للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الْمُشْرِكِينَ. قَالَ الْكِرْمَانِيُّ: مُفَادُ الْحَدِيثِ مَنْعُ اتِّخَاذِ الْقَبْرِ مَسْجِدًا، وَمَدْلُولُ التَّرْجَمَةِ اتِّخَاذُ الْمَسْجِدِ عَلَى الْقَبْرِ، وَمَفْهُومُهُمَا مُتَغَايِرٌ، وَيُجَابُ بِأَنَّهُمَا مُتَلَازِمَانِ، وَإِنْ تَغَايَرَ الْمَفْهُومُ.

٦٢ - بَاب الصَّلَاةِ عَلَى النُّفَسَاءِ إِذَا مَاتَتْ فِي نِفَاسِهَا

١٣٣١ - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ، عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ ﵁ قَالَ: صَلَّيْتُ وَرَاءَ النَّبِيِّ ﷺ عَلَى امْرَأَةٍ مَاتَتْ فِي نِفَاسِهَا، فَقَامَ عَلَيْهَا وَسَطَهَا.

قَوْلُهُ: (بَابُ الصَّلَاةِ عَلَى النُّفَسَاءِ إِذَا مَاتَتْ فِي نِفَاسِهَا) وَقَعَ فِي نُسْخَةٍ: مِنْ بَدَلَ فِي؛ أَيْ فِي مُدَّةِ نِفَاسِهَا أَوْ بِسَبَبِ نِفَاسِهَا، وَالْأَوَّلُ أَعَمُّ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ يَدْخُلُ فِيهِ مَنْ مَاتَتْ مِنْهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ، وَالثَّانِي أَلْيَقُ بِخَبَرِ الْبَابِ فَإِنَّ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ أَنَّهَا مَاتَتْ حَامِلًا، وَقد تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي أَثْنَاءِ كِتَابِ الْحَيْضِ. وَحُسَيْنٌ الْمَذْكُورُ فِي هَذَا الْإِسْنَادِ هُوَ ابْنُ ذَكْوَانَ الْمُعَلِّمُ، قَالَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ وَغَيْرُهُ: الْمَقْصُودُ بِهَذِهِ التَّرْجَمَةِ أَنَّ النُّفَسَاءَ وَإِنْ كَانَتْ مَعْدُودَةً مِنْ جُمْلَةِ الشُّهَدَاءِ، فَإِنَّ الصَّلَاةَ عَلَيْهَا مَشْرُوعَةٌ، بِخِلَافِ شَهِيدِ الْمَعْرَكَةِ.

٦٣ - بَاب أَيْنَ يَقُومُ مِنْ الْمَرْأَةِ وَالرَّجُلِ

١٣٣٢ - حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ مَيْسَرَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ، عَنْ ابْنِ بُرَيْدَةَ، حَدَّثَنَا سَمُرَةُ بْنُ جُنْدَبٍ ﵁ قَالَ: صَلَّيْتُ وَرَاءَ النَّبِيِّ ﷺ عَلَى امْرَأَةٍ مَاتَتْ فِي نِفَاسِهَا، فَقَامَ عَلَيْهَا وَسَطَهَا.

قَوْلُهُ: (بَابُ أَيْنَ يَقُومُ) أَيِ الْإِمَامُ (مِنَ الْمَرْأَةِ وَالرَّجُلِ) أَوْرَدَ فِيهِ حَدِيثَ سَمُرَةَ الْمَذْكُورَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ حُسَيْنٍ الْمُعَلِّمِ.

وَفِيهِ مَشْرُوعِيَّةُ الصَّلَاةِ عَلَى الْمَرْأَةِ، فَإِنَّ كَوْنَهَا نُفَسَاءَ وَصْفٌ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ، وَأَمَّا كَوْنَهَا امْرَأَةً فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مُعْتَبَرًا، فَإِنَّ الْقِيَامَ عَلَيْهَا عِنْدَ وَسَطِهَا لِسَتْرِهَا، وَذَلِكَ مَطْلُوبٌ فِي حَقِّهَا، بِخِلَافِ الرَّجُلِ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَكُونَ مُعْتَبَرًا، وَأَنَّ ذَلِكَ كَانَ قَبْلَ اتِّخَاذِ النَّعْشِ لِلنِّسَاءِ، فَأَمَّا بَعْدَ اتِّخَاذِهِ، فَقَدْ حَصَلَ السَّتْرُ الْمَطْلُوبُ، وَلِهَذَا أَوْرَدَ الْمُصَنِّفُ التَّرْجَمَةَ مَوْرِدَ السُّؤَالِ، وَأَرَادَ عَدَمَ التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ، وَأَشَارَ إِلَى تَضْعِيفِ مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيُّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي غَالِبٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ صَلَّى عَلَى رَجُلٍ، فَقَامَ عِنْدَ رَأْسِهِ، وَصَلَّى عَلَى امْرَأَةٍ فَقَامَ عِنْدَ عَجِيزَتِهَا، فَقَالَ لَهُ الْعَلَاءُ بْنُ زِيَادٍ: أَهَكَذَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَفْعَلُ؟ قَالَ: نَعَمْ (١)، وَحَكَى ابْنُ رَشِيدٍ، عَنِ ابْنِ الْمُرَابِطِ أَنَّهُ أَبْدَى لِكَوْنِهَا نُفَسَاءَ عِلَّةً مُنَاسَبَةً، وَهِيَ اسْتِقْبَالُ جَنِينِهَا لِيَنَالَهُ مِنْ بَرَكَةِ الدُّعَاءِ، وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ الْجَنِينَ كَعُضْوٍ مِنْهَا، ثُمَّ هُوَ لَا يُصَلَّى عَلَيْهِ إِذَا انْفَرَدَ وَكَانَ سِقْطًا (٢)، فَأَحْرَى إِذَا كَانَ بَاقِيًا فِي بَطْنِهَا أَنْ لَا يُقْصَدَ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.


(١) وأخرجه أحمد وابن ماجه ولفظهما ولفظ الترمذي "عند رأس الرجل ووسط المرأة" وإسناده جيد، وهو حجة قائمة على التفرقة بين الرجل والمرأة في الموقف، ودليل على أن السنة الوقوف عند رأس الرجل ووسط المرأة. والله أعلم.
(٢) القول بعد الصلاة على السقط ضعيف، والصواب شرعية الصلاة عليه إذا سقط بعد نفخ الروح فيه وكان محكوما باسلامه لأنه ميت مسلم فشرعت الصلاة عليه كسائر موتى المسلين، ولما روى أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي عن المغيرة بن شعبة أن النبي ﷺ قال "والسقط يصلى عليه ويدعى لوالديه بالمغفرة والرحمة" وإسناده حسن. والله أعلم