للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[إحكام الأحكام]

كَانَتْ الْيَدُ نَجِسَةً بِبَقَاءِ الْعَيْنِ فِيهَا، فَعِنْدَ انْفِصَالِهَا يَنْجُسُ الْمَحَلُّ بِهَا، وَكَذَلِكَ لَا يَكُونُ لِلطَّعْمِ؛؛ لِأَنَّ بَقَاءَ الطَّعْمِ دَلِيلٌ عَلَى بَقَاءِ الْعَيْنِ، وَلَا يَكُونُ لِإِزَالَةِ اللَّوْنِ؛؛ لِأَنَّ الْجَنَابَةَ بِالْإِنْزَالِ أَوْ بِالْمُجَامَعَةِ لَا تَقْتَضِي لَوْنًا يُلْصَقُ بِالْيَدِ، وَإِنْ اتَّفَقَ، فَنَادِرٌ جِدًّا، فَبَقِيَ أَنْ يَكُونَ لِإِزَالَةِ الرَّائِحَةِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ لِإِزَالَةِ رَائِحَةٍ تَجِبُ إزَالَتُهَا؛؛ لِأَنَّ الْيَدَ قَدْ انْفَصَلَتْ عَنْ الْمَحِلِّ عَلَى أَنَّهُ قَدْ طَهُرَ، وَلَوْ بَقِيَ مَا تَتَعَيَّنُ إزَالَتُهُ مِنْ الرَّائِحَةِ لَمْ يَكُنْ الْمَحِلُّ طَاهِرًا؛؛ لِأَنَّهُ عِنْدَ الِانْفِصَالِ تَكُونُ الْيَدُ نَجِسَةً، وَقَدْ لَابَسَتْ الْمَحِلَّ مُبْتَلًّا، فَيَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ: أَنْ يَكُونَ بَعْضُ الرَّائِحَةِ مَعْفُوًّا عَنْهُ، وَيَكُونُ الضَّرْبُ عَلَى الْأَرْضِ لِطَلَبِ الْأَكْمَلِ فِيمَا لَا تَجِبُ إزَالَتُهُ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالُ: فَصْلُ الْيَدِ عَنْ الْمَحِلِّ، بِنَاءً عَلَى ظَنِّ طَهَارَتِهِ بِزَوَالِ رَائِحَتِهِ، وَالضَّرْبُ عَلَى الْأَرْضِ لِإِزَالَةِ احْتِمَالٍ فِي بَقَاءِ الرَّائِحَةِ، مَعَ الِاكْتِفَاءِ بِالظَّنِّ فِي زَوَالِهَا، وَاَلَّذِي يُقَوِّي الِاحْتِمَالَ الْأَوَّلَ: مَا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ، مِنْ كَوْنِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " دَلَكَهَا دَلْكًا شَدِيدًا " وَالدَّلْكُ الشَّدِيدُ لَا يُنَاسِبُهُ هَذَا الِاحْتِمَالُ الضَّعِيفُ.

[حُكْم الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ فِي الْغُسْلِ] ١

الْخَامِسُ: قَوْلُهَا " ثُمَّ تَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ، وَغَسَلَ وَجْهَهُ وَذِرَاعَيْهِ " دَلِيلٌ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ هَذِهِ الْأَفْعَالِ فِي الْغُسْلِ، وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِ الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ فِي الْغُسْلِ: فَأَوْجَبَهُمَا أَبُو حَنِيفَةَ، وَنَفَى الْوُجُوبَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ، وَلَا دَلَالَةَ فِي الْحَدِيثِ عَلَى الْوُجُوبِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ مُطْلَقَ أَفْعَالِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلْوُجُوبِ، غَيْرَ أَنَّ الْمُخْتَارَ: أَنَّ الْفِعْلَ لَا يَدُلُّ عَلَى الْوُجُوبِ، إلَّا إذَا كَانَ بَيَانًا لِمُجْمَلٍ تَعَلَّقَ بِهِ الْوُجُوبُ، وَالْأَمْرُ بِالتَّطْهِيرِ مِنْ الْجَنَابَةِ لَيْسَ مِنْ قَبِيلِ الْمُجْمَلَاتِ.

السَّادِسُ: قَوْلُهَا " ثُمَّ أَفَاضَ عَلَى رَأْسِهِ الْمَاءَ " ظَاهِرُهُ: يَقْتَضِي أَنَّهُ لَمْ يَمْسَحْ رَأْسَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا يَفْعَلُ فِي الْوُضُوءِ، وَقَدْ اخْتَلَفَ أَصْحَابُ مَالِكٍ عَلَى الْقَوْلِ بِتَأْخِيرِ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ، كَمَا فِي حَدِيثِ مَيْمُونَةَ هَذَا: هَلْ يَمْسَحُ الرَّأْسَ أَمْ لَا؟ .

[تَأْخِير غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ عَنْ إكْمَالِ الْوُضُوءِ] ١

السَّابِعُ: قَوْلُهَا " ثُمَّ تَنَحَّى فَغَسَلَ رِجْلَيْهِ " يَقْتَضِي تَأْخِيرَ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ عَنْ إكْمَالِ الْوُضُوءِ، وَقَدْ اخْتَارَهُ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ، وَهُوَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَبَعْضُهُمْ اخْتَارَ إكْمَالَ الْوُضُوءِ، عَلَى ظَاهِرِ حَدِيثِ عَائِشَةَ الْمُتَقَدِّمِ، وَهُوَ الشَّافِعِيُّ، وَفَرَّقَ بَعْضُهُمْ بَيْنَ أَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>