للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الزّمْرِ، وَالْمُرَادُ حِكَايَةُ صَوْتِهِ، وَأَمَّا الَّتِي بِالْمُهْمَلَتَيْنِ وَمِيمَيْنِ، فَأَصْلُهُ مِنَ الْحَرَكَةِ، وَهِيَ هُنَا بِمَعْنَى الصَّوْتِ الْخَفِيِّ، وَأَمَّا الَّتِي بِالْمُعْجَمَتَيْنِ كَذَلِكَ فَقَالَ الْخَطَّابِيُّ: هُوَ تَحْرِيكُ الشَّفَتَيْنِ بِالْكَلَامِ، وَقَالَ غَيْرُهُ: وَهُوَ كَلَامُ الْعُلُوجِ، وَهُوَ صَوْتٌ يُصَوَّتُ مِنَ الْخَيَاشِيمِ وَالْحَلْقِ.

قَوْلُهُ: (فَثَارَ ابْنُ صَيَّادٍ) أَيْ: قَامَ، كَذَا لِلْأَكْثَرِ، وَلِلْكُشْمِيهَنِيِّ: فَثَابَ بِمُوَحَّدَةٍ، أَيْ: رَجَعَ عَنِ الْحَالَةِ الَّتِي كَانَ فِيهَا.

قَوْلُهُ: (وَقَالَ شُعَيْبٌ: زَمْزَمَةٌ. فَرَفَصَهُ) فِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ بِالزَّايَيْنِ وَبِالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ، وَفِي رِوَايَةِ غَيْرِهِ: وَقَالَ شُعَيْبٌ فِي حَدِيثِهِ: فَرَفَصَهُ. زَمْزَمَةٌ. أَوْ: رَمْرَمَةٌ بِالشَّكِّ. وَسَيَأْتِي فِي الْأَدَبِ مَوْصُولًا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ بِالشَّكِّ، لَكِنْ فِيهِ: فَرَصَّهُ بِغَيْرِ فَاءٍ وَبِالتَّشْدِيدِ، وَذَكَرَهُ الْخَطَّابِيُّ فِي غَرِيبِهِ بِمُهْمَلَةٍ، أَيْ: ضَغَطَهُ، وَضَمَّ بَعْضَهُ إِلَى بَعْضٍ.

قَوْلُهُ: (وَقَالَ إِسْحَاقُ الْكَلْبِيُّ، وَعُقَيْلٌ: رَمْرَمَةٌ) يَعْنِي بِمُهْمَلَتَيْنِ (وَقَالَ مَعْمَرٌ: رُمْزَةٌ) يَعْنِي بِرَاءٍ ثُمَّ زَايٍ، أَمَّا رِوَايَةُ إِسْحَاقَ فَوَصَلَهَا الذُّهْلِيُّ فِي الزُّهْرِيَّاتِ، وَسَقَطَتْ مِنْ رِوَايَةِ الْمُسْتَمْلِي، والْكُشْمِيهَنِيِّ، وَأَبِي الْوَقْتِ، وَأَمَّا رِوَايَةُ عُقَيْلٍ فَوَصَلَهَا الْمُصَنِّفُ فِي الْجِهَادِ، وَكَذَا رِوَايَةُ مَعْمَرٍ.

ثَانِي الْأَحَادِيثِ حَدِيثُ أَنَسٍ: (كَانَ غُلَامٌ يَهُودِيٌّ يَخْدُمُ) لَمْ أَقِفْ فِي شَيْءٍ مِنَ الطُّرُقِ الْمَوْصُولَةِ عَلَى تَسْمِيَتِهِ، إِلَّا أَنَّ ابْنَ بَشْكُوَالٍ ذَكَرَ أَنَّ صَاحِبَ الْعُتْبِيَّةِ حَكَى عَنْ زِيَادٍ شَيْطُونٍ أَنَّ اسْمَ هَذَا الْغُلَامِ عَبْدُ الْقُدُّوسِ، قَالَ: وَهُوَ غَرِيبٌ مَا وَجَدْتُهُ عِنْدَ غَيْرِهِ.

قَوْلُهُ: (وَهُوَ عِنْدَهُ) فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ: عِنْدَ رَأْسِهِ. أَخْرَجَهُ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ حَرْبٍ شَيْخِ الْبُخَارِيِّ فِيهِ، وَكَذَا لِلْإِسْمَاعِيلِيِّ، عَنْ أَبِي خَلِيفَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ.

قَوْلُهُ: (فَأَسْلَمَ) فِي رِوَايَةِ النَّسَائِيِّ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْهِ، عَنْ سُلَيْمَانَ الْمَذْكُورِ، فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ.

قَوْلُهُ: (أَنْقَذَهُ مِنَ النَّارِ) فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ، وَأَبِي خَلِيفَةَ: أَنْقَذَهُ بِي مِنَ النَّارِ.

وَفِي الْحَدِيثِ جَوَازُ اسْتِخْدَامِ الْمُشْرِكِ، وَعِيَادَتِهِ إِذَا مَرِضَ، وَفِيهِ حُسْنُ الْعَهْدِ، وَاسْتِخْدَامُ الصَّغِيرِ، وَعَرْضُ الْإِسْلَامِ عَلَى الصَّبِيِّ، وَلَوْلَا صِحَّتُهُ مِنْهُ مَا عَرَضَهُ عَلَيْهِ. وَفِي قَوْلِهِ: أَنْقَذَهُ بِي مِنَ النَّارِ. دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُ صَحَّ إِسْلَامُهُ، وَعَلَى أَنَّ الصَّبِيَّ إِذَا عَقَلَ الْكُفْرَ وَمَاتَ عَلَيْهِ أَنَّهُ يُعَذَّبُ (١). وَسَيَأْتِي الْبَحْثُ فِي ذَلِكَ مِنْ حَدِيثِ سَمُرَةَ الطَّوِيلِ فِي الرُّؤْيَا الْآتِي فِي بَابِ أَوْلَادِ الْمُشْرِكِينَ فِي أَوَاخِرِ الْجَنَائِزِ.

ثَالِثُهَا حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ: كُنْتُ أَنَا وَأُمِّي مِنَ الْمُسْتَضْعَفِينَ. وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي التَّرْجَمَةِ.

رَابِعُهَا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي أَنَّ كُلَّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ، أَخْرَجَهُ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مُنْقَطِعًا، وَمِنْ طَرِيقٍ آخَرَ عَنْهُ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، فَالِاعْتِمَادُ فِي الْمَرْفُوعِ عَلَى الطَّرِيقِ الْمَوْصُولَةِ، وَإِنَّمَا أَوْرَدَ الْمُنْقَطِعَةَ لِقَوْلِ ابْنِ شِهَابٍ الَّذِي اسْتَنْبَطَهُ مِنَ الْحَدِيثِ، وَقَوْلُ ابْنِ شِهَابٍ: لِغِيَّةٍ بِكَسْرِ اللَّامِ وَالْمُعْجَمَةِ وَتَشْدِيدِ التَّحْتَانِيَّةِ، أَيْ: مِنْ زِنًا، وَمُرَادُهُ أَنَّهُ يُصَلَّى عَلَى وَلَدِ الزِّنَا وَلَا يَمْنَعُ ذَلِكَ مِنَ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مَحْكُومٌ بِإِسْلَامِهِ تَبَعًا لِأُمِّهِ، وَكَذَلِكَ مَنْ كَانَ أَبُوهُ مُسْلِمًا دُونَ أُمِّهِ، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ إِنَّهُ لَا يُصَلَّى عَلَى وَلَدِ الزِّنَا إِلَّا قَتَادَةُ وَحْدَهُ، وَاخْتُلِفَ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الصَّبِيِّ، فَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: لَا يُصَلَّى عَلَيْهِ حَتَّى يَبْلُغَ. وَقِيلَ: حَتَّى يُصَلِّيَ. وَقَالَ الْجُمْهُورُ: يُصَلَّى عَلَيْهِ حَتَّى السِّقْطَ إِذَا اسْتَهَلَّ (٢). وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي بَابِ قِرَاءَةِ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ. مَا يُقَالُ فِي الصَّلَاةِ عَلَى جِنَازَةِ الصَّبِيِّ، وَدَخَلَ فِي قَوْلِهِ: كُلُّ مَوْلُودٍ السِّقْطُ،


(١) في هذه الفائدة نظر لأنه ليس في الحديث المذكور دلالة صريحة على أن الغلام المذكور لم يبلغ، وقد صح عن النبي أنه قال "رفع القلم عن ثلاثة" وذكر منهم "الصغير حتى يبلغ" والله أعلم
(٢) الصواب شرعية الصلاة عليه وإن لم يستهل، إذا كان قد نفخ فيه الروح، لعموم حديث "السقط يصلى عليه" وتقدم البحث في ذلك في ص ٢٠١، والله أعلم