للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

يَرْجِعُ لِقَوْلِ الْمَأْمُومِينَ فِي أَفْعَالِ الصَّلَاةِ، وَلَوْ لَمْ يَتَذَكَّرْ، وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ، وَأَحْمَدُ وَغَيْرُهُمَا، وَمِنْهُمْ مَنْ قَيَّدَهُ بِمَا إِذَا كَانَ الْإِمَامُ مُجَوِّزًا لِوُقُوعِ السَّهْوِ مِنْهُ، بِخِلَافِ مَا إِذَا كَانَ مُتَحَقِّقًا لِخِلَافِ ذَلِكَ أَخْذًا مِنْ تَرْكِ رُجُوعِهِ ﷺ لِذِي الْيَدَيْنِ وَرُجُوعِهِ لِلصَّحَابَةِ، وَمِنْ حُجَّتِهِمْ قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ الْمَاضِي: فَإِذَا نَسِيتُ فَذَكِّرُونِي.

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: مَعْنَى قَوْلِهِ: فَذَكِّرُونِي؛ أَيْ لِأَتَذَكَّرَ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ أَنْ يَرْجِعَ لِمُجَرَّدِ إِخْبَارِهِمْ، وَاحْتِمَالُ كَوْنِهِ تَذَكَّرَ عِنْدَ إِخْبَارِهِمْ لَا يُدْفَعُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي بَابِ هَلْ يَأْخُذُ الْإِمَامُ بِقَوْلِ النَّاسِ مِنْ أَبْوَابِ الْإِمَامَةِ مَا يُقَوِّي ذَلِكَ. وَفَرَّقَ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ أَيْضًا بَيْنَ مَا إِذَا كَانَ الْمُخْبِرُونَ مِمَّنْ يَحْصُلُ الْعِلْمُ بِخَبَرِهِمْ فَيُقْبَلُ وَيُقَدَّمُ عَلَى ظَنِّ الْإِمَامِ أَنَّهُ قَدْ كَمَّلَ الصَّلَاةَ بِخِلَافِ غَيْرِهِمْ، وَاسْتَنْبَطَ مِنْهُ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ الْقَائِلِينَ بِالرُّجُوعِ اشْتِرَاطَ الْعَدَدِ فِي مِثْلِ هَذَا، وَأَلْحَقُوهُ بِالشَّهَادَةِ، وَفَرَّعُوا عَلَيْهِ أَنَّ الْحَاكِمَ إِذَا نَسِيَ حُكْمَهُ، وَشَهِدَ بِهِ شَاهِدَانِ أَنَّهُ يُعْتَمَدُ عَلَيْهِمَا، وَاسْتَدَلَّ بِهِ الْحَنَفِيَّةُ عَلَى أَنَّ الْهِلَالَ لَا يُقْبَلُ بِشَهَادَةِ الْآحَادِ إِذَا كَانَتِ السَّمَاءُ مُصْحِيَةً، بَلْ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ عَدَدِ الِاسْتِفَاضَةِ، وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ سَبَبَ الِاسْتِثْبَاتِ كَوْنُهُ أَخْبَرَ عَنْ فِعْلِ النَّبِيِّ ﷺ بِخِلَافِ رُؤْيَةِ الْهِلَالِ، فَإِنَّ الْأَبْصَارَ لَيْسَتْ مُتَسَاوِيَةً فِي رُؤْيَتِهِ، بَلْ مُتَفَاوِتَةً قَطْعًا، وَعَلَى أَنَّ مَنْ سَلَّمَ مُعْتَقِدًا أَنَّهُ أَتَمَّ ثُمَّ طَرَأَ عَلَيْهِ شَكٌّ: هَلْ أَتَمَّ أَوْ نَقَصَ، أَنَّهُ يَكْتَفِي بِاعْتِقَادِهِ الْأَوَّلِ، وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْأَخْذُ بِالْيَقِينِ، وَوَجْهُهُ أَنَّ ذَا الْيَدَيْنِ لَمَّا أَخْبَرَ، أَثَارَ خَبَرُهُ شَكًّا، وَمَعَ ذَلِكَ لَمْ يَرْجِعِ النَّبِيُّ ﷺ حَتَّى اسْتَثْبَتَ.

وَاسْتَدَلَّ بِهِ الْبُخَارِيُّ عَلَى جَوَازِ تَشْبِيكِ الْأَصَابِعِ فِي الْمَسْجِدِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي أَبْوَابِ الْمَسَاجِدِ، وَعَلَى أَنَّ الْإِمَامَ يَرْجِعُ لِقَوْلِ الْمَأْمُومِينَ إِذَا شَكَّ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْإِمَامَةِ، وَعَلَى جَوَازِ التَّعْرِيفِ بِاللَّقَبِ، وَسَيَأْتِي فِي كِتَابِ الْأَدَبِ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَعَلَى التَّرْجِيحِ بِكَثْرَةِ الرُّوَاةِ، وَتَعَقَّبَهُ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ بِأَنَّ الْمَقْصُودَ كَانَ تَقْوِيَةَ الْأَمْرِ الْمَسْئُولِ عَنْهُ، لَا تَرْجِيحَ خَبَرٍ عَلَى خَبَرٍ.

تَابَعَهُ ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ فِي التَّكْبِيرِ.

قَوْلُهُ: (الْأَسْدِيِّ) بِسُكُونِ الْمُهْمَلَةِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى حَدِيثِهِ فِي أَوَّلِ أَبْوَابِ السَّهْوِ، وَأَنَّهُ يُشْرَعُ التَّكْبِيرُ لِسُجُودِ السَّهْوِ كَتَكْبِيرِ الصَّلَاةِ، وَهُوَ مُطَابِقٌ لِهَذِهِ التَّرْجَمَةِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي بَابِ مَنْ لَمْ يَرَ التَّشَهُّدَ الْأَوَّلَ وَاجِبًا أَنَّ قَوْلَ مَنْ قَالَ فِيهِ: حَلِيفِ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَهَمٌ، وَأَنَّ الصَّوَابَ: حَلِيفِ بَنِي الْمُطَّلِبِ بِإِسْقَاطِ عَبْدِ.

قَوْلُهُ: (تَابَعَهُ ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ فِي التَّكْبِيرِ) وَصَلَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْهُ، وَمِنْ طَرِيقِهِ الطَّبَرَانِيُّ، وَلَفْظُهُ: يُكَبِّرُ فِي كُلِّ سَجْدَةٍ. وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، وَمُحَمَّدِ بْنِ بَكْرٍ كِلَاهُمَا عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ بِلَفْظِ: فَكَبَّرَ فَسَجَدَ، ثُمَّ كَبَّرَ فَسَجَدَ، ثُمَّ سَلَّمَ.

٦ - بَاب إِذَا لَمْ يَدْرِ كَمْ صَلَّى - ثَلَاثًا أَوْ أَرْبَعًا - سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ

١٢٣١ - حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ فَضَالَةَ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الدَّسْتَوَائِيُّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: إِذَا نُودِيَ بِالصَّلَاةِ أَدْبَرَ الشَّيْطَانُ وَلَهُ ضُرَاطٌ حَتَّى لَا يَسْمَعَ الْأَذَانَ، فَإِذَا قُضِيَ الْأَذَانُ، أَقْبَلَ فَإِذَا ثُوِّبَ بِهَا أَدْبَرَ، فَإِذَا قُضِيَ التَّثْوِيبُ أَقْبَلَ حَتَّى يَخْطِرَ بَيْنَ الْمَرْءِ وَنَفْسِهِ يَقُولُ: اذْكُرْ كَذَا وَكَذَا - مَا لَمْ يَكُنْ يَذْكُرُ - حَتَّى يَظَلَّ الرَّجُلُ إِنْ يَدْرِي كَمْ صَلَّى. فَإِذَا لَمْ يَدْرِ أَحَدُكُمْ كَمْ صَلَّى - ثَلَاثًا أَوْ أَرْبَعًا - فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ.

قَوْلُهُ: (بَابُ إِذَا لَمْ يَدْرِ كَمْ صَلَّى: ثَلَاثًا أَوْ أَرْبَعًا سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ) تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى مَا يَتَعَلَّقُ بِأَوَّلِ الْمَتْنِ فِي أَبْوَابِ الْأَذَانِ.

وَأَمَّا قَوْلُهُ حَتَّى يَظَلَّ الرَّجُلُ إِنْ يَدْرِي، فَقَوْلُهُ: إِنْ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ، وَهِيَ نَافِيَةٌ.

وَقَوْلُهُ: فَإِذَا