للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تَنْبِيهٌ

اشْتَمَلَتْ قَاعِدَةُ الْأُمُورِ بِمَقَاصِدِهَا عَلَى عِدَّةِ قَوَاعِدَ كَمَا تَبَيَّنَ لَك وَقَدْ أَتَيْنَا عَلَى عُيُونِ مَسَائِلِهَا وَإِلَّا فَمَسَائِلُهَا لَا تُحْصَى وَفُرُوعُهَا لَا تُسْتَقْصَى.

خَاتِمَةٌ

تَجْرِي قَاعِدَةُ الْأُمُورِ بِمَقَاصِدِهَا فِي عِلْمِ الْعَرَبِيَّةِ أَيْضًا فَأَوَّلُ مَا اعْتَبَرُوا ذَلِكَ فِي الْكَلَامِ فَقَالَ سِيبَوَيْهِ، وَالْجُمْهُورُ بِاشْتِرَاطِ الْقَصْدِ فِيهِ فَلَا يُسَمَّى كَلَامًا مَا نَطَقَ بِهِ النَّائِمُ وَالسَّاهِي وَمَا تَحْكِيهِ الْحَيَوَانَاتُ الْمُعَلَّمَةُ وَخَالَفَ بَعْضُهُمْ فَلَمْ يَشْتَرِطْهُ وَسَمَّى كُلَّ ذَلِكَ كَلَامًا وَاخْتَارَهُ أَبُو حَيَّانَ.

وَفُرِّعَ عَلَى ذَلِكَ مِنْ الْفِقْهِ مَا إذَا حَلَفَ لَا يُكَلِّمُهُ فَكَلَّمَهُ نَائِمًا بِحَيْثُ يَسْمَعُ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ وَفِي بَعْضِ رِوَايَاتِ الْمَبْسُوطِ شَرَطَ أَنْ يُوقِظَهُ وَعَلَيْهِ مَشَايِخُنَا؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَنْتَبِهْ كَانَ كَمَا إذَا نَادَاهُ مِنْ بَعِيدٍ، وَهُوَ بِحَيْثُ لَا يَسْمَعُ صَوْتَهُ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ قَدْ اخْتَلَفَ التَّصْحِيحُ فِيهَا كَمَا بَيَّنَّاهُ فِي الشَّرْحِ وَلَمْ أَرَ إلَى الْآنَ حُكْمَ إذَا مَا كَلَّمَهُ مُغْمًى عَلَيْهِ، أَوْ مَجْنُونًا، أَوْ سَكْرَانَ، وَلَوْ سَمِعَ آيَةَ السَّجْدَةِ مِنْ حَيَوَانٍ صَرَّحُوا بِعَدَمِ وُجُوبِهَا عَلَى الْمُخْتَارِ لِعَدَمِ أَهْلِيَّةِ الْقَارِئِ بِخِلَافِ مَا إذَا سَمِعَهَا مِنْ جُنُبٍ، أَوْ حَائِضٍ، وَالسَّمَاعُ مِنْ الْمَجْنُونِ لَا يُوجِبُهَا، وَمِنْ النَّائِمِ يُوجِبُهَا عَلَى الْمُخْتَارِ.

وَكَذَا تَجِبُ بِسَمَاعِهَا مِنْ سَكْرَانَ،

وَمِنْ ذَلِكَ الْمُنَادَى النَّكِرَةُ إنْ قَصَدَ نِدَاءَ وَاحِدٍ بِعَيْنِهِ يُعَرَّفُ وَوَجَبَ بِنَاؤُهُ عَلَى الضَّمِّ، وَإِلَّا لَمْ يُعَرَّفْ وَأُعْرِبَ بِالنَّصْبِ، وَمِنْ ذَلِكَ الْعَلَمُ الْمَنْقُولُ مِنْ صِفَةٍ إنْ قُصِدَ بِهِ لَمْحُ الصِّفَةِ الْمَنْقُولِ مِنْهَا أُدْخِلَ فِيهِ الْأَلِفُ وَاللَّامُ وَإِلَّا فَلَا،

وَفُرُوعُ ذَلِكَ كَثِيرَةٌ وَتَجْرِي هَذِهِ الْقَاعِدَةُ فِي الْعَرُوضِ أَيْضًا، فَإِنَّ الشِّعْر عِنْدَ أَهْلِهِ كَلَامٌ مَوْزُونٌ مَقْصُودٌ بِهِ ذَلِكَ، أَمَّا مَا يَقَعُ مَوْزُونًا اتِّفَاقًا لَا عَنْ قَصْدٍ مِنْ الْمُتَكَلِّمِ فَإِنَّهُ لَا يُسَمَّى شِعْرًا، وَعَلَى ذَلِكَ خُرِّجَ مَا وَقَعَ فِي كَلَامِ اللَّهِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} وَفِي كَلَامِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَقَوْلِهِ:

هَلْ أَنْتَ إلَّا إصْبَعٌ دَمِيتِ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ مَا لَقِيتِ

الْقَاعِدَةُ الثَّالِثَةُ: الْيَقِينُ لَا يَزُولُ بِالشَّكِّ

وَدَلِيلُهَا مَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَرْفُوعًا {إذَا وَجَدَ أَحَدُكُمْ فِي بَطْنِهِ شَيْئًا فَأَشْكَلَ عَلَيْهِ أَخَرَجَ مِنْهُ شَيْءٌ أَمْ لَا فَلَا يَخْرُجَنَّ مِنْ الْمَسْجِدِ حَتَّى

<<  <   >  >>