للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

مَنْ يَقُولُ: إِنَّ سُتْرَةَ الْإِمَامِ سُتْرَةُ مَنْ خَلْفَهُ يَضُرُّ صَلَاتَهُ وَصَلَاتَهُمْ مَعًا، وَعَلَى قَوْلِ مَنْ يَقُولُ: إِنَّ الْإِمَامَ نَفْسَهُ سُتْرَةُ مَنْ خَلْفَهُ يَضُرُّ صَلَاتَهُ وَلَا يَضُرُّ صَلَاتَهُمْ، وَقَدْ تَقَدَّمَتْ بَقِيَّةُ مَبَاحِثِ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي كِتَابِ الْعِلْمِ.

٤٩٤ - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ كَانَ إِذَا خَرَجَ يَوْمَ الْعِيدِ أَمَرَ بِالْحَرْبَةِ فَتُوضَعُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَيُصَلِّي إِلَيْهَا وَالنَّاسُ وَرَاءَهُ، وَكَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي السَّفَرِ، فَمِنْ ثَمَّ اتَّخَذَهَا الْأُمَرَاءُ.

[الحديث ٤٩٤ - أطرافه في: ٩٧٣، ٩٧٢، ٤٩٨]

قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ) قَالَ أَبُو عَلِيِّ الْجَيَّانِيُّ: لَمْ أَجِدْ إِسْحَاقَ هَذَا مَنْسُوبًا لِأَحَدٍ مِنَ الرُّوَاةِ: قُلْتُ: وَقَدْ جَزَمَ أَبُو نُعَيْمٍ، وَخَلَفٌ وَغَيْرُهَما بِأَنَّهُ إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ.

قَوْلُهُ: (أَمَرَ بِالْحَرْبَةِ) أَيْ: أَمَرَ خَادِمَهُ بِحَمْلِ الْحَرْبَةِ، وَلِلْمُصَنِّفِ فِي الْعِيدَيْنِ مِنْ طَرِيقِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْ نَافِعٍ: كَانَ يَغْدُو إِلَى الْمُصَلَّى وَالْعَنَزَةُ تُحْمَلُ وَتُنْصَبُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَيُصَلِّي إِلَيْهَا، زَادَ ابْنُ مَاجَهْ، وَابْنُ خُزَيْمَةَ، وَالْإِسْمَاعِيلِيُّ: وَذَلِكَ أَنَّ الْمُصَلَّى كَانَ فَضَاءً لَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ يَسْتُرُهُ.

قَوْلُهُ: (وَالنَّاسُ) بِالرَّفْعِ عَطْفًا عَلَى فَاعِلِ فَيُصَلِّي.

قَوْلُهُ: (وَكَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ) أَيْ: نَصْبَ الْحَرْبَةَ بَيْنَ يَدَيْهِ حَيْثُ لَا يَكُونُ جِدَارٌ.

قَوْلُهُ: (فَمِنْ ثَمَّ) أَيْ: فَمِنْ تِلْكَ الْجِهَةِ اتَّخَذَ الْأُمَرَاءُ الْحَرْبَةَ يَخْرُجُ بِهَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ فِي الْعِيدِ وَنَحْوِهِ، وَهَذِهِ الْجُمْلَةُ الْأَخِيرَةُ فَصَّلَهَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ، فَجَعَلَهَا مِنْ كَلَامِ نَافِعٍ كَمَا أَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ، وَأَوْضَحْتُهُ فِي كِتَابِ الْمُدْرَجِ.

وَفِي الْحَدِيثِ الِاحْتِيَاطُ لِلصَّلَاةِ وَأَخْذُ آلَةِ دَفْعِ الْأَعْدَاءِ لَا سِيَّمَا فِي السَّفَرِ، وَجَوَازُ الِاسْتِخْدَامِ وَغَيْرِ ذَلِكَ. وَالضَّمِيرُ فِي اتَّخَذَهَا يُحْتَمَلُ عَوْدُهُ إِلَى الْحَرْبَةِ نَفْسِهَا أَوْ إِلَى جِنْسِ الْحَرْبَةِ، وَقَدْ رَوَى عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ فِي أَخْبَارِ الْمَدِينَةِ مِنْ حَدِيثِ سَعْدٍ الْقَرَظِ: أَنَّ النَّجَاشِيَّ أَهْدَى إِلَى النَّبِيِّ حَرْبَةً فَأَمْسَكَهَا لِنَفْسِهِ، فَهِيَ الَّتِي يَمْشِي بِهَا مَعَ الْإِمَامِ يَوْمَ الْعِيدِ. وَمِنْ طَرِيقِ اللَّيْثِ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ الْعَنَزَةَ الَّتِي كَانَتْ بَيْنَ يَدَيِ النَّبِيِّ كَانَتْ لِرَجُلٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ فَقَتَلَهُ الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ يَوْمَ أُحُدٍ فَأَخَذَهَا مِنْهُ النَّبِيُّ فَكَانَ يَنْصِبُهَا بَيْنَ يَدَيْهِ إِذَا صَلَّى. وَيَحْتَمِلُ الْجَمْعُ بِأَنَّ عَنَزَةَ الزُّبَيْرِ كَانَتْ أَوَّلًا قَبْلَ حَرْبَةِ النَّجَاشِيِّ.

(فَائِدَةٌ): حَدِيثُ أَبِي جُحَيْفَةَ أَخْرَجَهُ الْمُصَنِّفُ مُطَوَّلًا وَمُخْتَصَرًا، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الطَّهَارَةِ فِي بَابِ اسْتِعْمَالِ فَضْلِ وَضُوءِ النَّاسِ، وَفِي حَدِيثِ سَتْرِ الْعَوْرَةِ مِنَ الصَّلَاةِ فِي بَابِ الصَّلَاةِ فِي الثَّوْبِ الْأَحْمَرِ، وَذَكَرَهُ أَيْضًا هُنَا وَبَعْدَ بَابَيْنِ أَيْضًا، وَفِي الْأَذَانِ، وَفِي صِفَةِ النَّبِيِّ فِي مَوْضِعَيْنِ، وَفِي اللِّبَاسِ فِي مَوْضِعَيْنِ، وَمَدَارُهُ عِنْدَهُ عَلَى الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ وَعَلَى عَوْنِ بْنِ أَبِي جُحَيْفَةَ كِلَاهُمَا عَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ، وَعِنْدَ أَحَدِهِمَا مَا لَيْسَ عِنْدَ الْآخَرِ، وَقَدْ سَمِعَهُ شُعْبَةُ مِنْهُمَا كَمَا سَيَأْتِي وَاضِحًا.

٤٩٥ - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَوْنِ بْنِ أَبِي جُحَيْفَةَ قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى بِهِمْ بِالْبَطْحَاءِ - وَبَيْنَ يَدَيْهِ عَنَزَةٌ - الظُّهْرَ رَكْعَتَيْنِ وَالْعَصْرَ رَكْعَتَيْنِ تَمُرُّ بَيْنَ يَدَيْهِ الْمَرْأَةُ وَالْحِمَارُ.

قَوْلُهُ: (أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى بِهِمْ بِالْبَطْحَاءِ) يَعْنِي: بَطْحَاءَ مَكَّةَ، وَهُوَ مَوْضِعٌ خَارِجَ مَكَّةَ، وَهُوَ الَّذِي يُقَالُ لَهُ الْأَبْطَحُ، وَكَذَا ذَكَرَهُ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي الْعُمَيْسِ، عَنْ عَوْنٍ، وَزَادَ مِنْ رِوَايَةِ آدَمَ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ عَوْنٍ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ بِالْهَاجِرَةِ، فَيُسْتَفَادُ مِنْهُ - كَمَا ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ - أَنَّهُ جَمَعَ حِينَئِذٍ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ فِي وَقْتِ الْأُولَى مِنْهُمَا، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ: وَالْعَصْرَ رَكْعَتَيْنِ أَيْ: بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِهَا.

قَوْلُهُ: (وَبَيْنَ يَدَيْهِ عَنَزَةٌ) تَقَدَّمَ ضَبْطُهَا وَتَفْسِيرُهَا فِي الطَّهَارَةِ