للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[إحكام الأحكام]

[وَقْتِ حُصُولِ الْعِتْقِ عِنْدَ وُجُودِ شَرَائِطِ السِّرَايَةِ إلَى الْبَاقِي]

الثَّالِثُ وَالْعِشْرُونَ: اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي وَقْتِ حُصُولِ الْعِتْقِ عِنْدَ وُجُودِ شَرَائِطِ السِّرَايَةِ إلَى الْبَاقِي وَلِلشَّافِعِيِّ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ:

أَحَدُهَا: وَهُوَ الْأَصَحُّ عِنْدَ أَصْحَابِهِ - أَنَّهُ يَحْصُلُ بِنَفْسِ الْإِعْتَاقِ، وَهِيَ رِوَايَةٌ عَنْ مَالِكٍ.

الثَّانِي: أَنَّ الْعِتْقَ لَا يَحْصُلُ إلَّا إذَا أَدَّى نَصِيبَ الشَّرِيكِ، وَهَذَا ظَاهِرُ مَذْهَبِ مَالِكٍ.

الثَّالِثُ: أَنْ يَتَوَقَّفَ: فَإِنْ أَدَّى الْقِيمَةَ بَانَ حُصُولُ الْعِتْقِ مِنْ وَقْتِ الْإِعْتَاقِ، وَإِلَّا بَانَ أَنَّهُ لَمْ يُعْتَقْ. وَأَلْفَاظُ الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ: مُخْتَلِفَةٌ عِنْدَ الرُّوَاةِ فَفِي بَعْضِهَا قُوَّةٌ لِمَذْهَبِ مَالِكٍ، وَفِي بَعْضِهَا ظُهُورٌ لِمَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ، وَفِي بَعْضِهَا احْتِمَالٌ مُتَقَارِبٌ، وَأَلْفَاظُ هَذِهِ الرِّوَايَةِ تُشْعِرُ بِمَا قَالَهُ مَالِكٌ، وَقَدْ اسْتَدَلَّ بِهَا عَلَى هَذَا الْمَذْهَبِ؛ لِأَنَّهَا تَقْتَضِي تَرْتِيبَ التَّقْوِيمِ عَلَى عِتْقِ النَّصِيبِ، وَتَعَقُّبِ الْإِعْطَاءِ وَعِتْقِ الْبَاقِي لِلتَّقْوِيمِ، فَهَذَا التَّرْتِيبُ بَيْنَ الْإِعْطَاءِ، وَعِتْقِ الْبَاقِي لِلتَّقْوِيمِ. فَالتَّقْوِيمُ إمَّا أَنْ يَكُونَ رَاجِعًا إلَى تَرْتِيبٍ فِي الْوُجُودِ، أَوْ إلَى تَرَتُّبٍ فِي الرُّتْبَةِ، وَالثَّانِي: بَاطِلٌ؛ لِأَنَّ عِتْقَ النَّصِيبِ الْبَاقِي - عَلَى قَوْلِ السِّرَايَةِ - بِنَفْسِ إعْتَاقِ الْأَوَّلِ إمَّا مَعَ إعْتَاقِ الْأَوَّلِ، أَوْ عَقِيبُهُ فَالتَّقْوِيمُ: إنْ أُرِيدَ بِهِ: الْأَمْرُ الَّذِي يُقَوِّمُ بِهِ الْحَاكِمُ وَالْمُقَوِّمَ: فَهُوَ مُتَأَخِّرٌ فِي الْوُجُودِ عَنْ عِتْقِ النَّصِيبِ وَالسِّرَايَةِ مَعًا فَلَا يَكُونُ عِتْقُ نَصِيبِ الشَّرِيكِ مُرَتَّبًا عَلَى التَّقْوِيمِ فِي الْوُجُودِ، مَعَ أَنَّ ظَاهِرَ اللَّفْظِ: يَقْتَضِيه، وَإِنْ أُرِيد بِالتَّقْوِيمِ: وُجُوبُ التَّقْوِيمِ مَعَ مَا فِيهِ مِنْ الْمَجَازِ فَالتَّقْوِيمُ بِهَذَا التَّفْسِيرِ: مَعَ الْعِتْقِ الْأَوَّلِ يَتَقَدَّمُ عَلَى الْإِعْطَاءِ وَعِتْقِ الْبَاقِي، فَلَا يَكُونُ عِتْقُ الْبَاقِي مُتَأَخِّرًا عَنْ التَّقْوِيمِ عَلَى هَذَا التَّفْسِيرِ، لَكِنَّهُ مُتَأَخِّرٌ عَلَى مَا دَلَّ عَلَيْهِ ظَاهِرُ اللَّفْظِ، وَإِذَا بَطَلَ الثَّانِي تَعَيَّنَ الْأَوَّلُ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ عِتْقُ الْبَاقِي رَاجِعًا إلَى التَّرْتِيبِ فِي الْوُجُودِ، أَيْ يَقَعُ أَوَّلًا التَّقْوِيمُ، ثُمَّ الْإِعْطَاءُ وَعِتْقُ الْبَاقِي، وَهُوَ مُقْتَضَى مَذْهَبِ مَالِكٍ إلَّا أَنَّهُ يَبْقَى عَلَى هَذَا احْتِمَالُ أَنْ يَكُونَ "، وَعَتَقَ " مَعْطُوفًا عَلَى " قُوِّمَ " لَا عَلَى " أَعْطَى " فَلَا يَلْزَمُ تَأَخُّرُ عِتْقِ الْبَاقِي عَلَى الْإِعْطَاءِ، وَلَا كَوْنُهُ مَعَهُ فِي دَرَجَةٍ وَاحِدَةٍ، فَعَلَيْكَ بِالنَّظَرِ فِي أَرْجَحِ الِاحْتِمَالَيْنِ، أَعْنِي عَطْفَهُ عَلَى " أَعْطَى " أَوْ عَطْفَهُ عَلَى " قُوِّمَ ".

<<  <  ج: ص:  >  >>