للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

٧٤ - بَاب مَنْ لَمْ يَرَ غَسْلَ الشُّهَدَاءِ

١٣٤٦ - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، حَدَّثَنَا لَيْثٌ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: ادْفِنُوهُمْ فِي دِمَائِهِمْ. يَعْنِي يَوْمَ أُحُدٍ، وَلَمْ يُغَسِّلْهُمْ.

[الحديث ١٣٤٦ - أطرافه في: ١٥٨٧، ١٨٣٣، ١٨٣٤، ٢٠٩٠، ٢٤٣٣، ٢٧٨٣، ٢٨٢٥، ٣٠٧٧، ٣١٨٩، ٤٣١٣]

قَوْلُهُ: (بَابُ مَنْ لَمْ يَرَ غُسْلَ الشُّهَدَاءِ) فِي نُسْخَةٍ الشَّهِيدِ بِالْإِفْرَادِ. أَشَارَ بِذَلِكَ إِلَى مَا رُوِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّهُ قَالَ: يُغَسَّلُ الشَّهِيدُ، لِأَنَّ كُلَّ مَيِّتٍ يُجْنِبُ فَيَجِبُ غُسْلُهُ، حَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ، قَالَ: وَبِهِ قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ. وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْهُمَا، أَيْ عَنْ سَعِيدٍ، وَالْحَسَنِ، وَحُكِيَ عَنِ ابْنِ سُرَيْجٍ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ وَعَنْ غَيْرِهِ، وَهُوَ مِنَ الشُّذُوذِ. وَقَدْ وَقَعَ عِنْدَ أَحْمَدَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ فِي قَتْلَى أُحُدٍ: لَا تُغَسِّلُوهُمْ، فَإِنَّ كُلَّ جُرْحٍ - أَوْ كُلَّ دَمٍ - يَفُوحُ مِسْكًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ. وَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِمْ، فَبَيَّنَ الْحِكْمَةَ فِي ذَلِكَ.

ثُمَّ أَوْرَدَ الْمُصَنِّفُ حَدِيثَ جَابِرٍ المذكورَ قَبْلُ مُخْتَصرًا بِلَفْظِ: وَلَمْ يُغَسِّلْهُمْ. وَاسْتَدَلَّ بِعُمُومِهِ عَلَى أَنَّ الشَّهِيدَ لَا يُغَسَّلْ حَتَّى وَلَا الْجُنُبَ وَالْحَائِضَ، وَهُوَ الْأَصَحُّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَقِيلَ: يُغَسَّلُ لِلْجَنَابَةِ لَا بِنِيَّةِ غُسْلِ الْمَيِّتِ، لِمَا رُوِيَ فِي قِصَّةِ حَنْظَلَةَ بْنِ الرَّاهِبِ أَنَّ الْمَلَائِكَةَ غَسَّلَتْهُ يَوْمَ أُحُدٍ لَمَّا اسْتُشْهِدَ وَهُوَ جُنُبٌ، وَقِصَّتُهُ مَشْهُورَةٌ، رَوَاهَا ابْنُ إِسْحَاقَ وَغَيْرُهُ، وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ بِإِسْنَادٍ لَا بَأْسَ بِهِ عَنْهُ قَالَ: أُصِيبَ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَحَنْظَلَةُ بْنُ الرَّاهِبِ وَهُمَا جُنُبٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: رَأَيْتُ الْمَلَائِكَةَ تُغَسِّلُهُمَا غَرِيبٌ فِي ذِكْرِ حَمْزَةَ، وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ لَوْ كَانَ وَاجِبًا مَا اكْتُفِيَ فِيهِ بِغُسْلِ الْمَلَائِكَةِ، فَدَلَّ عَلَى سُقُوطِهِ عَمَّنْ يَتَوَلَّى أَمْرَ الشَّهِيدِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

٧٥ - بَاب مَنْ يُقَدَّمُ فِي اللَّحْدِ

وَسُمِّيَ اللَّحْدَ؛ لِأَنَّهُ فِي نَاحِيَةٍ، وَكُلُّ جَائِرٍ مُلْحِدٌ. ﴿مُلْتَحَدًا﴾ مَعْدِلًا، وَلَوْ كَانَ مُسْتَقِيمًا كَانَ ضَرِيحًا

١٣٤٧ - حَدَّثَنَا ابْنُ مُقَاتِلٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعيدٍ، حَدَّثَنِي ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ﵄ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كَانَ يَجْمَعُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ مِنْ قَتْلَى أُحُدٍ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ، ثُمَّ يَقُولُ: أَيُّهُمْ أَكْثَرُ أَخْذًا لِلْقُرْآنِ؟ فَإِذَا أُشِيرَ لَهُ إِلَى أَحَدِهِمَا، قَدَّمَهُ فِي اللَّحْدِ وَقَالَ: أَنَا شَهِيدٌ عَلَى هَؤُلَاءِ. وَأَمَرَ بِدَفْنِهِمْ بِدِمَائِهِمْ، وَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِمْ، وَلَمْ يُغَسِّلْهُمْ.

١٣٤٨ - وَأَخْبَرَنَا، الْأَوْزَاعِيُّ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ﵄: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ لِقَتْلَى أُحُدٍ: أَيُّ هَؤُلَاءِ أَكْثَرُ أَخْذًا لِلْقُرْآنِ؟ فَإِذَا أُشِيرَ لَهُ إِلَى رَجُلٍ، قَدَّمَهُ فِي اللَّحْدِ قَبْلَ صَاحِبِهِ.

وَقَالَ جَابِرٌ: فَكُفِّنَ أَبِي وَعَمِّي فِي نَمِرَةٍ وَاحِدَةٍ.

وَقَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ كَثِيرٍ: حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ، حَدَّثَنِي مَنْ سَمِعَ جَابِرًا ﵁.

قَوْلُهُ: (بَابُ مَنْ يُقَدَّمُ فِي اللَّحْدِ) أَيْ إِذَا كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ، وَقَدْ دَلَّ حَدِيثُ الْبَابِ عَلَى تَقْدِيمِ مَنْ كَانَ أَكْثَرَ قُرْآنًا مِنْ صَاحِبِهِ، وَهَذَا نَظِيرُ تَقْدِيمِهِ فِي الْإِمَامَةِ.

قَوْلُهُ: (وَسُمِّيَ اللَّحْدُ لِأَنَّهُ فِي نَاحِيَةٍ) قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ: أَصْلُ الْإِلْحَادِ