للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَالِاسْتِغْفَارِ، وَيَشْهَدُ لَهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِ﴾ وَأَنَّ الدُّعَاءَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ مُجَابٌ، وَلَا يُعْتَرَضُ عَلَى ذَلِكَ بِتَخَلُّفِهِ عَنْ بَعْضِ الدَّاعِينَ؛ لِأَنَّ سَبَبَ التَّخَلُّفِ وُقُوعُ الْخَلَلِ فِي شَرْطٍ مِنْ شُرُوطِ الدُّعَاءِ، كَالِاحْتِرَازِ فِي الْمَطْعَمِ وَالْمَشْرَبِ وَالْمَلْبَسِ، أَوْ لِاسْتِعْجَالِ الدَّاعِي، أَوْ بِأَنْ يَكُونَ الدُّعَاءُ بِإِثْمٍ، أَوْ قَطِيعَةِ رَحِمٍ، أَوْ تَحْصُلَ الْإِجَابَةُ وَيَتَأَخَّرَ وُجُودُ الْمَطْلُوبِ لِمَصْلَحَةِ الْعَبْدِ، أَوْ لِأَمْرٍ يُرِيدُهُ اللَّهُ.

١٥ - باب مَنْ نَامَ أَوَّلَ اللَّيْلِ وَأَحْيَا آخِرَهُ

وَقَالَ سَلْمَانُ، لِأَبِي الدَّرْدَاءِ ﵄: نَمْ، فَلَمَّا كَانَ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ قَالَ: قُمْ، قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: صَدَقَ سَلْمَانُ.

١١٤٦ - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، وَحَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ الْأَسْوَدِ قَالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ ﵂: كَيْفَ كَانَتْ صَلَاةُ النَّبِيِّ ﷺ بِاللَّيْلِ؟ قَالَتْ: كَانَ يَنَامُ أَوَّلَهُ وَيَقُومُ آخِرَهُ فَيُصَلِّي، ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى فِرَاشِهِ، فَإِذَا أَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ وَثَبَ، فَإِنْ كَانَ بِهِ حَاجَةٌ اغْتَسَلَ وَإِلَّا تَوَضَّأَ وَخَرَجَ.

قَوْلُهُ: (بَابُ مَنْ نَامَ أَوَّلَ اللَّيْلِ وَأَحْيَا آخِرَهُ) تَقَدَّمَ فِي الَّذِي قَبْلَهُ ذِكْرُ مُنَاسَبَتِهِ.

قَوْلُهُ: (وَقَالَ سَلْمَانُ)؛ أَيِ: الْفَارِسِيُّ (لِأَبِي الدَّرْدَاءِ نَمْ. . إِلَخْ) هُوَ مُخْتَصَرٌ مِنْ حَدِيثٍ طَوِيلٍ أَوْرَدَهُ الْمُصَنِّفُ فِي كِتَابِ الْأَدَبِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي جُحَيْفَةَ، قَالَ: آخَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بَيْنَ سَلْمَانَ وَبَيْنَ أَبِي الدَّرْدَاءِ، فَزَارَ سَلْمَانُ، أَبَا الدَّرْدَاءِ. فَذَكَرَ الْقِصَّةَ، وَفِي آخِرِهَا: فَقَالَ: إِنَّ لِنَفْسِكَ عَلَيْكَ حَقًّا. الْحَدِيثَ. وَقَوْلُهُ ﷺ: صَدَقَ سَلْمَانُ؛ أَيْ: فِي جَمِيعِ مَا ذَكَرَ، وَفِيهِ مَنْقَبَةٌ ظَاهِرَةٌ لِسَلْمَانَ.

قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ) فِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ: قَالَ أَبُو الْوَلِيدِ. وَقَدْ وَصَلَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ، عَنْ أَبِي خَلِيفَةَ، عَنْ أَبِي الْوَلِيدِ، وَتَبَيَّنَ مِنْ سِيَاقِهِ أَنَّ الْبُخَارِيَّ سَاقَ الْحَدِيثَ عَلَى لَفْظِ سُلَيْمَانَ، وَهُوَ ابْنُ حَرْبٍ، وَفِي رِوَايَةِ أَبِي خَلِيفَةَ: فَإِذَا كَانَ مِنَ السَّحَرِ أَوْتَرَ. وَزَادَ فِيهِ: فَإِنْ كَانَتْ لَهُ حَاجَةٌ إِلَى أَهْلِهِ. وَقَالَ فِيهِ: فَإِنْ كَانَ جُنُبًا أَفَاضَ عَلَيْهِ مِنَ الْمَاءِ وَإِلَّا تَوَضَّأَ. وَبِمَعْنَاهُ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ زُهَيْرٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ: هَذَا الْحَدِيثُ يَغْلَطُ فِي مَعْنَاهُ الْأَسْوَدُ، وَالْأَخْبَارُ الْجِيَادُ فِيهَا: كَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَنَامَ وَهُوَ جُنُبٌ تَوَضَّأَ. قُلْتُ: لَمْ يُرِدِ الْإِسْمَاعِيلِيُّ بِهَذَا أَنَّ حَدِيثَ الْبَابِ غَلَطٌ، وَإِنَّمَا أَشَارَ إِلَى أَنَّ أَبَا إِسْحَاقَ حَدَّثَ بِهِ عَنِ الْأَسْوَدِ بِلَفْظٍ آخَرَ غَلِطَ فِيهِ، وَالَّذِي أَنْكَرَهُ الْحُفَّاظُ عَلَى أَبِي إِسْحَاقَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ هُوَ مَا رَوَاهُ الثَّوْرِيُّ عَنْهُ بِلَفْظِ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَنَامُ وَهُوَ جُنُبٌ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَمَسَّ مَاءً. قَالَ التِّرْمِذِيُّ: يَرَوْنَ هَذَا غَلَطًا مِنْ أَبِي إِسْحَاقَ، وَكَذَا قَالَ مُسْلِمٌ فِي التَّمْيِيزِ، وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ فِي رِوَايَةِ أَبِي الْحَسَنِ بْنِ الْعَبْدِ عَنْهُ: لَيْسَ بِصَحِيحٍ. ثُمَّ رُوِيَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ أَنَّهُ قَالَ: هُوَ وَهَمٌ. . انْتَهَى.

وَأَظُنُّ أَبَا إِسْحَاقَ اخْتَصَرَهُ مِنْ حَدِيثِ الْبَابِ هَذَا الَّذِي رَوَاهُ عَنْهُ شُعْبَةُ، وَزُهَيْرٌ، لَكِنْ لَا يَلْزَمُ مِنْ قَوْلِهَا: فَإِذَا كَانَ جُنُبًا أَفَاضَ عَلَيْهِ الْمَاءَ أَنْ لَا يَكُونَ تَوَضَّأَ قَبْلَ أَنْ يَنَامَ كَمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ الْأَخْبَارُ الْأُخَرُ، فَمِنْ ثَمَّ غَلَّطُوهُ فِي ذَلِكَ، وَيُسْتَفَادُ مِنَ الْحَدِيثِ أَنَّهُ كَانَ رُبَّمَا نَامَ جُنُبًا قَبْلَ أَنْ يَغْتَسِلَ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَدْ تَقَدَّمَ بَاقِي الْكَلَامِ عَلَى حَدِيثِ عَائِشَةَ قَرِيبًا.

وَقَوْلُهُ فِيهِ: فَإِنْ كَانَتْ بِهِ حَاجَةٌ اغْتَسَلَ. يُعَكِّرُ عَلَيْهِ مَا فِي