للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَلِلْإِسْمَاعِيلِيِّ مِنْ رِوَايَةِ خَلَفِ بْنِ هِشَامٍ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ بِالْإِسْنَادِ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ: أَيُّ الْعَمَلِ كَانَ أَحَبَّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ؟ قَالَتْ: أَدْوَمُهُ. قَالَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ: لَمْ يَذْكُرِ الْبُخَارِيُّ فِي رِوَايَةِ أَبِي الْأَحْوَصِ بَعْدَ الْأَشْعَثِ أَحَدًا، وَأَفَادَتْ هَذِهِ الرِّوَايَةُ مَا كَانَ يَصْنَعُ إِذَا قَامَ؛ وَهُوَ قَوْلُهُ: قَامَ فَصَلَّى بِخِلَافِ رِوَايَةِ شُعْبَةَ، فَإِنَّهَا مُجْمَلَةٌ. وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ الْحَثُّ عَلَى الْمُدَاوَمَةِ عَلَى الْعَمَلِ، وَإِنْ قَلَّ، وَفِيهِ الِاقْتِصَادُ فِي الْعِبَادَةِ، وَتَرْكُ التَّعَمُّقِ فِيهَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ أَنْشَطُ، وَالْقَلْبُ بِهِ أَشَدُّ انْشِرَاحًا. وَأَمَّا حَدِيثُ عَائِشَةَ الثَّانِي، فَوَالِدُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ هُوَ سَعْدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، وَعَبَّرَ مُوسَى، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بِقَوْلِهِ: ذَكَرَ أَبِي، وَقَدْ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، عَنْ أَبِي تَوْبَةَ، فَقَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ. وَأَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ سُفْيَانَ، عَنْ جُمْعَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَمِّهِ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بِهِ.

قَوْلُهُ: (مَا أَلْفَاهُ) بِالْفَاءِ؛ أَيْ وَجَدَهُ، وَالسَّحَرُ مَرْفُوعٌ بِأَنَّهُ فَاعِلُهُ، وَالْمُرَادُ نَوْمُهُ بَعْدَ الْقِيَامِ الَّذِي مَبْدَؤُهُ عِنْدَ سَمَاعِ الصَّارِخِ جَمْعًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ رِوَايَةِ مَسْرُوقٍ الَّتِي قَبْلَهَا.

قَوْلُهُ: (تَعْنِي: النَّبِيَّ ﷺ فِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ بِشْرٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عِنْدَ مُسْلِمٍ: مَا أَلْفَى رَسُولَ اللَّهِ ﷺ السَّحَرُ عَلَى فِرَاشِي - أَوْ عِنْدِي - إِلَّا نَائِمًا. وَأَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ، عَنْ مَحْمُودٍ الْوَاسِطِيِّ، عَنْ زَكَرِيَّا بْنِ يَحْيَى، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ بِلَفْظِ: مَا أَلْفَى النَّبِيَّ ﷺ عِنْدِي بِالْأَسْحَارِ إِلَّا وَهُوَ نَائِمٌ وَفِي هَذَا التَّصْرِيحُ بِرَفْعِ الْحَدِيثِ.

(تَنْبِيهٌ): قَالَ ابْنُ التِّينِ: قَوْلُهَا: إِلَّا نَائِمًا تَعْنِي: مُضطَجِعًا عَلَى جَنْبِهِ؛ لِأَنَّهَا قَالَتْ فِي حَدِيثٍ آخَرَ: فَإِنْ كُنْتُ يَقْظَانَةً حَدَّثَنِي، وَإِلَّا اضْطَجَعَ. انْتَهَى. وَتَعَقَّبَهُ ابْنُ رَشِيدٍ بِأَنَّهُ لَا ضَرُورَةَ لِحَمْلِ هَذَا التَّأْوِيلِ؛ لِأَنَّ السِّيَاقَ ظَاهِرٌ فِي النَّوْمِ حَقِيقَةً، وَظَاهِرٌ فِي الْمُدَاوَمَةِ عَلَى ذَلِكَ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ أَنَّهُ كَانَ رُبَّمَا لَمْ يَنَمْ وَقْتَ السَّحَرِ هَذَا التَّأْوِيلُ، فَدَارَ الْأَمْرُ بَيْنَ حَمْلِ النَّوْمِ عَلَى مَجَازِ التَّشْبِيهِ، أَوْ حَمْلِ التَّعْمِيمِ عَلَى إِرَادَةِ التَّخْصِيصِ، وَالثَّانِي أَرْجَحُ، وَإِلَيْهِ مَيْلُ الْبُخَارِيِّ؛ لِأَنَّهُ تَرْجَمَ بِقَوْلِهِ: مَنْ نَامَ عِنْدَ السَّحَرِ، ثُمَّ تَرْجَمَ عَقِبَهُ بِقَوْلِهِ: مَنْ تَسَحَّرَ فَلَمْ يَنَمْ، فَأَوْمَأَ إِلَى تَخْصِيصِ رَمَضَانَ مِنْ غَيْرِهِ، فَكَأَنَّ الْعَادَةَ جَرَتْ فِي جَمِيعِ السَّنَةِ أَنَّهُ كَانَ يَنَامُ عِنْدَ السَّحَرِ، إِلَّا فِي رَمَضَانَ، فَإِنَّهُ كَانَ يَتَشَاغَلُ بِالسَّحُورِ فِي آخِرِ اللَّيْلِ، ثُمَّ يَخْرُجُ إِلَى صَلَاةِ الصُّبْحِ عَقِبَهُ. وَقَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: النَّوْمُ وَقْتُ السَّحَرِ كَانَ يَفْعَلُهُ النَّبِيُّ ﷺ فِي الطِّوَالِ وَفِي شَهْرِ رَمَضَانَ، كَذَا قَالَ، وَيُحْتَاجُ فِي إِخْرَاجِ اللَّيَالِي الْقِصَارِ إِلَى دَلِيلٍ.

٨ - بَاب مَنْ تَسَحَّرَ ثُمَّ قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ فَلَمْ يَنَمْ حَتَّى صَلَّى الصُّبْحَ

١١٣٤ - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: حَدَّثَنَا رَوْحٌ قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ﵁: أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ ﷺ وَزَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ ﵁ تَسَحَّرَا، فَلَمَّا فَرَغَا مِنْ سَحُورِهِمَا قَامَ نَبِيُّ اللَّهِ ﷺ إِلَى الصَّلَاةِ فَصَلَّى، فَقُلْنَا لِأَنَسٍ: كَمْ كَانَ بَيْنَ فَرَاغِهِمَا مِنْ سَحُورِهِمَا وَدُخُولِهِمَا فِي الصَّلَاةِ؟ قَالَ: كَقَدْرِ مَا يَقْرَأُ الرَّجُلُ خَمْسِينَ آيَةً.

قَوْلُهُ: (بَابُ مَنْ تَسَحَّرَ فَلَمْ يَنَمْ حَتَّى صَلَّى الصُّبْحَ) كَذَا لِلْأَكْثَرِ، وَلِلْحَمَوِيِّ، وَالْمُسْتَمْلِي: مَنْ تَسَحَّرَ ثُمَّ قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ.

قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ) هُوَ الدَّوْرَقِيُّ، وَرَوْحٌ هُوَ ابْنُ عُبَادَةَ.

قَوْلُهُ: (فَلَمَّا فَرِغَا مِنْ سَحُورِهِمَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ فَصَلَّى) هُوَ ظَاهِرٌ لِمَا تَرْجَمَ لَهُ. وَالْمُرَادُ بِالصَّلَاةِ صَلَاةُ الصُّبْحِ، وَقَبْلَهَا صَلَاةُ الْفَجْرِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ تَوْجِيهُهُ، وَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى بَقِيَّةِ فَوَائِدِ الْحَدِيثِ فِي كِتَابِ الصِّيَامِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.