للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

١٢٣٦ - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ أَنَّهَا قَالَتْ: صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ فِي بَيْتِهِ وَهُوَ شَاكٍ جَالِسًا، وَصَلَّى وَرَاءَهُ قَوْمٌ قِيَامًا، فَأَشَارَ إِلَيْهِمْ أَنْ اجْلِسُوا. فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ: إِنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ؛ فَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا، وَإِذَا رَفَعَ فَارْفَعُوا.

قوله: (باب الإشارة في الصلاة) قال ابن رشيد: هذه الترجمة أعم من كونها مرتبة على استدعاء ذلك أو غير مرتبة، بخلاف الترجمة التي قبلها، فإن الإشارة فيها لزمت من الكلام واستماعه فهي مرتبة.

(قاله كريب عن أم سلمة) يشير إلى حديث الباب الذي قبله، ثُمَّ أَوْرَدَ الْمُصَنِّفُ فِي البَابِ ثَلَاثَةَ أَحَادِيثَ: أَحَدُهَا حَدِيثُ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ فِي الْإِصْلَاحِ بَيْنَ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ، وَفِيهِ إِرَادَةُ أَبِي بَكْرٍ الصَّلَاةَ بِالنَّاسِ، وَشَاهِدُ التَّرْجَمَةِ قَوْلُهُ فِيهِ: فَأَخَذَ النَّاسُ فِي التَّصْفِيقِ. فَإِنَّهُ وَإِنْ كَانَ أَنْكَرَهُ عَلَيْهِمْ لَكِنَّهُ لَمْ يَأْمُرْهُمْ بِإِعَادَةِ الصَّلَاةِ، وَحَرَكَةُ الْيَدِ بِالتَّصْفِيقِ كَحَرَكَتِهَا بِالْإِشَارَةِ، وَأَخَذَهُ مِنْ جِهَةِ الِالْتِفَاتِ وَالْإِصْغَاءِ إِلَى كَلَامِ الْغَيْرِ، لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْإِشَارَةِ، وَأَمَّا قَوْلُهُ: يَا أَبَا بَكْرٍ، مَا مَنَعَكَ أَنْ تُصَلِّيَ بِالنَّاسِ حِينَ أَشَرْتُ إِلَيْكَ فَلَيْسَ بِمُطَابِقٍ لِلتَّرْجَمَةِ، لِأَنَّ إِشَارَتَهُ صَدَرَتْ مِنْهُ قَبْلَ أَنْ يُحْرِمَ بِالصَّلَاةِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْكَلَامِ عَلَى حَدِيثِ سَهْلٍ مُسْتَوْفًى فِي أَبْوَابِ الْإِمَامَةِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ فُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ: قَامَ فِي الصَّفِّ الدُّخُولُ فِي الصَّلَاةِ، لِعُدُولِهِ عَنِ الْكَلَامِ الَّذِي هُوَ أَدَلُّ مِنَ الْإِشَارَةِ، وَلِمَا يُفْهِمُهُ السِّيَاقُ مِنْ طُولِ مُقَامِهِ فِي الصَّفِّ قَبْلَ أَنْ تَقَعَ الْإِشَارَةُ الْمَذْكُورَةُ، وَلِأَنَّهُ دَخَلَ بِنِيَّةِ الِائْتِمَامِ بِأَبِي بَكْرٍ، وَلِأَنَّ السُّنَّةَ الدُّخُولُ مَعَ الْإِمَامِ عَلَى أَيِّ حَالَةٍ وَجَدَهُ، لِقَوْلِهِ : فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا.

ثَانِيهَا حَدِيثُ أَسْمَاءَ فِي الصَّلَاةِ فِي الْكُسُوفِ، أَوْرَدَهُ مُخْتَصَرًا جِدًّا، وَشَاهِدُ التَّرْجَمَةِ قَوْلُهَا فِيهِ: فَأَشَارَتْ بِرَأْسِهَا. وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ مُسْتَوْفًى فِي الْكُسُوفِ.

ثَالِثُهَا: حَدِيثُ عَائِشَةَ فِي صَلَاةِ النَّبِيِّ فِي بَيْتِهِ جَالِسًا، وَشَاهِدُهَا قَوْلُهُ فِيهِ: فَأَشَارَ إِلَيْهِمْ أَنِ اجْلِسُوا. وَقَدْ تَقَدَّمَ مُسْتَوْفًى فِي أَبْوَابِ الْإِمَامَةِ أَيْضًا، وَفِيهِ رَدٌّ عَلَى مَنْ مَنَعَ الْإِشَارَةَ بِالسَّلَامِ وَجَوَّزَ مُطْلَقَ الْإِشَارَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُشِيرَ آمِرًا بِالْجُلُوسِ أَوْ يُشِيرَ مُخْبِرًا بِرَدِّ السَّلَامِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

(خَاتِمَةٌ): اشْتَمَلَتْ أَبْوَابُ السَّهْوِ مِنَ الْأَحَادِيثِ الْمَرْفُوعَةِ عَلَى تِسْعَةَ عَشَرَ حَدِيثًا، مِنْهَا اثْنَانِ مُعَلَّقَانِ بِمُقْتَضَى حَدِيثِ كُرَيْبٍ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَزْهَرَ، وَالْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ، أَرْبَعَةُ أَحَادِيثَ لِقَوْلِهِمْ فِيهِ - سِوَى أُمِّ سَلَمَةَ -: بَلَغَنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ نَهَى عَنْهَا. وَجَمِيعُهَا مُكَرَّرَةٌ فِيهِ وَفِيمَا مَضَى سِوَاهُ، إِلَّا أَنَّهُ تَكَرَّرَ مِنْهُ فِي الْمَوَاقِيتِ طَرَفٌ مُخْتَصَرٌ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، وَسِوَى حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ: فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ، وَقَدْ وَافَقَهُ مُسْلِمٌ عَلَى تَخْرِيجِهَا جَمِيعِهَا، وَفِيهِ مِنَ الْآثَارِ عَنِ الصَّحَابَةِ وَغَيْرِهِمْ خَمْسَةُ آثَارٍ: مِنْهَا أَثَرُ عُرْوَةَ الْمَوْصُولُ فِي آخِرِ الْبَابِ، وَمِنْهَا أَثَرُ عُمَرَ فِي ضَرْبِهِ عَلَى الصَّلَاةِ بَعْدَ الْعَصْرِ. وَاللَّهُ الْهَادِي إِلَى الصَّوَابِ، وَمِنْهُ الْمَبْدَأُ وَإِلَيْهِ الْمَآبُ.