للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[إحكام الأحكام]

إعْتَاقِ الْمَأْذُونِ فِيهِ، كَمَا لَوْ قَالَ لِشَرِيكِهِ: أَعْتِقْ نَصِيبَكَ.

الثَّامِنُ: قَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - " أَعْتَقَ " يَقْتَضِي صُدُورَ الْعِتْقِ مِنْهُ، وَاخْتِيَارَهُ لَهُ فَيَثْبُتُ الْحُكْمُ حَيْثُ كَانَ مُخْتَارًا، وَيَنْتَفِي حَيْثُ لَا اخْتِيَارَ، إمَّا مِنْ حَيْثُ الْمَفْهُومِ، وَإِمَّا لِأَنَّ السِّرَايَةِ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ فَتَخْتَصُّ بِمَوْرِدِ النَّصِّ، وَإِمَّا لِإِبْدَاءِ مَعْنًى مُنَاسِبٍ يَقْتَضِي التَّخْصِيصَ بِالِاخْتِيَارِ، وَهُوَ أَنَّ التَّقْوِيمَ سَبِيلُهُ سَبِيلُ غَرَامَةِ الْمُتْلَفَاتِ، وَذَلِكَ يَقْتَضِي التَّخْصِيصَ بِصُدُورِ أَمْرٍ يُجْعَلُ إتْلَافًا، وَهَهُنَا ثَلَاثُ مَرَاتِبَ: مَرْتَبَةٌ لَا إشْكَالَ فِي وَقْعِ الِاخْتِيَارِ فِيهَا، وَمَرْتَبَةٌ لَا إشْكَالَ فِي عَدَمِ الِاخْتِيَارِ فِيهَا، وَمَرْتَبَةٌ مُتَرَدِّدَةٌ بَيْنَهُمَا. أَمَّا الْمَرْتَبَةُ الْأُولَى: فَإِصْدَارُ الصِّيغَةِ الْمُقْتَضِيَةِ لِلْعِتْقِ بِنَفْسِهَا، وَلَا شَكَّ فِي دُخُولِهَا فِي مَدْلُولِ الْحَدِيثِ. وَأَمَّا الْمَرْتَبَةُ الثَّانِيَةُ: فَمِثَالُهَا: مَا إذَا وَرِثَ بَعْضَ قَرِيبِهِ، فَعَتَقَ عَلَيْهِ ذَلِكَ الْبَعْضُ فَلَا سِرَايَةَ، وَلَا تَقْوِيمَ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَنَصَّ عَلَيْهِ أَيْضًا بَعْضُ مُصَنَّفِي مُتَأَخِّرِي الْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَفِيَّةِ، لِعَدَمِ الِاخْتِيَارِ فِي الْعِتْقِ وَسَبَبِهِ مَعًا، وَعَنْ أَحْمَدَ: رِوَايَةٌ أَنَّهُ يُعْتَقُ عَلَيْهِ نَصِيبُ الشَّرِيكِ، إذَا كَانَ مُوسِرًا، وَمَنْ أَمْثِلَتِهِ: أَنْ يَعْجَزَ الْمُكَاتَبُ نَفْسُهُ بَعْدَ أَنْ اشْتَرَى شِقْصًا يُعْتَقُ عَلَى سَيِّدِهِ فَإِنَّ الْمِلْكَ وَالْعِتْقَ يَحْصُلُ بِغَيْرِ اخْتِيَارِ السَّيِّدِ فَهُوَ كَالْإِرْثِ.

وَأَمَّا الْمَرْتَبَةُ الثَّالِثَةُ الْوُسْطَى: فَهِيَ مَا إذَا وُجِدَ سَبَبُ الْعِتْقِ بِاخْتِيَارِهِ، وَهَذَا أَيْضًا تَخْتَلِفُ رُتَبُهُ: فَمِنْهُ مَا يَقْوَى فِيهِ تَنْزِيلُ مُبَاشَرَةِ السَّبَبِ مَنْزِلَةَ مُبَاشَرَةِ الْمُسَبِّبِ، كَقَوْلِهِ لِبَعْضِ قَرِيبِهِ فِي بَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ، وَصِيَّةٍ، وَقَدْ نَزَّلَهُ الشَّافِعِيَّةُ مَنْزِلَةَ الْمُبَاشِرِ، وَقَدْ نَصَّ عَلَيْهِ أَيْضًا بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ فِي الشِّرَاءِ، وَالْهِبَةِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِنْ ذَلِكَ: تَمْثِيلُهُ بِعَبْدِهِ، وَعِنْدَ مَنْ يَرَى الْعِتْقَ بِالْمُثْلَةِ، وَهُوَ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ، وَمِنْهُ مَا يَضْعُفُ عَنْ هَذَا، وَهُوَ تَعْجِيزُ السَّيِّدِ الْمُكَاتَبَ، بَعْدَ أَنْ اشْتَرَى شِقْصًا مِمَّنْ يَعْتِقُ عَلَى سَيِّدِهِ فَانْتَقَلَ إلَيْهِ الْمِلْكُ بِالتَّعْجِيزِ الَّذِي هُوَ سَبَبُ الْعِتْقِ، فَإِنَّهُ لَمَّا اخْتَارَهُ كَانَ كَاخْتِيَارِهِ لِسَبَبِ الْعِتْقِ بِالشِّرَاءِ وَغَيْرِهِ، وَفِيهِ اخْتِلَافٌ لِأَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ، وَوَجْهُ ضَعْفِ هَذَا عَنْ الْأَوَّلِ: أَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ التَّمَلُّكَ، وَإِنَّمَا قَصَدَ التَّعْجِيزَ، وَقَدْ حَصَلَ الْمِلْكُ فِيهِ ضِمْنًا، إلَّا أَنَّ هَذَا ضَعِيفٌ، وَالْأَوَّلُ أَقْوَى.

[الِاخْتِيَارَ فِي الْعِتْقِ] ١

التَّاسِعُ: الْحَدِيثُ يَقْتَضِي الِاخْتِيَارَ فِي الْعِتْقِ، وَقَدْ نَزَّلُوا مَنْزِلَتَهُ: الِاخْتِيَارَ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>