للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بَيْنَ الدَّارَيْنِ فِي وُجُوبِ الدَّوَامِ وَجَوَازِهِ.

(فَائِدَةٌ): بَيَّنَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ فِي رِوَايَتِهِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ أَنَّ التَّنَاوُلَ الْمَذْكُورَ كَانَ حِينَ قِيَامِهِ الثَّانِي مِنَ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ.

قَوْلُهُ: (وَأُرِيتُ النَّارَ) فِي رِوَايَةِ غَيْرِ أَبِي ذَرٍّ وَرَأَيْتُ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ الْمَذْكُورَةِ أَنَّ رُؤْيَتَهُ النَّارَ كَانَتْ قَبْلَ رُؤْيَتِهِ الْجَنَّةَ وَذَلِكَ أَنَّهُ قَالَ فِيهِ عُرِضَتْ عَلَى النَّبِيِّ Object النَّارَ فَتَأَخَّرَ عَنْ مُصَلَّاهُ حَتَّى إنَّ النَّاسَ لَيَرْكَبُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، وَإِذَا رَجَعَ عُرِضَتْ عَلَيْهِ الْجَنَّةُ فَذَهَبَ يَمْشِي حَتَّى وَقَفَ فِي مُصَلَّاهُ وَلِمُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ لَقَدْ جِيءَ بِالنَّارِ حِينَ رَأَيْتُمُونِي تَأَخَّرْتُ مَخَافَةَ أَنْ يُصِيبَنِي مِنْ لَفْحِهَا وَفِيهِ ثُمَّ جِيءَ بِالْجَنَّةِ وَذَلِكَ حِينَ رَأَيْتُمُونِي تَقَدَّمْتُ حَتَّى قُمْتُ فِي مَقَامِي وَزَادَ فِيهِ مَا مِنْ شَيْءٍ تُوعَدُونَهُ إِلَّا قَدْ رَأَيْتُهُ فِي صَلَاتِي هَذِهِ، وَفِي حَدِيثِ سَمُرَةَ عِنْدَ ابْنِ خُزَيْمَةَ لَقَدْ رَأَيْتُ مُنْذُ قُمْتُ أُصَلِّي مَا أَنْتُمْ لَاقُونَ فِي دُنْيَاكُمْ وَآخِرَتِكُمْ.

قَوْلُهُ: (فَلَمْ أَرَ مَنْظَرًا كَالْيَوْمِ قَطُّ أَفْظَعَ) الْمُرَادُ بِالْيَوْمِ الْوَقْتُ الَّذِي هُوَ فِيهِ، أَيْ لَمْ أَرَ مَنْظَرًا مِثْلَ مَنْظَرِ رَأَيْتِهِ الْيَوْمَ، فَحَذَفَ الْمَرْئِيَّ وَأَدْخَلَ التَّشْبِيهَ عَلَى الْيَوْمِ لِبَشَاعَةِ مَا رَأَى فِيهِ وَبُعْدَهُ عَنِ الْمَنْظَرِ الْمَأْلُوفِ، وَقِيلَ: الْكَافُ اسْمٌ وَالتَّقْدِيرُ مَا رَأَيْتُ مِثْلَ مَنْظَرِ هَذَا الْيَوْمِ مَنْظَرًا. وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْمُسْتَمْلِي، وَالْحَمَوِيِّ فَلَمْ أَنْظُرْ كَالْيَوْمِ قَطُّ أَفْظَعَ.

قَوْلُهُ: (وَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا النِّسَاءَ) هَذَا يُفَسِّرُ وَقْتَ الرُّؤْيَةِ فِي قَوْلِهِ لَهُنَّ فِي خُطْبَةِ الْعِيدِ تَصَدَّقْنَ فَإِنِّي رَأَيْتُكُنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ النَّارِ وَقَدْ مَضَى ذَلِكَ فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ فِي كِتَابِ الْحَيْضِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْعِيدِ الْإِلْمَامُ بِتَسْمِيَةِ الْقَائِلِ أَيَكْفُرْنَ.

قَوْلُهُ: (يَكْفُرْنَ بِاللَّهِ؟ قَالَ يَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ) كَذَا لِلْجُمْهُورِ عَنْ مَالِكٍ، وَكَذَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ رِوَايَةِ حَفْصِ بْنِ مَيْسَرَةَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، وَوَقَعَ فِي مُوَطَّأِ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى الْأَنْدَلُسِيِّ قَالَ: وَيَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ بِزِيَادَةِ وَاوٍ، وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ زِيَادَةَ الْوَاوِ غَلَطٌ مِنْهُ، فَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ مِنْ تَغْلِيطِهِ كَوْنَهُ خَالَفَ غَيْرَهُ مِنَ الرُّوَاةِ فَهُوَ كَذَلِكَ، وَأَطَاقَ عَلَى الشُّذُوذِ غَلَطًا، وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ مِنْ تَغْلِيطِهِ فَسَادَ الْمَعْنَى فَلَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّ الْجَوَابَ طَابَقَ السُّؤَالَ وَزَادَ، وَذَلِكَ أَنَّهُ أَطْلَقَ لَفْظَ النِّسَاءِ فَعَمَّ الْمُؤْمِنَةَ مِنْهُنَّ وَالْكَافِرَةَ، فَلَمَّا قِيلَ يَكْفُرْنَ بِاللَّهِ فَأَجَابَ وَيَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ إِلَخْ وَكَأَنَّهُ قَالَ: نَعَمْ يَقَعُ مِنْهُنَّ الْكُفْرُ بِاللَّهِ وَغَيْرِهِ؛ لِأَنَّ مِنْهُنَّ مَنْ يَكْفُرُ بِاللَّهِ وَمِنْهُنَّ مَنْ يَكْفُرُ الْإِحْسَانَ. وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: وَجْهُ رِوَايَةِ يَحْيَى أَنْ يَكُونَ الْجَوَابُ لَمْ يَقَعْ عَلَى وَفْقِ سُؤَالِ السَّائِلِ، لِإِحَاطَةِ الْعِلْمِ بِأَنَّ مِنَ النِّسَاءِ مَنْ يَكْفُرُ بِاللَّهِ فَلَمْ يُحْتَجْ إِلَى جَوَابِهِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ فِي الْحَدِيثِ خِلَافُهُ.

قَوْلُهُ: (يَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ) قَالَ الْكِرْمَانِيُّ: لَمْ يُعَدَّ كُفْرُ الْعَشِيرِ بِالْبَاءِ كَمَا عُدِّيَ الْكُفْرُ بِاللَّهِ لِأَنَّ كُفْرَ الْعَشِيرِ لَا يَتَضَمَّنُ مَعْنَى الِاعْتِرَافِ.

قَوْلُهُ: (وَيَكْفُرْنَ الْإِحْسَانَ) كَأَنَّهُ بَيَانٌ لِقَوْلِهِ: يَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ كُفْرُ إِحْسَانِ الْعَشِيرِ لَا كُفْرُ ذَاتِهِ، وَتَقَدَّمَ تَفْسِيرُ الْعَشِيرِ فِي كِتَابِ الْإِيمَانِ، وَالْمُرَادُ بِكُفْرِ الْإِحْسَانِ تَغْطِيَتُهُ أَوْ جَحْدُهُ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ آخِرُ الْحَدِيثِ.

قَوْلُهُ: (لَوْ أَحْسَنْتَ إِلَى إِحْدَاهُنَّ الدَّهْرَ كُلَّهُ) بَيَانٌ لِلتَّغْطِيَةِ الْمَذْكُورَةِ، ولَوْ هُنَا شَرْطِيَّةٌ لَا امْتِنَاعِيَّةٌ، قَالَ الْكِرْمَانِيُّ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ امْتِنَاعِيَّةً بِأَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ ثَابِتًا عَلَى النَّقِيضَيْنِ وَالطَّرَفُ الْمَسْكُوتُ عَنْهُ أَوْلَى مِنَ الْمَذْكُورِ، وَالدَّهْرُ مَنْصُوبٌ عَلَى الظَّرْفِيَّةِ، وَالْمُرَادُ مِنْهُ مُدَّةُ عُمْرِ الرَّجُلِ أَوِ الزَّمَانُ كُلُّهُ مُبَالَغَةً فِي كُفْرَانِهِنَّ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ أَحْسَنْتَ مُخَاطَبَةَ رَجُلٍ بِعَيْنِهِ، بَلْ كُلُّ مَنْ يَتَأَتَّى مِنْهُ أَنْ يَكُونَ مُخَاطَبًا، فَهُوَ خَاصٌّ لَفْظًا عَامٌّ مَعْنًى.

قَوْلُهُ: (شَيْئًا) التَّنْوِينُ فِيهِ لِلتَّقْلِيلِ أَيْ شَيْئًا قَلِيلًا لَا يُوَافِقُ غَرَضَهَا مِنْ أَيِّ نَوْعٍ كَانَ، وَوَقَعَ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمَرْئِيَّ فِي النَّارِ مِنَ النِّسَاءِ مَنِ اتَّصَفَ بِصِفَاتٍ ذَمِيمَةٍ ذُكِرَتْ وَلَفْظُهُ: وَأَكْثَرُ مَنْ رَأَيْتُ فِيهَا مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي إِنِ اؤْتَمِنَّ أَفْشَيْنَ، وَإِنْ سُئِلْنَ بَخِلْنَ، وَإِنْ سَأَلْنَ أَلْحَفْنَ، وَإِنْ أُعْطِينَ لَمْ يَشْكُرْنَ الْحَدِيثَ، وَفِي حَدِيثِ الْبَابِ مِنَ الْفَوَائِدِ غَيْرِ مَا تَقَدَّمَ الْمُبَادَرَةُ إِلَى الطَّاعَةِ عِنْدَ رُؤْيَةِ مَا يُحْذَرُ مِنْهُ وَاسْتِدْفَاعُ الْبَلَاءِ بِذِكْرِ اللَّهِ وَأَنْوَاعِ