للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قَالَ الشَّارِحُونَ: إنَّ هَذَا الْأَصْلَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ فِي النِّكَاحِ وَالْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ وَسَائِرِ الْعُقُودِ، وَلَكِنْ أَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ جَعَلَ الْخَمْرَ وَالْخَلَّ جِنْسًا، وَالْحُرَّ وَالْعَبْدَ جِنْسًا وَاحِدًا فَتَعَلَّقَ بِالْمُشَارِ إلَيْهِ؛ فَوَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ فِيمَا لَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى هَذَا الدَّنِّ مِنْ الْخَلِّ وَأَشَارَ إلَى خَمْرٍ أَوْ عَلَى هَذَا الْعَبْدِ وَأَشَارَ إلَى حُرٍّ، وَلَوْ سَمَّى حَرَامًا وَأَشَارَ إلَى حَلَالٍ فَلَهَا الْحَلَالُ فِي الْأَصَحِّ، وَلَوْ سَمَّى الْبَيْعَ شَيْئًا وَأَشَارَ إلَى خِلَافِهِ؛ فَإِنْ كَانَ مِنْ خِلَافِ جِنْسِهِ بَطَلَ الْبَيْعُ كَمَا إذَا سَمَّى يَاقُوتًا وَأَشَارَ إلَى زُجَاجٍ لِكَوْنِهِ بَيْعَ الْمَعْدُومِ، وَلَوْ سَمَّى ثَوْبًا هَرَوِيًّا وَأَشَارَ إلَى مَرْوِيٍّ؛ اخْتَلَفُوا فِي بُطْلَانِهِ أَوْ فَسَادِهِ، هَكَذَا فِي الْخَانِيَّةِ فِي الْبَيْعِ الْبَاطِلِ ذُكِرَ الِاخْتِلَافُ فِي الثَّوْبِ دُونَ الْفَصِّ، وَنَظِيرُ الْفَصِّ: الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى مِنْ بَنِي آدَمَ جِنْسَانِ، بِخِلَافِهِمَا مِنْ الْحَيَوَانِ جِنْسٌ وَاحِدٌ فَلَهُ الْخِيَارُ إذَا كَانَ الْجِنْسُ مُتَّحِدًا وَالْفَائِتُ الْوَصْفَ وَفِي بَابِ الِاقْتِدَاءِ قَالُوا: لَوْ نَوَى الِاقْتِدَاءَ بِهَذَا الْإِمَامِ زَيْدٍ فَبَانَ عَمْرًا لَمْ يَصِحَّ الِاقْتِدَاءُ، وَلَوْ نَوَى الِاقْتِدَاءَ بِالْإِمَامِ الْقَائِمِ فِي الْمِحْرَابِ عَلَى ظَنِّ أَنَّهُ زَيْدٌ فَبَانَ أَنَّهُ عَمْرٌو يَصِحُّ، وَلَوْ نَوَى الِاقْتِدَاءَ بِهَذَا الشَّابِّ فَإِذَا هُوَ شَيْخٌ لَمْ يَصِحَّ الِاقْتِدَاءُ بِهِ، وَلَوْ بِهَذَا الشَّيْخِ فَإِذَا هُوَ شَابٌّ يَصِحُّ لِأَنَّ الشَّابَّ يُدْعَى شَيْخًا لِعِلْمِهِ، وَقِيَاسُ الْأَوَّلِ أَنَّهُ لَوْ صَلَّى عَلَى جِنَازَةٍ عَلَى أَنَّهُ رَجُلٌ فَبَانَ أَنَّهُ امْرَأَةٌ لَمْ تَصِحَّ.

وَاسْتَنْبَطَ مِنْ مَسْأَلَةِ الِاقْتِدَاءِ شَيْخُ الْإِسْلَامِ الْعَيْنِيُّ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ عِنْدَ الْكَلَامِ عَلَى الْحَدِيثِ: {صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ} أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِالتَّسْمِيَةِ عِنْدَ أَصْحَابِنَا رَحِمَهُمُ اللَّهُ فَلَا يَخْتَصُّ الثَّوَابُ بِمَا كَانَ فِي زَمَنِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى آخِرِ مَا قَالَهُ، وَأَمَّا فِي النِّكَاحِ، فَقَالَ فِي الْخَانِيَّةِ: رَجُلٌ لَهُ بِنْتٌ وَاحِدَةٌ اسْمُهَا عَائِشَةُ، فَقَالَ الْأَبُ وَقْتَ الْعَقْدِ زَوَّجْت مِنْك بِنْتِي فَاطِمَةَ لَا يَنْعَقِدُ النِّكَاحُ، وَلَوْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ حَاضِرَةً فَقَالَ الْأَبُ زَوَّجْتُك بِنْتِي فَاطِمَةَ هَذِهِ، وَأَشَارَ إلَى عَائِشَةَ وَغَلِطَ فِي اسْمِهَا، فَقَالَ الزَّوْجُ قَبِلْت جَازَ (انْتَهَى) .

وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ: زَوَّجْتُك هَذَا الْغُلَامَ وَأَشَارَ إلَى بِنْتِهِ لَصَحَّتْ تَعْوِيلًا عَلَى الْإِشَارَةِ، وَكَذَا

لَوْ قَالَ: زَوَّجْتُك هَذِهِ الْعَرَبِيَّةَ فَكَانَتْ أَعْجَمِيَّةً، أَوْ هَذِهِ الْعَجُوزَ فَكَانَتْ شَابَّةً، أَوْ هَذِهِ الْبَيْضَاءَ فَكَانَتْ سَوْدَاءَ أَوْ عَكْسَهُ، وَكَذَا الْمُخَالَفَةُ فِي جَمِيعِ وُجُوهِ النَّسَبِ وَالصِّفَاتِ وَالْعُلُوِّ وَالنُّزُولِ وَأَمَّا فِي بَابِ الْأَيْمَانِ؛ فَقَالُوا: لَوْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ هَذَا الصَّبِيَّ أَوْ هَذَا الشَّابَّ فَكَلَّمَهُ بَعْدَ مَا شَاخَ حَنِثَ، وَلَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ لَحْمَ هَذَا الْحَمَلِ فَأَكَلَ بَعْدَ مَا صَارَ كَبْشًا حَنِثَ لِأَنَّ فِي الْأَوَّلِ وَصْفَ الصِّبَا، وَإِنْ كَانَ دَاعِيًا إلَى الْيَمِينِ لَكِنَّهُ مَنْهِيٌّ عَنْهُ شَرْعًا، وَفِي

<<  <   >  >>