للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

إِنَّهُ أَخْطَأَ بِكَسْرِ هَمْزَةِ إِنَّهُ وَعَلَى الثَّانِي بِفَتْحِهَا.

قَوْلُهُ: (تَابَعَهُ سُلَيْمَانُ بْنُ كَثِيرٍ، وَسُفْيَانُ بْنُ حُسَيْنٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ فِي الْجَهْرِ) يَعْنِي بِإِسْنَادِهِ الْمَذْكُورِ، وَرِوَايَةُ سُلَيْمَانَ وَصَلَهَا أَحْمَدُ، عَنْ عَبْدِ الصَّمَدِ بْنِ عَبْدِ الْوَارِثِ عَنْهُ بِلَفْظِ: خَسَفَتِ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ ﷺ فَأَتَى النَّبِيُّ ﷺ فَكَبَّرَ ثُمَّ كَبَّرَ النَّاسُ ثُمَّ قَرَأَ فَجَهَرَ بِالْقِرَاءَةِ الْحَدِيثَ، وَرَوَيْنَاهُ فِي مُسْنَدِ أَبِي دَاوُدَ الطَّيَالِسِيِّ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ كَثِيرٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ مُخْتَصَرًا أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ جَهَرَ بِالْقِرَاءَةِ فِي صَلَاةِ الْكُسُوفِ وَأَمَّا رِوَايَةُ سُفْيَانَ بْنِ حُسَيْنٍ فَوَصَلَهَا التِّرْمِذِيُّ، وَالطَّحَاوِيُّ بِلَفْظِ صَلَّى صَلَاةَ الْكُسُوفِ وَجَهَرَ بِالْقِرَاءَةِ فِيهَا وَقَدْ تَابَعَهُمْ عَلَى ذِكْرِ الْجَهْرِ عَنِ الزُّهْرِيِّ، عُقَيْلٌ عِنْدَ الطَّحَاوِيِّ، وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاشِدٍ عِنْدَ الدَّارَقُطْنِيِّ، وَهَذِهِ طُرُقٌ يُعَضِّدُ بَعْضُهَا بَعْضًا يُفِيدُ مَجْمُوعُهَا الْجَزْمَ بِذَلِكَ فَلَا مَعْنَى لِتَعْلِيلِ مَنْ أَعَلَّهُ بِتَضْعِيفِ سُفْيَانَ بْنِ حُسَيْنٍ وَغَيْرِهِ، فَلَوْ لَمْ يَرِدْ فِي ذَلِكَ إِلَّا رِوَايَةُ الْأَوْزَاعِيِّ لَكَانَتْ كَافِيَةً، وَقَدْ وَرَدَ الْجَهْرُ فِيهَا عَنْ عَلِيٍّ مَرْفُوعًا وَمَوْقُوفًا أَخْرَجَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ وَغَيْرُهُ.

وَقَالَ بِهِ صَاحِبَا أَبِي حَنِيفَةَ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ وَابْنُ خُزَيْمَةَ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَغَيْرُهُمَا مِنْ مُحَدِّثِي الشَّافِعِيَّةِ وَابْنُ الْعَرَبِيِّ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ، وَقَالَ الطَّبَرِيُّ: يُخَيَّرُ بَيْنَ الْجَهْرِ وَالْإِسْرَارِ، وَقَالَ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ: يُسِرُّ فِي الشَّمْسِ وَيَجْهَرُ فِي الْقَمَرِ، وَاحْتَجَّ الشَّافِعِيُّ بِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ: قَرَأَ نَحْوًا مِنْ سُورَةِ الْبَقَرَةِ لِأَنَّهُ لَوْ جَهَرَ لَمْ يَحْتَجْ إِلَى تَقْدِيرٍ، وَتُعُقِّبَ بِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ بَعِيدًا مِنْهُ، لَكِنْ ذَكَرَ الشَّافِعِيُّ تَعْلِيقًا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ صَلَّى بِجَنْبِ النَّبِيِّ ﷺ فِي الْكُسُوفِ فَلَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ حَرْفًا، وَوَصَلَهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ ثَلَاثَةِ طُرُقٍ أَسَانِيدُهَا وَاهِيَةٌ، وَعَلَى تَقْدِيرِ صِحَّتِهَا فَمُثْبِتُ الْجَهْرِ مَعَهُ قَدْرٌ زَائِدَةٌ فَالْأَخْذُ بِهِ أَوْلَى، وَإِنْ ثَبَتَ الْعَدَدُ فَيَكُونُ فَعَلَ ذَلِكَ لِبَيَانِ الْجَوَازِ، وَهَكَذَا الْجَوَابُ عَنْ حَدِيثِ سَمُرَةَ عِنْدَ ابْنِ خُزَيْمَةَ، وَالتِّرْمِذِيِّ لَمْ يَسْمَعْ لَهُ صَوْتًا وَأَنَّهُ إِنْ ثَبَتَ لَا يَدُلُّ عَلَى نَفْيِ الْجَهْرِ، قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: الْجَهْرُ عِنْدِي أَوْلَى لِأَنَّهَا صَلَاةٌ جَامِعَةٌ يُنَادَى لَهَا وَيُخْطَبُ فَأَشْبَهَتِ الْعِيدَ وَالِاسْتِسْقَاءَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

(خَاتِمَةٌ): اشْتَمَلَتْ أَبْوَابُ الْكُسُوفِ عَلَى أَرْبَعِينَ حَدِيثًا نِصْفُهَا مَوْصُولٌ وَنِصْفُهَا مُعَلَّقٌ، الْمُكَرَّرُ مِنْهَا فِيهِ وَفِيمَا مَضَى اثْنَانِ وَثَلَاثُونَ، وَالْخَالِصُ ثَمَانِيَةٌ. وَافَقَهُ مُسْلِمٌ عَلَى تَخْرِيجِهَا سِوَى حَدِيثِ أَبِي بَكْرَةَ، وَحَدِيثِ أَسْمَاءَ فِي الْعَتَاقَةِ، وَرِوَايَةِ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ الْأُولَى أَطْوَلُ لَكِنَّهُ أَخْرَجَ أَصْلَهُ. وَفِيهِ مِنَ الْآثَارِ عَنِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ خَمْسَةُ آثَارٍ فِيهَا أَثَرُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَفِيهَا أَثَرُ عُرْوَةَ فِي تَخْطِئَتِهِ، وَهُمَا مَوْصُولَانِ.