للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فَقَطْ، وَمِنْ ثَمَّ اقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ عَلَى إِيرَادِ الْآثَارِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالتَّكْبِيرِ. وَتَعَقَّبَهُ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ بِأَنَّ الْعَمَلَ إِنَّمَا يُفْهَمُ مِنْهُ عِنْدَ إِطْلَاقِهِ الْعِبَادَةَ، وَهِيَ لَا تُنَافِي اسْتِيفَاءَ حَظِّ النَّفْسِ مِنَ الْأَكْلِ وَسَائِرِ مَا ذُكِرَ، فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَسْتَغْرِقُ الْيَوْمَ وَاللَّيْلَةَ.

وَقَالَ الْكِرْمَانِيُّ: الْحَثُّ عَلَى الْعَمَلِ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ لَا يَنْحَصِرُ فِي التَّكْبِيرِ، بَلِ الْمُتَبَادَرُ إِلَى الذِّهْنِ مِنْهُ أَنَّهُ الْمَنَاسِكُ مِنَ الرَّمْيِ وَغَيْرِهِ الَّذِي يَجْتَمِعُ مَعَ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ، قَالَ: مَعَ أَنَّهُ لَوْ حُمِلَ عَلَى التَّكْبِيرِ وَحْدَهُ لَمْ يَبْقَ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ بَعْدَهُ: بَابُ التَّكْبِيرِ أَيَّامَ مِنًى مَعْنًى، وَيَكُونُ تَكْرَارًا مَحْضًا، اهـ. وَالَّذِي يَجْتَمِعُ مَعَ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ لِكُلِّ أَحَدٍ مِنَ الْعِبَادَةِ هُوَ الذِّكْرُ الْمَأْمُورُ بِهِ، وَقَدْ فُسِّرَ بِالتَّكْبِيرِ كَمَا قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ، وَأَمَّا الْمَنَاسِكُ فَمُخْتَصَّةٌ بِالْحَاجِّ، وَجَزْمُهُ بِأَنَّهُ تَكْرَارٌ مُتَعَقَّبٌ، لِأَنَّ التَّرْجَمَةَ الْأُولَى لِفَضْلِ التَّكْبِيرِ وَالثَّانِيَةَ لِمَشْرُوعِيَّتِهِ وَصِفَتِهِ، أَوْ أَرَادَ تَفْسِيرَ الْعَمَلِ الْمُجْمَلِ فِي الْأُولَى بِالتَّكْبِيرِ الْمُصَرَّحِ بِهِ فِي الثَّانِيَةِ فَلَا تَكْرَارَ.

وَقَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ عُمَرَ مِنَ الزِّيَادَةِ فِي آخِرِهِ فَأَكْثِرُوا فِيهِنَّ مِنَ التَّهْلِيلِ وَالتَّحْمِيدِ وَالتَّكْبِيرِ وَلِلْبَيْهَقِيِّ فِي الشُّعَبِ مِنْ طَرِيقِ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ فَأَكْثِرُوا فِيهِنَّ مِنَ التَّهْلِيلِ وَالتَّكْبِيرِ وَهَذَا يُؤَيِّدُ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ ابْنُ بَطَّالٍ، وَفِي رِوَايَةِ عَدِيٍّ مِنَ الزِّيَادَةِ وَأَنَّ صِيَامَ يَوْمٍ مِنْهَا يَعْدِلُ صِيَامَ سَنَةٍ، وَالْعَمَلَ بِسَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ وَلِلتِّرْمِذِيِّ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: يَعْدِلُ صِيَامُ كُلِّ يَوْمٍ مِنْهَا بِصِيَامِ سَنَةٍ، وَقِيَامُ كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْهَا بِقِيَامِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ لَكِنْ إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ، وَكَذَا الْإِسْنَادُ إِلَى عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

١٢ - بَاب التَّكْبِيرِ أَيَّامَ مِنًى وَإِذَا غَدَا إِلَى عَرَفَةَ

وَكَانَ عُمَرُ ﵁ يُكَبِّرُ فِي قُبَّتِهِ بِمِنًى، فَيَسْمَعُهُ أَهْلُ الْمَسْجِدِ فَيُكَبِّرُونَ وَيُكَبِّرُ أَهْلُ الْأَسْوَاقِ حَتَّى تَرْتَجَّ مِنًى تَكْبِيرًا، وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يُكَبِّرُ بِمِنًى تِلْكَ الْأَيَّامَ وَخَلْفَ الصَّلَوَاتِ وَعَلَى فِرَاشِهِ وَفِي فُسْطَاطِهِ وَمَجْلِسِهِ وَمَمْشَاهُ تِلْكَ الْأَيَّامَ جَمِيعًا. وَكَانَتْ مَيْمُونَةُ تُكَبِّرُ يَوْمَ النَّحْرِ، وَكُنَّ النِّسَاءُ يُكَبِّرْنَ خَلْفَ أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ لَيَالِيَ التَّشْرِيقِ مَعَ الرِّجَالِ فِي الْمَسْجِدِ

٩٧٠ - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الثَّقَفِيُّ، قَالَ: سَأَلْتُ أَنَسًا - وَنَحْنُ غَادِيَانِ مِنْ مِنًى إِلَى عَرَفَاتٍ - عَنْ التَّلْبِيَةِ: كَيْفَ كُنْتُمْ تَصْنَعُونَ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ؟ قَالَ: كَانَ يُلَبِّي الْمُلَبِّي لَا يُنْكَرُ عَلَيْهِ، وَيُكَبِّرُ الْمُكَبِّرُ فَلَا يُنْكَرُ عَلَيْهِ.

[الحديث ٩٧٠ - طرفه في: "١٦٥٩]

٩٧١ - حَدَّثَنَا محمد حدثنا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ عَاصِمٍ عَنْ حَفْصَةَ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ قَالَتْ "كُنَّا نُؤْمَرُ أَنْ نَخْرُجَ يَوْمَ الْعِيدِ حَتَّى نُخْرِجَ الْبِكْرَ مِنْ خِدْرِهَا حَتَّى نُخْرِجَ الْحُيَّضَ فَيَكُنَّ خَلْفَ النَّاسِ فَيُكَبِّرْنَ بِتَكْبِيرِهِمْ وَيَدْعُونَ بِدُعَائِهِمْ يَرْجُونَ بَرَكَةَ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَطُهْرَتَهُ "

قَوْلُهُ: (بَابُ التَّكْبِيرِ أَيَّامَ مِنًى) أَيْ يَوْمَ الْعِيدِ وَالثَّلَاثَةِ بَعْدَهُ، وَقَوْلُهُ: (وَإِذَا غَدَا إِلَى عَرَفَةَ) أَيْ صُبْحَ يَوْمِ التَّاسِعِ، قَالَ الْخَطَّابِيُّ: حِكْمَةُ التَّكْبِيرِ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ أَنَّ الْجَاهِلِيَّةَ كَانُوا يَذْبَحُونَ لِطَوَاغِيتِهِمْ فِيهَا، فَشُرِعَ التَّكْبِيرُ فِيهَا إِشَارَةً إِلَى