للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

لَا يُسْمِعَ النَّاسَ. انْتَهَى. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ﵁ فَهِمَ مِنَ الْإِمَامَةِ الصُّغْرَى الْإِمَامَةَ الْعُظْمَى وَعَلِمَ مَا فِي تَحَمُّلِهَا مِنَ الْخَطَرِ، وَعَلِمَ قُوَّةَ عُمَرَ عَلَى ذَلِكَ، فَاخْتَارَهُ. وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّهُ عِنْدَ الْبَيْعَةِ أَشَارَ عَلَيْهِمْ أَنْ يُبَايِعُوهُ أَوْ يُبَايِعُوا أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَى الْمُرَاجَعَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ، وَفَهِمَ مِنَ الْأَمْرِ لَهُ بِذَلِكَ تَفْوِيضَ الْأَمْرِ لَهُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ بَاشَرَ بِنَفْسِهِ أَوِ اسْتَخْلَفَ. قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: وَيُسْتَفَادُ مِنْهُ أَنَّ لِلْمُسْتَخْلِفِ فِي الصَّلَاةِ أَنْ يَسْتَخلِفَ ولَا يَتَوَقَّفُ عَلَى إِذْنٍ خَاصٍّ لَهُ بِذَلِكَ.

قَوْلُهُ: (فَصَلَّى) فِي رِوَايَةِ الْمُسْتَمْلِي، وَالسَّرَخْسِيِّ يُصَلِّي وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ شَرَعَ فِي الصَّلَاةِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ أَنَّهُ تَهَيَّأَ لَهَا، وَسَيَأْتِي فِي رِوَايَةِ أَبِي مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ بِلَفْظِ فَلَمَّا دَخَلَ فِي الصَّلَاةِ وَهُوَ مُحْتَمَلٌ أَيْضًا بِأَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ دَخَلَ فِي مَكَانِ الصَّلَاةِ، وَيَأْتِي الْبَحْثُ مَعَ مَنْ حَمَلَهُ عَلَى ظَاهِرِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

قَوْلُهُ: (فَوَجَدَ النَّبِيُّ ﷺ مِنْ نَفْسِهِ خِفَّةً) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ ﷺ وَجَدَ ذَلِكَ فِي تِلْكَ الصَّلَاةِ بِعَيْنِهَا، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ بَعْدَ ذَلِكَ وَأَنْ يَكُونَ فِيهِ حَذْفٌ كَمَا تَقَدَّمَ مِثْلُهُ فِي قَوْلِهِ فَخَرَجَ أَبُو بَكْرٍ وَأَوْضَحُ مِنْهُ رِوَايَةُ مُوسَى بْنِ أَبِي عَائِشَةَ الْمَذْكُورِ فَصَلَّى أَبُو بَكْرٍ تِلْكَ الْأَيَّامَ. ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ وَجَدَ مِنْ نَفْسِهِ خِفَّةً وَعَلَى هَذَا لَا يَتَعَيَّنُ أَنْ تَكُونَ الصَّلَاةُ الْمَذْكُورَةُ هِيَ الْعِشَاءُ.

قَوْلُهُ: (يُهَادَى) بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَفَتْحِ الدَّالِ أَيْ يَعْتَمِدُ عَلَى الرَّجُلَيْنِ مُتَمَايِلًا فِي مَشْيِهِ مِنْ شِدَّةِ الضَّعْفِ، وَالتَّهَادِي التَّمَايُلُ فِي الْمَشْيِ الْبَطِيءِ، وَقَوْلُهُ يَخُطَّانِ الْأَرْضَ أَيْ لَمْ يَكُنْ يَقْدِرُ عَلَى تَمْكِينِهِمَا مِنَ الْأَرْضِ، وَسَقَطَ لَفْظُ الْأَرْضِ مِنْ رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ، وَفِي رِوَايَةِ عَاصِمٍ الْمَذْكُورَةِ عِنْدَ ابْنِ حِبَّانَ إِنِّي لَأَنْظُرُ إِلَى بُطُونِ قَدَمَيْهِ.

قَوْلُهُ: (بَيْنَ رَجُلَيْنِ) فِي الْحَدِيثِ الثَّانِي مِنْ حَدِيثَيِ الْبَابِ أَنَّهُمَا الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَمِثْلُهُ فِي رِوَايَةِ مُوسَى بْنِ أَبِي عَائِشَةَ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ عَاصِمٍ الْمَذْكُورَةِ وَجَدَ خِفَّةً مِنْ نَفْسِهِ فَخَرَجَ بَيْنَ بَرِيرَةَ وَنُوبَةَ وَيُجْمَعُ كَمَا قَالَ النَّوَوِيُّ بِأَنَّهُ خَرَجَ مِنَ الْبَيْتِ إِلَى الْمَسْجِدِ بَيْنَ هَذَيْنِ، وَمِنْ ثَمَّ إِلَى مَقَامِ الصَّلَاةِ بَيْنَ الْعَبَّاسِ، وَعَلِيٍّ، أَوْ يُحْمَلُ عَلَى التَّعَدُّدِ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مَا فِي رِوَايَةِ الدَّارَقُطْنِيِّ أَنَّهُ خَرَجَ بَيْنَ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، وَالْفَضْلِ بْنِ الْعَبَّاسِ. وَأَمَّا مَا فِي مُسْلِمٍ أَنَّهُ خَرَجَ بَيْنَ الْفَضْلِ بْنِ الْعَبَّاسِ، وَعَلِيٍّ فَذَاكَ فِي حَالِ مَجِيئِهِ إِلَى بَيْتِ عَائِشَةَ.

(تَنْبِيهٌ): نُوبَةُ بِضَمِّ النُّونِ وَبِالْمُوَحَّدَةِ ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ فِي النِّسَاءِ الصَّحَابِيَّاتِ فَوَهِمَ، وَإِنَّمَا هُوَ عَبْدٌ أَسْوَدُ كَمَا وَقَعَ عِنْدَ سَيْفٍ فِي كِتَابِ الرِّدَّةِ، وَيُؤَيِّدُهُ حَدِيثُ سَالِمِ بْنِ عُبَيْدٍ فِي صَحِيحِ ابْنِ خُزَيْمَةَ بِلَفْظِ خَرَجَ بَيْنَ بَرِيرَةَ وَرَجُلٍ آخَرَ.

قَوْلُهُ: (فَأَرَادَ أَبُو بَكْرٍ) زَادَ أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ فَلَمَّا سَمِعَ أَبُو بَكْرٍ حِسَّهُ وَفِي رِوَايَةِ أَرْقَمَ بْنِ شُرَحْبِيلَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَلَمَّا أَحَسَّ النَّاسُ بِهِ سَبَّحُوا أَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ وَغَيْرُهُ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ.

قَوْلُهُ: (أَنْ مَكَانَكَ) فِي رِوَايَةِ عَاصِمٍ الْمَذْكُورَةِ أَنِ اثْبُتْ مَكَانَكَ وَفِي رِوَايَةِ مُوسَى بْنِ أَبِي عَائِشَةَ فَأَوْمَأَ إِلَيْهِ بِأَنْ لَا يَتَأَخَّرَ.

قَوْلُهُ: (ثُمَّ أُتِيَ بِهِ) كَذَا هُنَا بِضَمِّ الْهَمْزَةِ. وَفِي رِوَايَةِ مُوسَى بْنِ أَبِي عَائِشَةَ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ بِأَمْرِهِ وَلَفْظُهُ فَقَالَ أَجْلَسَانِي إِلَى جَنْبِهِ، فَأَجْلَسَاهُ وَعَيَّنَ أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ فِي إِسْنَادِ حَدِيثِ الْبَابِ - كَمَا سَيَأْتِي بَعْدَ أَبْوَابٍ - مَكَانَ الْجُلُوسِ فَقَالَ فِي رِوَايَتِهِ حَتَّى جَلَسَ عَنْ يَسَارِ أَبِي بَكْرٍ وَهَذَا هُوَ مَقَامُ الْإِمَامِ، وَسَيَأْتِي الْقَوْلُ فِيهِ. وَأَغْرَبَ الْقُرْطُبِيُّ شَارِحُ مُسْلِمٍ لَمَّا حَكَى الْخِلَافُ هَلْ كَانَ أَبُو بَكْرٍ إِمَامًا أَوْ مَأْمُومًا؟ فَقَالَ: لَمْ يَقَعْ فِي الصَّحِيحِ بَيَانُ جُلُوسِهِ ﷺ هَلْ كَانَ عَنْ يَمِينِ أَبِي بَكْرٍ أَوْ عَنْ يَسَارِهِ. انْتَهَى. وَرِوَايَةُ أَبِي مُعَاوِيَةَ هَذِهِ عِنْدَ مُسْلِمٍ أَيْضًا، فَالْعَجَبُ مِنْهُ كَيْفَ يَغْفُلُ عَنْ ذَلِكَ فِي حَالِ شَرْحِهِ لَهُ.

قَوْلُهُ: (فَقِيلَ لِلْأَعْمَشِ إِلَخْ) ظَاهِرُه الِانْقِطَاعُ، لِأَنَّ الْأَعْمَشَ لَمْ يُسْنِدْهُ، لَكِنْ فِي رِوَايَةِ أَبِي مُعَاوِيَةَ عَنْهُ ذِكْرُ ذَلِكَ مُتَّصِلًا بِالْحَدِيثِ، وَكَذَا فِي رِوَايَةِ مُوسَى بْنِ أَبِي عَائِشَةَ وَغَيْرِهَا.

قَوْلُهُ: (رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ) هُوَ الطَّيَالِسِيُّ.

قَوْلُهُ: (بَعْضَهُ) بِالنَّصْبِ وَهُوَ بَدَلٌ مِنَ الضَّمِيرِ، وَرِوَايَتُهُ