للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

احْتِيَاطًا، وَقَدْ رَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، عَنْ حَاتِمِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَرْمَلَةَ قَالَ: قُلْتُ لِسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ: أَأَقْصُرُ الصَّلَاةَ وَأُفْطِرُ فِي بَرِيدٍ مِنَ الْمَدِينَةِ؟ قَالَ: نَعَمْ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

(تَنْبِيهٌ): اخْتُلِفَ فِي مَعْنَى الْفَرْسَخِ، فَقِيلَ السُّكُونُ ذَكَرَهُ ابْنُ سِيدَهْ، وَقِيلَ السَّعَةُ، وَقِيلَ الْمَكَانُ الَّذِي لَا فُرْجَةَ فِيهِ، وَقِيلَ الشَّيْءُ الطَّوِيلُ.

قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ) قَالَ أَبُو عَلِيٍّ الْجَيَّانِيُّ حَيْثُ قَالَ الْبُخَارِيُّ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ فَهُوَ إِمَّا ابْنُ رَاهْوَيْهِ، وَإِمَّا ابْنُ نَصْرٍ السَّعْدِيُّ، وَإِمَّا ابْنُ مَنْصُورٍ الْكَوْسَجُ؛ لِأَنَّ الثَّلَاثَةَ أَخْرَجَ عَنْهُمْ عَنْ أَبِي أُسَامَةَ. قُلْتُ: لَكِنْ إِسْحَاقُ هُنَا هُوَ ابْنُ رَاهْوَيْهِ؛ لِأَنَّهُ سَاقَ هَذَا الْحَدِيثَ فِي مُسْنَدِهِ بِهَذِهِ الْأَلْفَاظِ سَنَدًا وَمَتْنًا، وَمِنْ عَادَتِهِ الْإِتْيَانُ بِهَذِهِ الْعِبَارَةِ دُونَ الْأَخِيرَيْنِ.

قَوْلُهُ: (حَدَّثَكُمْ عُبَيْدُ اللَّهِ) هُوَ ابْنُ عُمَرَ الْعُمَرِيُّ، وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ التَّحَمُّلِ قَوْلُ الشَّيْخِ: نَعَمْ فِي جَوَابِ مَنْ قَالَ لَهُ حَدَّثَكُمْ فُلَانٌ بِكَذَا، وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ فِي مُسْنَدِ إِسْحَاقَ فِي آخِرِهِ فَأَقَرَّ بِهِ أَبُو أُسَامَةَ وَقَالَ: نَعَمْ.

قَوْلُهُ: (لَا تُسَافِرِ الْمَرْأَةُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ) فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ الضَّحَّاكِ بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ نَافِعٍ مَسِيرَةَ ثَلَاثِ لَيَالٍ وَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْمُرَادَ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ بِلَيَالِيِهَا أَوْ ثَلَاثُ لَيَالٍ بِأَيَّامِهَا.

قَوْلُهُ: (إِلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ) فِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ، وَالْأَصِيلِيِّ إِلَّا مَعَهَا ذُو مَحْرَمٍ وَالْمَحْرَمُ بِفَتْحِ الْمِيمِ الْحَرَامُ وَالْمُرَادُ بِهِ مَنْ لَا يَحِلُّ لَهُ نِكَاحُهَا. وَوَقَعَ فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ، وَأَبِي دَاوُدَ إِلَّا وَمَعَهَا أَبُوهَا أَوْ أَخُوهَا أَوْ زَوْجُهَا أَوِ ابْنُهَا أَوْ ذُو مَحْرَمٍ مِنْهَا. أَخْرَجَاهُ مِنْ طَرِيقِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْهُ.

تَابَعَهُ أَحْمَدُ عَنْ ابْنِ الْمُبَارَكِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ .

قَوْلُهُ: (تَابَعَهُ أَحْمَدُ) هُوَ ابْنُ مُحَمَّدٍ الْمَرْوَزِيُّ أَحَدُ شُيُوخِ الْبُخَارِيِّ، وَوَهِمَ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ، وَنَقَلَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي الْعِلَلِ عَنْ يَحْيَى الْقَطَّانِ قَالَ: مَا أَنْكَرْتُ عَلَى عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ إِلَّا هَذَا الْحَدِيثَ. وَرَوَاهُ أَخُوهُ عَبْدُ اللَّهِ مَوْقُوفًا. قُلْتُ: وَعَبْدُ اللَّهِ ضَعِيفٌ، وَقَدْ تَابَعَ عُبَيْدَ اللَّهِ الضَّحَّاكَ كَمَا تَقَدَّمَ فَاعْتَمَدَهُ الْبُخَارِيُّ لِذَلِكَ.

تَابَعَهُ يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ وَسُهَيْلٌ وَمَالِكٌ عَنْ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ .

قَوْلُهُ: (لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) مَفْهُومُهُ أَنَّ النَّهْيَ الْمَذْكُورَ يَخْتَصُّ بِالْمُؤْمِنَاتِ، فَتَخْرُجُ الْكَافِرَاتُ كِتَابِيَّةً كَانَتْ أَوْ حَرْبِيَّةً، وَقَدْ قَالَ بِهِ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْإِيمَانَ هُوَ الَّذِي يَسْتَمِرُّ لِلْمُتَّصِفِ بِهِ خِطَابُ الشَّارِعِ فَيَنْتَفِعُ بِهِ وَيَنْقَادُ لَهُ، فَلِذَلِكَ قُيِّدَ بِهِ، أَوْ أَنَّ الْوَصْفَ ذُكِرَ لِتَأْكِيدِ التَّحْرِيمِ وَلَمْ يُقْصَدْ بِهِ إِخْرَاجُ مِمَّا سِوَاهُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

قَوْلُهُ: (مَسِيرَةَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ لَيْسَ مَعَهَا حُرْمَةٌ) أَيْ مَحْرَمٌ، وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى عَدَمِ جَوَازِ السَّفَرِ لِلْمَرْأَةِ بِلَا مَحْرَمٍ، وَهُوَ إِجْمَاعٌ فِي غَيْرِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ وَالْخُرُوجِ مِنْ دَارِ الشِّرْكِ، وَمِنْهُمْ مَنْ جَعَلَ ذَلِكَ مِنْ شَرَائِطِ الْحَجِّ كَمَا سَيَأْتِي الْبَحْثُ فِيهِ فِي مَوْضِعِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

(تَنْبِيهٌ): قَالَ شَيْخُنَا ابْنُ الْمُلَقِّنِ تَبَعًا لِشَيْخِهِ مُغَلْطَايْ: الْهَاءُ فِي قَوْلِهِ: مَسِيرَةَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ لِلْمَرَّةِ الْوَاحِدَةِ، وَالتَّقْدِيرُ أَنْ تُسَافِرَ مَرَّةً وَاحِدَةً مَخْصُوصَةً بِيَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، وَلَا سَلَفَ لَهُ فِي هَذَا الْإِعْرَابِ، وَمَسِيرَةٌ إِنَّمَا هِيَ مَصْدَرٌ سَارَ كَقَوْلِهِ سَيْرًا مِثْلَ عَاشَ مَعِيشَةً وَعَيْشًا.

قَوْلُهُ: (تَابَعَهُ يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، وَسُهَيْلٌ، وَمَالِكٌ، عَنِ الْمَقْبُرِيِّ) يَعْنِي سَعِيدًا (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) يَعْنِي لَمْ يَقُولُوا عَنْ أَبِيهِ فَعَلَى هَذَا فَهِيَ مُتَابَعَةٌ فِي الْمَتْنِ لَا فِي الْإِسْنَادِ، عَلَى أَنَّهُ قَدِ اخْتُلِفَ عَلَى سُهَيْلٍ وَعَلَى مَالِكٍ فِيهِ، وَكَأَنَّ الرِّوَايَةَ الَّتِي جَزَمَ بِهَا الْمُصَنِّفُ أَرْجَحُ عِنْدَهُ عَنْهُمْ، وَرَجَّحَ الدَّارَقُطْنِيُّ أَنَّهُ عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ لَيْسَ فِيهِ عَنْ أَبِيهِ كَمَا رَوَاهُ مُعْظَمُ رُوَاةِ الْمُوَطَّأِ، لَكِنِ الزِّيَادَةُ مِنَ الثِّقَةِ مَقْبُولَةٌ وَلَا سِيَّمَا إِذَا كَانَ حَافِظًا، وَقَدْ وَافَقَ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ عَلَى قَوْلِهِ: عَنْ أَبِيهِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ، وَاللَّيْثِ، وَابْنُ أَبِي ذِئْبٍ مِنْ أَثْبَتِ النَّاسِ فِي سَعِيدٍ، فَأَمَّا رِوَايَةُ يَحْيَى فَأَخْرَجَهَا أَحْمَدُ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُوسَى، عَنْ شَيْبَانَ النَّحْوِيِّ عَنْهُ وَلَمْ أَجِدْ عَنْهُ فِيهِ اخْتِلَافًا إِلَّا أَنَّ لَفْظَةَ أَنْ تُسَافِرَ يَوْمًا إِلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ وَيُحْمَلُ قَوْلُهُ يَوْمًا عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْيَوْمُ بِلَيْلَتِهِ فَيُوَافِقُ رِوَايَةَ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، وَأَمَّا رِوَايَةُ سُهَيْلٍ فَذَكَرَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ أَنَّهُ اضْطَرَبَ فِي