، وَيَنْبَعِثُ بِالْإِشْلَاءِ. وَلَهُمْ نَظَرٌ فِي غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الصِّفَاتِ، وَالْقَاعِدَةُ: أَنَّ مَا رَتَّبَ عَلَيْهِ الشَّرْعُ حُكْمًا، وَلَمْ يَحُدَّ فِيهِ حَدًّا: يُرْجَعُ فِيهِ إلَى الْعُرْفِ.

[مَسْأَلَة التَّسْمِيَةَ عَلَى الْإِرْسَالِ فِي الصَّيْد] ١

الثَّالِثَةُ: فِيهِ حُجَّةٌ لِمَنْ يَشْتَرِطُ التَّسْمِيَةَ عَلَى الْإِرْسَالِ؛ لِأَنَّهُ وَقَّفَ الْإِذْنَ فِي الْأَكْلِ عَلَى التَّسْمِيَةِ، وَالْمُعَلَّقُ بِالْوَصْفِ يَنْتَفِي بِانْتِفَائِهِ عِنْدَ الْقَائِلِينَ بِالْمَفْهُومِ. وَفِيهِ هَهُنَا زِيَادَةٌ عَلَى كَوْنِهِ مَفْهُومًا مُجَرَّدًا وَهُوَ أَنَّ الْأَصْلَ: تَحْرِيمُ أَكْلِ الْمَيْتَةِ، وَمَا أَخْرَجَ الْإِذْنَ مِنْهَا إلَّا مَا هُوَ مَوْصُوفٌ بِكَوْنِهِ مُسَمًّى عَلَيْهِ، فَغَيْرُ الْمُسَمَّى عَلَيْهِ: يَبْقَى عَلَى أَصْلِ التَّحْرِيمِ، دَاخِلًا تَحْتَ النَّصِّ الْمُحَرِّمِ لِلْمَيْتَةِ.

[مَسْأَلَة الْمَصِيدِ بِالْكَلْبِ الْمُعَلَّمِ]

الرَّابِعَةُ: الْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمَصِيدَ بِالْكَلْبِ الْمُعَلَّمِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الذَّكَاةِ؛ لِأَنَّهُ فَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِ الْمُعَلَّمِ فِي إدْرَاكِ الذَّكَاةِ، فَإِذَا قَتَلَ الْكَلْبُ الصَّيْدَ بِظُفْرِهِ أَوْ نَابِهِ حَلَّ، وَإِنْ قَتَلَهُ بِثِقَلِهِ، فَفِيهِ خِلَافٌ فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْ إطْلَاقِ الْحَدِيثِ: جَوَازُ أَكْلِهِ، وَفِيهِ بَعْضُ الضَّعْفِ أَعْنِي أَخْذَ الْحُكْمِ مِنْ هَذَا اللَّفْظِ.

[مَسْأَلَة غَيْرِ الْمُعَلَّمِ إذَا صَادَ] ١

الْخَامِسَةُ: شَرَطَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فِي غَيْرِ الْمُعَلَّمِ إذَا صَادَ: أَنْ تُدْرَكَ ذَكَاةُ الصَّيْدِ وَهَذَا الْإِدْرَاكُ يَتَعَلَّقُ بِأَمْرَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: الزَّمَنُ الَّذِي يُمْكِنُ فِيهِ الذَّبْحُ، فَإِنْ أَدْرَكَهُ وَلَمْ يَذْبَحْ فَهُوَ مَيْتَةٌ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ لِأَجْلِ الْعَجْزِ عَمَّا يَذْبَحُ بِهِ: لَمْ يُعْذَرْ فِي ذَلِكَ.

الثَّانِي: الْحَيَاةُ الْمُسْتَقِرَّةُ، كَمَا ذَكَرَهُ الْفُقَهَاءُ فَإِنْ أَدْرَكَهُ وَقَدْ أَخْرَجَ حُشْوَتَهُ، أَوْ أَصَابَ نَابُهُ مَقْتَلًا، فَلَا اعْتِبَارَ بِالذَّكَاةِ حِينَئِذٍ، هَذَا عَلَى مَا قَالَهُ الْفُقَهَاءُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>