للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

التَّشْرِيقِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

قَوْلُهُ: (وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: ﴿وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ﴾ كَذَا لِأَبِي ذَرٍّ، عَنِ الْكُشْمِيهَنِيِّ. وَفِي رِوَايَةِ كَرِيمَةَ وَابْنِ شَبُّوَيْهِ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَاذْكُرُوا اللَّهَ إِلَخْ وَلِلْحَمَوِيِّ، وَالْمُسْتَمْلِي: وَيَذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ وَاعْتُرِضَ عَلَيْهِ بِأَنَّ التِّلَاوَةَ ﴿وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ﴾ أَوْ: ﴿وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ﴾ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدِ التِّلَاوَةَ، وَإِنَّمَا حَكَى كَلَامَ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنُ عَبَّاسٍ أَرَادَ تَفْسِيرَ الْمَعْدُودَاتِ وَالْمَعْلُومَاتِ وَقَدْ وَصَلَهُ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ مِنْ طَرِيقِ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْهُ وَفِيهِ: الْأَيَّامُ الْمَعْدُودَاتُ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ، وَالْأَيَّامُ الْمَعْلُومَاتُ أَيَّامُ الْعَشْرِ وَرَوَى ابْنُ مَرْدَوَيْهِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: الْأَيَّامُ الْمَعْلُومَاتُ الَّتِي قَبْلَ يَوْمِ التَّرْوِيَةِ وَيَوْمِ التَّرْوِيَةِ وَيَوْمِ عَرَفَةَ، وَالْمَعْدُودَاتُ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ، وَظَاهِرُهُ إِدْخَالُ يَوْمِ الْعِيدِ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ. وَقَدْ رَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ الْمَعْلُومَاتِ يَوْمُ النَّحْرِ وَثَلَاثَةُ أَيَّامٍ بَعْدَهُ وَرَجَّحَ الطَّحَاوِيُّ هَذَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ﴾ فَإِنَّهُ مُشْعِرٌ بِأَنَّ الْمُرَادَ أَيَّامُ النَّحْرِ. انْتَهَى.

وَهَذَا لَا يَمْنَعُ تَسْمِيَةَ أَيَّامِ الْعَشْرِ مَعْلُومَاتٍ، وَلَا أَيَّامِ التَّشْرِيقِ مَعْدُودَاتٍ، بَلْ تَسْمِيَةُ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ مَعْدُودَاتٍ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ﴾ الْآيَةَ. وَقَدْ قِيلَ: إِنَّهَا إِنَّمَا سُمِّيَتْ مَعْدُودَاتٍ؛ لِأَنَّهَا إِذَا زِيدَ عَلَيْهَا شَيْءٌ عُدَّ ذَلِكَ حَصْرًا أَيْ فِي حُكْمِ حَصْرِ الْعَدَدِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

قَوْلُهُ: (وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ يَخْرُجَانِ إِلَى السُّوقِ فِي أَيَّامِ الْعَشْرِ إِلَخْ) لَمْ أَرَهُ مَوْصُولًا عَنْهُمَا، وَقَدْ ذَكَرَهُ الْبَيْهَقِيُّ أَيْضًا مُعَلَّقًا عَنْهُمَا، وَكَذَا الْبَغَوِيُّ، وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ: كَانَ مَشَايِخُنَا يَقُولُونَ بِذَلِكَ، أَيْ: بِالتَّكْبِيرِ فِي أَيَّامِ الْعَشْرِ. وَقَدِ اعْتُرِضَ عَلَى الْبُخَارِيِّ فِي ذِكْرِ هَذَا الْأَثَرِ فِي تَرْجَمَةِ الْعَمَلِ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، وَأَجَابَ الْكِرْمَانِيُّ بِأَنَّ عَادَتَهُ أَنْ يُضِيفَ إِلَى التَّرْجَمَةِ مَا لَهُ بِهَا أَدْنَى مُلَابَسَةٍ اسْتِطْرَادًا. انْتَهَى. وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ أَرَادَ تَسَاوِيَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ بِأَيَّامِ الْعَشْرِ لِجَامِعِ مَا بَيْنَهُمَا مِمَّا يَقَعُ فِيهِمَا مِنْ أَعْمَالِ الْحَجِّ، وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ أَثَرَ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَابْنِ عُمَرَ صَرِيحٌ فِي أَيَّامِ الْعَشْرِ، وَالْأَثَرَ الَّذِي بَعْدَهُ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ. وَسَيَأْتِي مَزِيدُ بَيَانٍ لِذَلِكَ بَعْدَ قَلِيلٍ.

قَوْلُهُ: (وَكَبَّرَ مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفٍ النَّافِلَةَ) هُوَ أَبُو جَعْفَرٍ الْبَاقِرُ، وَقَدْ وَصَلَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي الْمُؤْتَلَفِ مِنْ طَرِيقِ مَعْنِ بْنِ عِيسَى الْقَزَّازِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو وَهْنَةَ رُزَيْقٌ الْمَدَنِيُّ، قَالَ: رَأَيْتُ أَبَا جَعْفَرٍ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ يُكَبِّرُ بِمِنًى فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ خَلْفَ النَّوَافِلِ، وَأَبُو وَهْنَةَ بِفَتْحِ الْوَاوِ وَسُكُونِ الْهَاءِ بَعْدَهَا نُونٌ، وَرُزَيْقٌ بِتَقْدِيمِ الرَّاءِ مُصَغَّرًا، وَفِي سِيَاقِ هَذَا الْأَثَرِ تَعَقُّبٌ عَلَى الْكِرْمَانِيِّ حَيْثُ جَعَلَهُ يَتَعَلَّقُ بِتَكْبِيرِ أَيَّامِ الْعَشْرِ كَالَّذِي قَبْلَهُ، قَالَ ابْنُ التِّينِ: لَمْ يُتَابِعْ مُحَمَّدًا عَلَى هَذَا أَحَدٌ، كَذَا قَالَ، وَالْخِلَافُ ثَابِتٌ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ هَلْ يَخْتَصُّ التَّكْبِيرُ الَّذِي بَعْدَ الصَّلَاةِ فِي الْعِيدِ بِالْفَرَائِضِ أَوْ يَعُمُّ، وَاخْتَلَفَ التَّرْجِيحُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَالرَّاجِحُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ الِاخْتِصَاصُ.

قَوْلُهُ: (عَنْ سُلَيْمَانَ) هُوَ الْأَعْمَشُ، وَمُسْلِمٌ هُوَ الْبَطِينُ بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ، لُقِّبَ بِذَلِكَ لِعِظَمِ بَطْنِهِ، وَقَدْ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ شُعْبَةَ فَصَرَّحَ بِسَمَاعِ الْأَعْمَشِ لَهُ مِنْهُ وَلَفْظُهُ: عَنِ الْأَعْمَشِ قَالَ: سَمِعْتُ مُسْلِمًا وَهَكَذَا رَوَاهُ الثَّوْرِيُّ، وَأَبُو مُعَاوِيَةَ، وَغَيْرُهُمَا مِنَ الْحُفَّاظِ عَنِ الْأَعْمَشِ، وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ مِنْ رِوَايَةِ وَكِيعٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ فَقَالَ: عَنْ مُسْلِمٍ، وَمُجَاهِدٍ، وَأَبِي صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فَأَمَّا طَرِيقُ مُجَاهِدٍ فَقَدْ رَوَاهُ أَبُو عَوَانَةَ مِنْ طَرِيقِ مُوسَى بْنِ أَبِي عَائِشَةَ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فَقَالَ: عَنِ ابْنِ عُمَرَ بَدَلَ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَأَمَّا طَرِيقُ أَبِي صَالِحٍ فَقَدْ رَوَاهُ أَبُو عَوَانَةَ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ مُوسَى بْنِ أَعْيَنَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، فَقَالَ: عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَالْمَحْفُوظُ فِي هَذَا حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَفِيهِ اخْتِلَافٌ آخَرُ عَنِ الْأَعْمَشِ، رَوَاهُ أَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ، عَنِ الْأَعْمَشِ فَقَالَ: عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَقَدْ وَافَقَ الْأَعْمَشُ عَلَى