للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[إحكام الأحكام]

دَبَّرَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ نَصِيبَهُ فَقَالَ: إذَا مِتُّ فَنَصِيبِي مِنْكَ حُرٌّ، وَكُلُّ هَذَا جَارٍ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ عِنْدَ مَنْ قَالَ بِهِ، وَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ فِيمَنْ قَالَ: إذَا مِتُّ فَنَصِيبِي مِنْكَ حُرٌّ: أَنَّهُ لَا يَسْرِي وَقِيلَ: إنَّهُ يُقَوَّمُ فِي ثُلُثِهِ، وَجَعَلَهُ مُوسِرًا بَعْدَ الْمَوْتِ.

[عَبْدٍ كَانَ بَيْنَ اثْنَيْنِ فَأَعْتَقَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ] ١

التَّاسِعَ عَشَرَ: أَطْلَقَ " الثَّمَنَ " فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ، وَالْمُرَادُ الْقِيمَةُ فَإِنَّ " الثَّمَنَ " مَا اُشْتُرِيَتْ بِهِ الْعَيْنُ وَإِنَّمَا يَلْزَمُ بِالْقِيمَةِ لَا بِالثَّمَنِ وَقَدْ تَبَيَّنَ الْمُرَادُ فِي رِوَايَةِ بِشْرِ بْنِ الْمُفَضَّلِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ " مَا يَبْلُغُ ثَمَنَهُ يُقَوَّمُ عَلَيْهِ قِيمَةَ عَدْلٍ "، وَفِي رِوَايَةِ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ «أَيُّمَا عَبْدٍ كَانَ بَيْنَ اثْنَيْنِ فَأَعْتَقَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ فَإِنْ كَانَ مُوسِرًا، فَإِنَّهُ يُقَوَّمُ عَلَيْهِ بِأَعْلَى الْقِيمَةِ - أَوْ قَالَ - قِيمَةٍ، وَلَا، وَكْسَ، وَلَا شَطَطَ، وَفِي رِوَايَةِ أَيُّوبَ مَنْ كَانَ لَهُ مِنْ الْمَالِ مَا يَبْلُغُ ثَمَنَهُ بِقِيمَةِ الْعَدْلِ، وَفِي رِوَايَةِ مُوسَى يُقَامُ، وَمَالُهُ قِيمَةُ الْعَدْلِ» وَفِي هَذَا مَا يُبَيِّنُ: أَنَّ الْمُرَادَ بِالثَّمَنِ الْقِيمَةُ.

الْعِشْرُونَ: قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " مَا يَبْلُغُ ثَمَنَ الْعَبْدِ " يَقْتَضِي تَعْلِيقَ الْحُكْمِ فِي مَالٍ يَبْلُغُ ثَمَنَ الْعَبْدِ فَإِذَا كَانَ الْمَالُ لَا يَبْلُغُ كَمَالَ الْقِيمَةِ وَلَكِنْ قِيمَةَ بَعْضِ النَّصِيبِ، فَفِي السِّرَايَةِ وَجْهَانِ لِأَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ فَيُمْكِنُ أَنْ يَسْتَدِلَّ بِهِ مَنْ لَا يَرَى السِّرَايَةَ بِمَفْهُومِ هَذَا اللَّفْظِ، وَيُؤَيِّدُهُ بِأَنَّ فِي السِّرَايَةِ تَبْعِيضًا لِمِلْكِ الشَّرِيكِ عَلَيْهِ، وَالْأَصَحُّ عِنْدَهُمْ: السِّرَايَةُ إلَى الْقَدْرِ الَّذِي هُوَ مُوسِرٌ بِهِ، تَحْصِيلًا لِلْحُرِّيَّةِ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ، وَالْمَفْهُومُ فِي مِثْلِ هَذَا ضَعِيفٌ.

الْحَادِي وَالْعِشْرُونَ: إذَا مَلَكَ مَا يَبْلُغُ كَمَالَ الْقِيمَةِ، إلَّا أَنَّ عَلَيْهِ دَيْنًا يُسَاوِي ذَلِكَ، أَوْ يَزِيدُ عَلَيْهِ: فَهَلْ يَثْبُتُ الْحُكْمُ فِي السِّرَايَةِ، وَالتَّقْوِيمِ؟ فِيهِ الْخِلَافُ الَّذِي فِي مَنْعِ الدَّيْنِ الزَّكَاةَ، وَوَجْهُ الشَّبَهِ بَيْنَهُمَا: اشْتِرَاكُهُمَا فِي كَوْنِهِمَا حَقًّا لِلَّهِ، مَعَ أَنَّ فِيهِمَا حَقًّا لِلْآدَمِيِّ، وَيُمْكِنُ أَنْ يَسْتَدِلَّ بِالْحَدِيثِ مَنْ لَا يَرَى الدَّيْنَ مَانِعًا هَهُنَا، أَخْذًا بِالظَّاهِرِ، وَمَنْ يَرَى الدَّيْنَ مَانِعًا: يُخَصِّصُ هَذِهِ الصُّورَةَ بِالْمَانِعِ الَّذِي يُقَيِّمُهُ فِيهَا خَصْمُهُ. وَالْمَالِكِيَّةُ عَلَى أَصْلِهِمْ: فِي أَنَّ مَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ بِقَدْرِ مَالِهِ: فَهُوَ مُعْسِرٌ.

وَالثَّانِي وَالْعِشْرُونَ: يَقْتَضِي الْخَبَرُ أَنَّهُ مَهْمَا كَانَ لِلْمُعْتَقِ مَا يَفِي بِقِيمَةِ نَصِيبِ شَرِيكِهِ: فَيُقَوَّمُ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَمْلِكْ غَيْرَهُ هَذَا الظَّاهِرُ، وَالشَّافِعِيَّةُ أَخْرَجُوا قُوتَ يَوْمِهِ، وَقُوتَ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ، وَدَسْتَ ثَوْبٍ، وَسُكْنَى يَوْمٍ، وَالْمَالِكِيَّةُ اخْتَلَفُوا فَقِيلَ: بِاعْتِبَارِ قُوتِ الْأَيَّامِ، وَكِسْوَةِ ظَهْرِهِ، كَمَا فِي الدُّيُونِ الَّتِي عَلَيْهِ، وَيُبَاعُ مَنْزِلُهُ الَّذِي يَسْكُنُ فِيهِ وَشِوَارُ بَيْتِهِ، وَقَالَ أَشْهَبُ مِنْهُمْ: إنَّمَا يُتْرَكُ لَهُ مَا يُوَارِيه لِصَلَاتِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>