للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

خَاصٌّ وَعَدَدُ مَنْ يَسْمَعُهَا مَحْصُورٌ فَلَا يَعْسُرُ أَنْ يَدْعُوَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى وُجُوبِ إِجَابَةِ الْمُؤَذِّنِ، حَكَاهُ الطَّحَاوِيُّ عَنْ قَوْمٍ مِنَ السَّلَفِ وَبِهِ قَالَ الْحَنَفِيَّةُ: وَأَهْلُ الظَّاهِرِ وَابْنُ وَهْبٍ، وَاسْتُدِلَّ لِلْجُمْهُورِ بِحَدِيثٍ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ إِنَّهُ ﷺ سَمِعَ مُؤَذِّنًا فَلَمَّا كَبَّرَ قَالَ: عَلَى الْفِطْرَةِ، فَلَمَّا تَشَهَّدَ قَالَ: خَرَجَ مِنَ النَّارِ قَالَ: فَلَمَّا قَالَ ﵊ غَيْرَ مَا قَالَ الْمُؤَذِّنُ عَلِمْنَا أَنَّ الْأَمْرَ بِذَلِكَ لِلِاسْتِحْبَابِ.

وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ مِثْلَ مَا قَالَ، فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قَالَهُ وَلَمْ يَنْقُلْهُ الرَّاوِي اكْتِفَاءً بِالْعَادَةِ وَنَقَلَ الْقَوْلَ الزَّائِدَ، وَبِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ وَقَعَ قَبْلَ صُدُورِ الْأَمْرِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الرَّجُلُ لَمَّا أَمَرَ لَمْ يُرِدْ أَنْ يُدْخِلَ نَفْسَهُ فِي عُمُومِ مَنْ خُوطِبَ بِذَلِكَ، قِيلَ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الرَّجُلُ لَمْ يَقْصِدِ الْأَذَانَ لَكِنْ يَرُدُّ هَذَا الْأَخِيرَ أَنَّ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ أَنَّهُ حَضَرَتْهُ الصَّلَاةُ

قَوْله: (حَدَّثَنَا هِشَامٌ) هُوَ الدَّسْتُوَائِيُّ وَيَحْيَى هُوَ ابْنُ أَبِي كَثِيرٍ.

قَوْله: (أَنَّهُ سَمِعَ مُعَاوِيَةَ يَوْمًا فَقَالَ مِثْلَهُ - إِلَى قَوْلِهِ - وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ) هَكَذَا أَوْرَدَ الْمَتْنَ هُنَا مُخْتَصَرًا، وَقَدْ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ هِشَامٍ وَلَفْظُهُ: كُنَّا عِنْدَ مُعَاوِيَةَ فَنَادَى الْمُنَادِي بِالصَّلَاةِ فَقَالَ مِثْلَ مَا قَالَ، ثُمَّ قَالَ: هَكَذَا سَمِعْتُ نَبِيَّكُمْ ثُمَّ قَالَ الْبُخَارِيُّ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ أَنْبَأَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ يَحْيَى نَحْوَهُ. قَالَ يَحْيَى: وَحَدَّثَنِي بَعْضُ إِخْوَانِنَا أَنَّهُ لَمَّا قَالَ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ قَالَ: لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ، وَقَالَ: هَكَذَا سَمِعْتُ نَبِيَّكُمْ يَقُولُ. انْتَهَى. فَأَحَالَ بِقَوْلِهِ نَحْوَهُ عَلَى الَّذِي قَبْلَهُ، وَقَدْ عَرَفْتُ أَنَّهُ لَمْ يَسُقْ لَفْظَهُ كُلَّهُ، وَقَدْ وَقَعَ لَنَا هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ طُرُقٍ عَنْ هِشَامٍ الْمَذْكُورِ تَامًّا، مِنْهَا لِلْإِسْمَاعِيلِيِّ مِنْ طَرِيقِ مُعَاذِ بْنِ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ يَحْيَى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ طَلْحَةَ قَالَ: دَخَلْنَا عَلَى مُعَاوِيَةَ، فَنَادَى مُنَادٍ بِالصَّلَاةِ، فَقَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ. فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ. فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: وَأَنَا أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ. فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، فَقَالَ مُعَاوِيَة: وَأَنَا أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ.

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ قَالَ: حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ يَحْيَى نَحْوَهُ.

قَالَ يَحْيَى: فَحَدَّثَنِي صَاحِبٌ لَنَا أَنَّهُ لَمَّا قَالَ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ قَالَ: لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ. ثُمَّ قَالَ هَكَذَا سَمِعْنَا نَبِيَّكُمْ). انْتَهَى. فَاشْتَمَلَ هَذَا السِّيَاقُ عَلَى فَوَائِدَ: أَحَدُهَا تَصْرِيحُ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ بِالسَّمَاعِ لَهُ مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ فَأُمِنَ مَا يُخْشَى مِنْ تَدْلِيسِهِ، ثَانِيهَا: بَيَانُ مَا اخْتُصِرَ مِنْ رِوَايَتَيِ الْبُخَارِيِّ، ثَالِثُهَا: أَنَّ قَوْلَهُ فِي الرِّوَايَةِ الْأُولَى: أَنَّهُ سَمِعَ مُعَاوِيَةَ يَوْمًا فَقَالَ مِثْلَهُ فِيهِ حَذْفٌ تَقْدِيرُهُ: أَنَّهُ سَمِعَ مُعَاوِيَةَ يَسْمَعُ الْمُؤَذِّنَ يَوْمًا فَقَالَ مِثْلَهُ، رَابِعُهَا: أَنَّ الزِّيَادَةَ فِي رِوَايَةِ وَهْبِ بْنِ جَرِيرٍ لَمْ يَنْفَرِدْ بِهَا لِمُتَابَعَةِ مُعَاذِ بْنِ هِشَامٍ لَهُ، خَامِسُهَا: أَنَّ قَوْلَهُ: قَالَ يَحْيَى لَيْسَ تَعْلِيقًا مِنَ الْبُخَارِيِّ كَمَا زَعَمَهُ بَعْضُهُمْ، بَلْ هُوَ عِنْدَهُ بِإِسْنَادِ إِسْحَاقَ. وَأَبْدَى الْحَافِظُ قُطْبُ الدِّينِ احْتِمَالًا أَنَّهُ عِنْدَهُ بِإِسْنَادَيْنِ، ثُمَّ إِنَّ إِسْحَاقَ هَذَا لَمْ يُنْسَبْ وَهُوَ ابْنُ رَاهْوَيْهِ، كَذَلِكَ صَرَّحَ بِهِ أَبُو نُعَيْمٍ فِي مُسْتَخْرَجِهِ، وَأَخْرَجَهُ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شِيرَوَيْهِ عَنْهُ.

وَأَمَّا الْمُبْهَمُ الَّذِي حَدَّثَ يَحْيَى بِهِ عَنْ مُعَاوِيَةَ فَلَمْ أَقِفْ فِي شَيْءٍ مِنَ الطُّرُقِ عَلَى تَعْيِينِهِ، وَحَكَى الْكِرْمَانِيُّ عَنْ غَيْرِهِ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْأَوْزَاعِيُّ، وَفِيهِ نَظَرٌ، لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ قَائِلَ ذَلِكَ لِيَحْيَى حَدَّثَهُ بِهِ عَنْ مُعَاوِيَةَ، وَأَيْنَ عَصْرُ الْأَوْزَاعِيِّ مِنْ عَصْرِ مُعَاوِيَةَ؟ وَقَدْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّي أَنَّهُ عَلْقَمَةُ بْنُ وَقَّاصٍ إِنْ كَانَ يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ أَدْرَكَهُ، وَإِلَّا فَأَحَدُ ابْنَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلْقَمَةَ أَوْ عَمْرُو بْنُ عَلْقَمَةَ، وَإِنَّمَا قُلْتُ ذَلِكَ لِأَنَّنِي جَمَعْتُ طُرُقَهُ عَنْ مُعَاوِيَةَ فَلَمْ أَجِدْ هَذِهِ الزِّيَادَةَ فِي ذِكْرِ الْحَوْقَلَةِ إِلَّا مِنْ طَرِيقَيْنِ: أَحَدُهُمَا عَنْ نَهْشَلٍ التَّمِيمِيِّ، عَنْ مُعَاوِيَةَ وَهُوَ فِي الطَّبَرَانِيِّ بِإِسْنَادٍ وَاهٍ، وَالْآخَرُ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنُ وَقَّاصٍ عَنْهُ، وَقَدْ أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ وَاللَّفْظُ لَهُ، وَابْنُ خُزَيْمَةَ وَغَيْرُهُمَا مِنْ طَرِيقِ ابْنِ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ يَحْيَى أَنَّ عِيسَى بْنَ عَمْرٍو أَخْبَرَهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلْقَمَةَ بْنِ وَقَّاصٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ إِنِّي لَعِنْدَ مُعَاوِيَةَ إِذْ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ