للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ الْمُحْتَجُّ بِهِ فِي الْبَابِ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي بَابِ الْجَهْرِ فِي الْعِشَاءِ وَبَيَّنَّا فِيهِ أَنَّ فِي رِوَايَةِ أَبِي الْأَشْعَثِ، عَنْ مَعْمَرٍ التَّصْرِيحَ بِأَنَّ سُجُودَ النَّبِيِّ ﷺ فِيهَا كَانَ دَاخِلَ الصَّلَاةِ، وَكَذَا فِي رِوَايَةِ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ، عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ فِي صَحِيحِ أَبِي عَوَانَةَ وَغَيْرِهِ، وَفِيهِ حُجَّةٌ عَلَى مَنْ كَرِهَ ذَلِكَ. وَقَدْ تَقَدَّمَ النَّقْلُ عَمَّنْ زَعَمَ أَنَّهُ لَا سُجُودَ فِي ﴿إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ﴾ وَلَا غَيْرِهَا مِنَ الْمُفَصَّلِ، وَأَنَّ الْعَمَلَ اسْتَمَرَّ عَلَيْهِ بِدَلِيلِ إِنْكَارِ أَبِي رَافِعٍ، وَكَذَا أَنْكَرَهُ أَبُو سَلَمَةَ، وَبَيَّنَّا أَنَّ النَّقْلَ عَنْ عُلَمَاءِ الْمَدِينَةِ بِخِلَافِ ذَلِكَ كَعُمَرَ، وَابْنِ عُمَرَ وَغَيْرِهِمَا مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ.

قَوْلُهُ: (حَدَّثَنِي بَكْرٌ) هُوَ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيُّ.

١٢ - بَاب مَنْ لَمْ يَجِدْ مَوْضِعًا لِلسُّجُودِ مَعَ الْإِمَامِ مِنْ الزِّحَامِ

١٠٧٩ - حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ الْفَضْلِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ ﵄ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يَقْرَأُ السُّورَةَ الَّتِي فِيهَا السَّجْدَةُ، فَيَسْجُدُ وَنَسْجُدُ مَعَهُ، حَتَّى مَا يَجِدُ أَحَدُنَا مَكَانًا لِمَوْضِعِ جَبْهَتِهِ.

قَوْلُهُ: (بَابُ مَنْ لَمْ يَجِدْ مَوْضِعًا لِلسُّجُودِ مَعَ الْإِمَامِ مِنَ الزِّحَامِ) أَيْ مَاذَا يَفْعَلُ. قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: لَمْ أَجِدْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ إِلَّا فِي سُجُودِ الْفَرِيضَةِ، وَاخْتَلَفَ السَّلَفُ، فَقَالَ عُمَرُ: يَسْجُدُ عَلَى ظَهْرِ أَخِيهِ، وَبِهِ قَالَ الْكُوفِيُّونَ وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَقَالَ عَطَاءٌ، وَالزُّهْرِيُّ: يُؤَخِّرُ حَتَّى يَرْفَعُوا وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَالْجُمْهُورُ، وَإِذَا كَانَ هَذَا فِي سُجُودِ الْفَرِيضَةِ فَيَجْرِي مِثْلُهُ فِي سُجُودِ التِّلَاوَةِ، وَظَاهِرُ صَنِيعِ الْبُخَارِيِّ أَنَّهُ يَذْهَبُ إِلَى أَنَّهُ يَسْجُدُ بِقَدْرِ اسْتِطَاعَتِهِ وَلَوْ عَلَى ظَهْرِ أَخِيهِ.

قَوْلُهُ: (كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يَقْرَأُ السُّورَةَ الَّتِي فِيهَا السَّجْدَةُ) زَادَ عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ فِي رِوَايَتِهِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ وَنَحْنُ عِنْدَهُ وَقَدْ مَضَى قَبْلُ بِبَابٍ.

قَوْلُهُ: (فَيَسْجُدُ فَنَسْجُدُ) زَادَ الْكُشْمِيهَنِيُّ مَعَهُ.

قَوْلُهُ: (لِمَوْضِعِ جَبْهَتِهِ) يَعْنِي مِنَ الزِّحَامِ، زَادَ مُسْلِمٌ فِي رِوَايَةٍ لَهُ فِي غَيْرِ وَقْتِ صَلَاةٍ وَلَمْ يَذْكُرِ ابْنُ عُمَرَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ حِينَئِذٍ، وَلِذَلِكَ وَقَعَ الِاخْتِلَافُ كَمَا مَضَى، وَوَقَعَ فِي الطَّبَرَانِيِّ مِنْ طَرِيقِ مُصْعَبِ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ نَافِعٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ بِمَكَّةَ لَمَّا قَرَأَ النَّبِيُّ ﷺ النَّجْمَ، وَزَادَ فِيهِ حَتَّى سَجَدَ الرَّجُلُ عَلَى ظَهْرِ الرَّجُلِ وَهُوَ يُؤَيِّدُ مَا فَهِمْنَاهُ عَنِ الْمُصَنِّفِ. وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ هَذَا الْكَلَامَ وَقَعَ مِنِ ابْنِ عُمَرَ عَلَى سَبِيلِ الْمُبَالَغَةِ فِي أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ أَحَدٌ إِلَّا سَجَدَ، وَسِيَاقُ حَدِيثِ الْبَابِ مُشْعِرٌ بِأَنَّ ذَلِكَ وَقَعَ مِرَارًا، فَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ رِوَايَةُ الطَّبَرَانِيِّ بَيَّنَتْ مَبْدَأَ ذَلِكَ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ أَيْضًا مِنْ رِوَايَةِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أَظْهَرَ أَهْلُ مَكَّةَ الْإِسْلَامَ - يَعْنِي فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ - حَتَّى إِنْ كَانَ النَّبِيُّ ﷺ لَيَقْرَأُ السَّجْدَةَ فَيَسْجُدُ وَمَا يَسْتَطِيعُ بَعْضُهُمْ أَنْ يَسْجُدَ مِنَ الزِّحَامِ، حَتَّى قَدِمَ رُؤَسَاءُ أَهْلِ مَكَّةَ وَكَانُوا بِالطَّائِفِ فَرَجَعُوهُمْ عَنِ الْإِسْلَامِ وَاسْتَدَلَّ بِهِ الْبُخَارِيُّ عَلَى السُّجُودِ لِسُجُودِ الْقَارِئِ كَمَا مَضَى وَعَلَى الِازْدِحَامِ عَلَى ذَلِكَ.

(خَاتِمَةٌ): اشْتَمَلَتْ أَبْوَابُ السُّجُودِ عَلَى خَمْسَةَ عَشَرَ حَدِيثًا، اثْنَانِ مِنْهَا مُعَلَّقَانِ، الْمُكَرَّرُ مِنْهَا فِيهِ وَفِيمَا مَضَى تِسْعَةُ أَحَادِيثَ، وَالْخَالِصُ سِتَّةٌ وَافَقَهُ مُسْلِمٌ عَلَى تَخْرِيجِهَا سِوَى حَدِيثَيِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي ص وَفِي النَّجْمِ، وَحَدِيثُ عُمَرَ فِي التَّخْيِيرِ فِي السُّجُودِ. وَفِيهِ مِنَ الْآثَارِ عَنِ الصَّحَابَةِ وَغَيْرِهِمْ سَبْعَةُ آثَارٍ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.