للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الدُّخُولِ فِيهِ، وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي التَّرْجَمَةِ: فَخَرَجَ، فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ خَرَجَ مِنَ الْقُدْوَةِ أَوْ مِنَ الصَّلَاةِ رَأْسًا، أَوْ مِنَ الْمَسْجِدِ، قَالَ ابْنُ رَشِيدٍ: الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ خَرَجَ إِلَى مَنْزِلِهِ فَصَلَّى فِيهِ، وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ: فَانْصَرَفَ الرَّجُلُ. قَالَ: وَكَانَ سَبَبُ ذَلِكَ قَوْلُهُ لِلَّذِي رَآهُ يُصَلِّي: أَصَلَاتَانِ مَعًا؟ كَمَا تَقَدَّمَ. قُلْتُ: وَلَيْسَ الْوَاقِعُ كَذَلِكَ؛ فَإِنَّ فِي رِوَايَةِ النَّسَائِيِّ، فَانْصَرَفَ الرَّجُلُ فَصَلَّى فِي نَاحِيَةِ الْمَسْجِدِ، وَهَذَا يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ قَطَعَ الصَّلَاةَ أَوِ الْقُدْوَةَ، لَكِنْ فِي مُسْلِمٍ، فَانْحَرَفَ الرَّجُلُ، فَسَلَّمَ، ثُمَّ صَلَّى وَحْدَهُ.

وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ رَوَاهُ عَنْ جَابِرٍ، عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، وَمُحَارِبُ بْنُ دِثَارٍ، وَأَبُو الزُّبَيْرِ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مِقْسَمٍ، فَرِوَايَةُ عَمْرٍو لِلْمُصَنِّفِ هُنَا عَنْ شُعْبَةَ، وَفِي الْأَدَبِ عَنْ سُلَيْمِ بْنِ حَيَّانَ، وَلِمُسْلِمٍ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، ثَلَاثَتُهُمْ عَنْهُ، وَرِوَايَةُ مُحَارِبٍ تَأْتِي بَعْدَ بَابَيْنِ، وَهِيَ عِنْدَ النَّسَائِيِّ مَقْرُونَةٌ بِأَبِي صَالِحٍ، وَرِوَايَةُ أَبِي الزُّبَيْرِ عِنْدَ مُسْلِمٍ، وَرِوَايَةُ عُبَيْدِ اللَّهِ عِنْدَ ابْنِ خُزَيْمَةَ، وَلَهُ طُرُقٌ أُخْرَى غَيْرُ هَذِهِ، سَأَذْكُرُ مَا يُحْتَاجُ إِلَيْهِ مِنْهَا مَعْزُوًّا، وَإِنَّمَا قَدَّمْتُ ذِكْرَ هَذِهِ لِتَسْهُلَ الْحَوَالَةُ عَلَيْهَا.

قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ) هُوَ ابْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ رِوَايَتَهُ عَنْ شُعْبَةَ مُخْتَصَرَةٌ كَمَا هُنَا، وَكَذَلِكَ أَخْرَجَهَا الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ أَيُّوبَ الرَّازِيِّ عَنْهُ. وَقَالَ الْكِرْمَانِيُّ: الظَّاهِرُ مِنْ قَوْلِهِ: فَصَلَّى الْعِشَاءَ، إِلَخْ دَاخِلٌ تَحْتَ الطَّرِيقِ الْأُولَى، وَكَانَ الْحَامِلُ لَهُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهَا لَوْ خَلَتْ عَنْ ذَلِكَ لَمْ تُطَابِقِ التَّرْجَمَةَ ظَاهِرًا. لَكِنْ لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: إِنَّ مُرَادَ الْبُخَارِيِّ بِذَلِكَ الْإِشَارَةُ إِلَى أَصْلِ الْحَدِيثِ عَلَى عَادَتِهِ، وَاسْتَفَادَ بِالطَّرِيقِ الْأُولَى عُلُوَّ الْإِسْنَادِ، كَمَا أَنَّ فِي الطَّرِيقِ الثَّانِيَةِ فَائِدَةُ التَّصْرِيحِ بِسَمَاعِ عَمْرٍو مِنْ جَابِرٍ.

قَوْلُهُ: (يُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ ) زَادَ مُسْلِمٌ مِنْ رِوَايَةِ مَنْصُورٍ، عَنْ عَمْرٍو: عِشَاءَ الْآخِرَةِ، فَكَأَنَّ الْعِشَاءَ هِيَ الَّتِي كَانَ يُوَاظِبُ فِيهَا عَلَى الصَّلَاةِ مَرَّتَيْنِ.

قَوْلُهُ: (ثُمَّ يَرْجِعُ فَيَؤُمُّ قَوْمَهُ) فِي رِوَايَةِ مَنْصُورٍ الْمَذْكُورَةِ: فَيُصَلِّي بِهِمْ تِلْكَ الصَّلَاةَ وَلِلْمُصَنِّفِ فِي الْأَدَبِ فَيُصَلِّي بِهِمُ الصَّلَاةَ أَيِ: الْمَذْكُورَةَ، وَفِي هَذَا رَدٌّ عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ الصَّلَاةَ الَّتِي كَانَ يُصَلِّيهَا مَعَ النَّبِيِّ غَيْرَ الصَّلَاةِ الَّتِي كَانَ يُصَلِّيهَا بِقَوْمِهِ، وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ عُيَيْنَةَ: فَصَلَّى لَيْلَةً مَعَ النَّبِيِّ الْعِشَاءَ، ثُمَّ أَتَى قَوْمَهُ فَأَمَّهُمْ، وَفِي رِوَايَةِ الْحُمَيْدِيِّ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى بَنِي سَلِمَةَ فَيُصَلِّيهَا بِهِمْ، وَلَا مُخَالَفَةَ فِيهِ؛ لِأَنَّ قَوْمَهُ هُمْ بَنُو سَلِمَةَ، وَفِي رِوَايَةِ الشَّافِعِيِّ عَنْهُ: ثُمَّ يَرْجِعُ فَيُصَلِّيهَا بِقَوْمِهِ فِي بَنِي سَلِمَةَ، وَلِأَحْمَدَ: ثُمَّ يَرْجِعُ فَيَؤُمُّنَا.

قَوْلُهُ: (فَصَلَّى الْعِشَاءَ) كَذَا فِي مُعْظَمِ الرِّوَايَاتِ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةٍ لِأَبِي عَوَانَةَ، وَالطَّحَاوِيِّ مِنْ طَرِيقِ مُحَارِبٍ: صَلَّى بِأَصْحَابِهِ الْمَغْرِبَ، وَكَذَا لِعَبْدِ الرَّزَّاقِ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي الزُّبَيْرِ، فَإِنْ حُمِلَ عَلَى تَعَدُّدِ الْقِصَّةِ كَمَا سَيَأْتِي أَوْ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمَغْرِبِ الْعِشَاءُ مَجَازًا تَمَّ، وَإِلَّا فَمَا فِي الصَّحِيحِ أَصَحُّ.

قَوْلُهُ: (فَقَرَأَ بِالْبَقَرَةِ) اسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى مَنْ يَكْرَهُ أَنْ يَقُولَ الْبَقَرَةَ بَلْ سُورَةُ الْبَقَرَةِ، لَكِنْ فِي رِوَايَةِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ سُفْيَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ بَشَّارٍ شَيْخِ الْبُخَارِيِّ فِيهِ: فَقَرَأَ سُورَةَ الْبَقَرَةِ، وَلِمُسْلِمٍ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ نَحْوُهُ، وَلِلْمُصَنِّفِ فِي الْأَدَبِ فَقَرَأَ بِهِمُ الْبَقَرَةَ فَالظَّاهِرُ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ تَصَرُّفَاتِ الرُّوَاةِ، وَالْمُرَادُ أَنَّهُ ابْتَدَأَ فِي قِرَاءَتِهَا، وَبِهِ صَرَّحَ مُسْلِمٌ وَلَفْظُهُ: فَافْتَتَحَ سُورَةَ الْبَقَرَةِ، وَفِي رِوَايَةِ مُحَارِبٍ: فَقَرَأَ بِسُورَةِ الْبَقَرَةِ أَوِ النِّسَاءِ عَلَى الشَّكِّ، وَلِلسَّرَّاجِ مِنْ رِوَايَةِ مِسْعَرٍ، عَنْ مُحَارِبٍ: فَقَرَأَ بِالْبَقَرَةِ وَالنِّسَاءِ، كَذَا رَأَيْتُهُ بِخَطِّ الزَّكِيِّ الْبَرْزَالِيِّ بِالْوَاوِ، فَإِنْ كَانَ ضَبَطَهُ احْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ قَرَأَ فِي الْأُولَى بِالْبَقَرَةِ، وَفِي الثَّانِيَةِ بِالنِّسَاءِ، وَوَقَعَ عِنْدَ أَحْمَدَ مِنْ حَدِيثِ بُرَيْدَةَ بِإِسْنَادٍ قَوِيٍّ: فَقَرَأَ ﴿اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ﴾، وَهِيَ شَاذَّةٌ إِلَّا إِنْ حُمِلَ عَلَى التَّعَدُّدِ، وَلَمْ يَقَعْ فِي شَيْءٍ مِنَ الطُّرُقِ الْمُتَقَدِّمَةِ تَسْمِيَةُ هَذَا الرَّجُلِ، لَكِنْ رَوَى أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ فِي مُسْنَدِهِ وَالْبَزَّارُ مِنْ طَرِيقِهِ عَنْ طَالِبِ بْنِ حَبِيبٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جَابِرٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: مَرَّ حَزْمُ بْنُ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، بِمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، وَهُوَ يُصَلِّي بِقَوْمِهِ صَلَاةَ الْعَتَمَةِ، فَافْتَتَحَ بِسُورَةٍ طَوِيلَةٍ، وَمَعَ حَزْمٍ نَاضِحٌ لَهُ الْحَدِيثَ. قَالَ الْبَزَّارُ: لَا