للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بِلَالٌ أَنْ يَشْفَعَ الْأَذَانَ وَأَنْ يُوتِرَ الْإِقَامَةَ قَالَ إِسْمَاعِيلُ: فَذَكَرْتُ لِأَيُّوبَ فَقَالَ: إِلَّا الْإِقَامَةَ.

قَوْله: (بَابُ الْإِقَامَةُ وَاحِدَةٌ) قَالَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ: خَالَفَ الْبُخَارِيُّ لَفْظَ الْحَدِيثِ فِي التَّرْجَمَةِ فَعَدَلَ عَنْهُ إِلَى قَوْلِهِ: وَاحِدَةٌ لِأَنَّ لَفْظَ الْوِتْرِ غَيْرَ مُنْحَصِرٍ فِي الْمَرَّةِ فَعَدَلَ عَنْ لَفْظٍ فِيهِ الِاشْتِرَاكُ إِلَى مَا لَا اشْتِرَاكَ فِيهِ.

قُلْتُ: وَإِنَّمَا لَمْ يَقُلْ وَاحِدَةً وَاحِدَةً مُرَاعَاةً لِلَفْظِ الْخَبَرِ الْوَارِدِ فِي ذَلِكَ، وَهُوَ عِنْدَ ابْنِ حِبَّانَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ الَّذِي أَشَرْتُ إِلَيْهِ فِي الْبَابِ الْمَاضِي وَلَفْظُهُ: الْأَذَانُ مَثْنَى وَالْإِقَامَةُ وَاحِدَةٌ وَرَوَى الدَّارَقُطْنِيُّ وَحَسَّنَهُ فِي حَدِيثٍ لِأَبِي مَحْذُورَةَ وَأَمَرَهُ أَنْ يُقِيمَ وَاحِدَةً وَاحِدَةً.

قَوْله: (إِلَّا قَوْلَهُ قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ) هُوَ لَفْظُ مَعْمَرٍ، عَنْ أَيُّوبَ كَمَا تَقَدَّمَ، قِيلَ: وَاعْتَرَضَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ بِأَنَّ إِيرَادَ حَدِيثِ سِمَاكِ بْنِ عَطِيَّةَ فِي هَذَا الْبَابِ أَوْلَى مِنْ إِيرَادِ حَدِيثِ ابْنِ عُلَيَّةَ، وَالْجَوَابُ: أَنَّ الْمُصَنِّفَ قَصَدَ رَفْعَ تَوَهُّمِ مَنْ يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ مَوْقُوفٌ عَلَى أَيُّوبَ لِأَنَّهُ أَوْرَدَهُ فِي مَقَامِ الِاحْتِجَاجِ بِهِ، وَلَوْ كَانَ عِنْدَهُ مَقْطُوعًا لَمْ يُحْتَجَّ بِهِ.

قَوْله: (حَدَّثَنَا خَالِدٌ) هُوَ الْحَذَّاءُ كَمَا تَقَدَّمَ، وَالْإِسْنَادُ كُلُّهُ بَصْرِيُّونَ.

قَوْله: (قَالَ إِسْمَاعِيلُ) هُوَ ابْنُ إِبْرَاهِيمَ الْمَذْكُورُ فِي أَوَّلِ الْإِسْنَادِ وَهُوَ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ عُلَيَّةَ، وَلَيْسَ هُوَ مُعَلَّقًا.

قَوْله: (فَذَكَرْتُ) كَذَا لِلْأَكْثَرِ بِحَذْفِ الْمَفْعُولِ، وَلِلكُشْمِيهَنِيِّ، وَالْأَصِيلِيِّ فَذَكَرْتُهُ أَيْ حَدِيثَ خَالِدٍ، وَهَذَا الْحَدِيثُ حُجَّةٌ عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّ الْإِقَامَةَ مَثْنَى مِثْلَ الْأَذَانِ. وَأَجَابَ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ بِدَعْوَى النَّسْخِ، وَأَنَّ إِفْرَادَ الْإِقَامَةِ كَانَ أَوَّلًا ثُمَّ نُسِخَ بِحَدِيثِ أَبِي مَحْذُورَةَ، يَعْنِي الَّذِي رَوَاهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ، وَفِيهِ تَثْنِيَةُ الْإِقَامَةِ، وَهُوَ مُتَأَخِّرٌ عَنْ حَدِيثِ أَنَسٍ فَيَكُونُ نَاسِخًا. وَعُورِضَ بِأَنَّ فِي بَعْضِ طُرُقِ حَدِيثِ أَبِي مَحْذُورَةَ الْمُحَسَّنَةِ التَّرْبِيعُ وَالتَّرْجِيعُ فَكَانَ يَلْزَمُهُمُ الْقَوْلُ بِهِ، وَقَدْ أَنْكَرَ أَحْمَدُ عَلَى مَنِ ادَّعَى النَّسْخَ بِحَدِيثِ أَبِي مَحْذُورَةَ وَاحْتَجَّ بِأَنَّ النَّبِيَّ ﷺ رَجَعَ بَعْدَ الْفَتْحِ إِلَى الْمَدِينَةِ وَأَقَرَّ بِلَالًا عَلَى إِفْرَادِ الْإِقَامَةِ وَعَلِمَهُ سَعْدٌ الْقَرَظُ فَأَذَّنَ بِهِ بَعْدَهُ كَمَا رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ، وَالْحَاكِمُ، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: ذَهَبَ أَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَدَاوُدُ، وَابْنُ جَرِيرٍ إِلَى أَنَّ ذَلِكَ مِنَ الِاخْتِلَافِ الْمُبَاحِ، فَإِنْ رَبَّعَ التَّكْبِيرَ الْأَوَّلَ فِي الْأَذَانِ، أَوْ ثَنَّاهُ، أَوْ رَجَّعَ فِي التَّشَهُّدِ أَوْ لَمْ يُرَجِّعْ، أَوْ ثَنَّى الْإِقَامَةَ أَوْ أَفْرَدَهَا كُلَّهَا أَوْ إِلَّا قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ فَالْجَمِيعُ جَائِزٌ. وَعَنِ ابْنِ خُزَيْمَةَ إِنْ رَبَّعَ الْأَذَانَ وَرَجَّعَ فِيهِ ثَنَّى الْإِقَامَةَ وَإِلَّا أَفْرَدَهَا، وَقِيلَ: لَمْ يَقُلْ بِهَذَا التَّفْصِيلِ أَحَدٌ قَبْلَهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

(فَائِدَةٌ): قِيلَ: الْحِكْمَةُ فِي تَثْنِيَةِ الْأَذَانِ وَإِفْرَادِ الْإِقَامَةِ أَنَّ الْأَذَانَ لِإِعْلَامِ الْغَائِبِينَ فَيُكَرَّرُ لِيَكُونَ أَوْصَلَ إِلَيْهِمْ، بِخِلَافِ الْإِقَامَةِ فَإِنَّهَا لِلْحَاضِرِينِ، وَمِنْ ثَمَّ اسْتُحِبَّ أَنْ يَكُونَ الْأَذَانُ فِي مَكَانٍ عَالٍ بِخِلَافِ الْإِقَامَةِ، وَأَنْ يَكُونَ الصَّوْتُ فِي الْأَذَانِ أَرْفَعَ مِنْهُ فِي الْإِقَامَةِ، وَأَنْ يَكُونَ الْأَذَانُ مُرَتَّلًا وَالْإِقَامَةُ مُسَرَّعَةً، وَكُرِّرَ قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ لِأَنَّهَا الْمَقْصُودَةُ مِنَ الْإِقَامَةِ بِالذَّاتِ.

قُلْتُ: تَوْجِيهُهُ ظَاهِرٌ، وَأَمَّا قَوْلُ الْخَطَّابِيِّ: لَوْ سَوَّى بَيْنَهُمَا لَاشْتَبَهَ الْأَمْرُ عِنْدَ ذَلِكَ وَصَارَ لِأَنْ يَفُوتَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ، فَفِيهِ نَظَرٌ، لِأَنَّ الْأَذَانَ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ عَلَى مَكَانٍ عَالٍ لِتَشْتَرِكَ الْأَسْمَاعُ كَمَا تَقَدَّمَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى تَثْنِيَةِ التَّكْبِيرِ، وَتُؤْخَذُ حِكْمَةُ التَّرْجِيعِ مِمَّا تَقَدَّمَ، وَإِنَّمَا اخْتُصَّ بِالتَّشَهُّدِ لِأَنَّهُ أَعْظَمُ أَلْفَاظِ الْأَذَانِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

٤ - بَاب فَضْلِ التَّأْذِينِ

٦٠٨ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ أَدْبَرَ الشَّيْطَانُ وَلَهُ ضُرَاطٌ حَتَّى لَا يَسْمَعَ التَّأْذِينَ فَإِذَا قَضَى النِّدَاءَ أَقْبَلَ حَتَّى إِذَا