للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الثَّالِثَةُ: ذَهَبَ الْحَارِثُ الْمُحَاسِبِيُّ إنَّ الْجِنَّ الَّذِينَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يَكُونُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؛ نَرَاهُمْ وَلَا يَرَوْنَا عَكْسَ مَا كَانُوا عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا الرَّابِعَةُ: صَرَّحَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِأَنَّ الْمَلَائِكَةَ فِي الْجَنَّةِ لَا يَرَوْنَ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ} وَقَدْ اسْتَثْنَى مِنْهُ مُؤْمِنِي الْبَشَرِ فَبَقِيَ عَلَى عُمُومِهِ فِي الْمَلَائِكَةِ.

قَالَ فِي آكَامِ الْمَرْجَانِ: وَمُقْتَضَى هَذَا أَنَّ الْجِنَّ لَا يَرَوْهُ لِأَنَّ الْآيَةَ بَاقِيَةٌ عَلَى الْعُمُومِ فِيهِمْ أَيْضًا (انْتَهَى) .

وَلَمْ يَتَعَقَّبْهُ الْأُسْيُوطِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ، وَفِي الِاسْتِدْلَالِ عَلَى عَدَمِ رُؤْيَةِ الْمَلَائِكَةِ وَالْجِنِّ بِالْآيَةِ نَظَرٌ، لِأَنَّهَا لَا تَدُلُّ عَلَى عَدَمِ رُؤْيَةِ الْمُؤْمِنِينَ أَصْلًا فَلَا اسْتِثْنَاءَ قَالَ الْقَاضِي الْبَيْضَاوِيُّ: لَا تُدْرِكُهُ أَيْ لَا تُحِيطُ بِهِ.

وَاسْتَدَلَّتْ الْمُعْتَزِلَةُ عَلَى امْتِنَاعِ الرُّؤْيَةِ وَهُوَ

ضَعِيفٌ؛ إذْ لَيْسَ الْإِدْرَاكُ بِمُطْلَقِ الرُّؤْيَةِ؛ وَلَا النَّفْيُ فِي الْآيَةِ عَامًّا فِي الْأَوْقَاتِ؛ فَلَعَلَّهُ مَخْصُوصٌ بِبَعْضِ الْحَالَاتِ، وَلَا فِي الْأَشْخَاصِ فَإِنَّهُ فِي قُوَّةِ قَوْلِنَا: كُلُّ بَصَرٍ لَا يُدْرِكُهُ مَعَ أَنَّ النَّفْيَ لَا يُوجِبُ الِامْتِنَاعَ (انْتَهَى) أَحْكَامُ الْمَحَارِمِ

الْمَحْرَمُ عِنْدَنَا مَنْ حَرُمَ نِكَاحُهُ عَلَى التَّأْبِيدِ بِنَسَبٍ أَوْ مُصَاهَرَةٍ أَوْ رَضَاعٍ.

وَلَوْ بِوَطْءٍ حَرَامٍ؛ فَخَرَجَ بِالْأَوَّلِ وَلَد الْعُمُومَةِ وَالْخُؤُولَةِ وَبِالثَّانِي أُخْتُ الزَّوْجَةِ وَعَمَّتُهَا أَوْ خَالَتُهَا، وَشَمِلَ أُمَّ الْمَزْنِيِّ بِهَا وَبِنْتَهَا وَآبَاءَ الزَّانِي وَابْنَهُ

وَأَحْكَامُهُ: تَحْرِيمُ النِّكَاحِ وَجَوَازُ النَّظَرِ وَالْخَلْوَةِ وَالْمُسَافَرَةِ إلَّا الْمَحْرَمَ مِنْ الرَّضَاعِ، فَإِنَّ الْخَلْوَةَ بِهَا مَكْرُوهَةٌ وَكَذَا بِالصِّهْرَةِ الشَّابَّةِ، وَحُرْمَةُ النِّكَاحِ عَلَى التَّأْبِيدِ لَا مُشَارَكَةَ لِلْمَحْرَمِ فِيهَا؛ فَإِنَّ الْمُلَاعَنَةَ تَحِلُّ إذَا كَذَّبَ نَفْسَهُ أَوْ خَرَجَ عَنْ أَهْلِيَّةِ الشَّهَادَةِ، وَالْمَجُوسِيَّةُ تَحِلُّ بِالْإِسْلَامِ أَوْ بِتَهَوُّدِهَا أَوْ تَنَصُّرِهَا، وَالْمُطَلَّقَةُ ثَلَاثًا بِدُخُولِ الثَّانِي وَانْقِضَاءِ عِدَّتِهِ، وَمَنْكُوحَةُ الْغَيْرِ بِطَلَاقِهَا وَانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا، وَمُعْتَدَّةُ الْغَيْرِ بِانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا.

وَكَذَا لَا مُشَارَكَةَ لِلْمَحْرَمِ فِي جَوَازِ النَّظَرِ وَالْخَلْوَةِ وَالسَّفَرِ، وَأَمَّا عَبْدُهَا فَكَالْأَجْنَبِيِّ عَلَى الْمُعْتَمَدِ لَكِنَّ الزَّوْجَ يُشَارِكُ الْمَحْرَمَ فِي هَذِهِ الثَّلَاثَةِ، وَالنِّسَاءُ الثِّقَاتُ لَا يَقُمْنَ مَقَامَ الزَّوْجِ وَالْمَحْرَمِ فِي السَّفَرِ

وَاخْتُصَّ الْمَحْرَمُ النَّسَبِيُّ بِأَحْكَامٍ:

مِنْهَا عِتْقُهُ عَلَى قَرِيبِهِ لَوْ مَلِكَهُ؛ وَلَا يَخْتَصُّ بِالْأَصْلِ وَالْفَرْعِ.

وَمِنْهَا وُجُوبُ نَفَقَةِ الْفَقِيرِ الْعَاجِزِ عَلَى قَرِيبِهِ الْغَنِيِّ فَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِهِ رَحِمًا مَحْرَمًا مِنْ جِهَةِ الْقَرَابَةِ، فَإِنَّ الْعَمَّ وَالْأَخَ مِنْ الرَّضَاعِ لَا يُعْتَقُ وَلَا تَجِبُ نَفَقَتُهُ، وَيُغَسِّلُ الْمَحْرَمُ قَرِيبَتَهُ.

وَمِنْهَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ التَّفْرِيقُ بَيْنَ صَغِيرٍ وَمَحْرَمٍ بِبَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ إلَّا

<<  <   >  >>