للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَقَالَ النَّبِيُّ : تَصَدَّقْنَ وَلَوْ مِنْ حُلِيِّكُنَّ، فَلَمْ يَسْتَثْنِ صَدَقَةَ الْفَرْضِ مِنْ غَيْرِهَا فَجَعَلَتْ الْمَرْأَةُ تُلْقِي خُرْصَهَا وَسِخَابَهَا، وَلَمْ يَخُصَّ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ مِنْ الْعُرُوضِ.

١٤٤٨ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنِي ثُمَامَةُ أَنَّ أَنَسًا حَدَّثَهُ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ كَتَبَ لَهُ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ رَسُولَهُ : وَمَنْ بَلَغَتْ صَدَقَتُهُ بِنْتَ مَخَاضٍ وَلَيْسَتْ عِنْدَهُ وَعِنْدَهُ بِنْتُ لَبُونٍ فَإِنَّهَا تُقْبَلُ مِنْهُ وَيُعْطِيهِ الْمُصَدِّقُ عِشْرِينَ دِرْهَمًا أَوْ شَاتَيْنِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ بِنْتُ مَخَاضٍ عَلَى وَجْهِهَا وَعِنْدَهُ ابْنُ لَبُونٍ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ مِنْهُ وَلَيْسَ مَعَهُ شَيْءٌ.

١٤٤٩ - حَدَّثَنَا مُؤَمَّلٌ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَشْهَدُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ لَصَلَّى قَبْلَ الْخُطْبَةِ فَرَأَى أَنَّهُ لَمْ يُسْمِعْ النِّسَاءَ، فَأَتَاهُنَّ وَمَعَهُ بِلَالٌ نَاشِرَ ثَوْبِهِ فَوَعَظَهُنَّ وَأَمَرَهُنَّ أَنْ يَتَصَدَّقْنَ، فَجَعَلَتْ الْمَرْأَةُ تُلْقِي، وَأَشَارَ أَيُّوبُ إِلَى أُذُنِهِ وَإِلَى حَلْقِهِ.

[الحديث ١٤٤٨ - أطرافه في: ١٤٥٠، ١٤٥١، ١٤٥٢، ١٤٥٣، ١٤٥٤، ٦٤٨٧، ٣١٠٦، ٥٨٧٨، ٦٩٥٥]

قَوْلُهُ: (بَابُ الْعَرْضِ فِي الزَّكَاةِ) أَيْ: جَوَازُ أَخْذِ الْعَرْضِ، وَهُوَ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ بَعْدَهَا مُعْجَمَةٌ، وَالْمُرَادُ بِهِ مَا عَدَا النَّقْدَيْنِ، قَالَ ابْنُ رَشِيدٍ: وَافَقَ الْبُخَارِيُّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الْحَنَفِيَّةَ مَعَ كَثْرَةِ مُخَالَفَتِهِ لَهُمْ، لَكِنْ قَادَهُ إِلَى ذَلِكَ الدَّلِيلُ، وَقَدْ أَجَابَ الْجُمْهُورُ عَنْ قِصَّةِ مُعَاذٍ، وَعَنِ الْأَحَادِيثِ كَمَا سَيَأْتِي عَقِبَ كُلٍّ مِنْهَا.

قَوْلُهُ: (وَقَالَ طَاوُسٌ: قَالَ مُعَاذٌ لِأَهْلِ الْيَمَنِ) هَذَا التَّعْلِيقُ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ إِلَى طَاوُسٍ، لَكِنْ طَاوُسٌ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ مُعَاذٍ فَهُوَ مُنْقَطِعٌ، فَلَا يُغْتَرُّ بِقَوْلِ مَنْ قَالَ: ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ بِالتَّعْلِيقِ الْجَازِمِ فَهُوَ صَحِيحٌ عِنْدَهُ، لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُفِيدُ إِلَّا الصِّحَّةَ إِلَى مَنْ عُلِّقَ عَنْهُ، وَأَمَّا بَاقِي الْإِسْنَادِ فَلَا، إِلَّا أَنَّ إِيرَادَهُ لَهُ فِي مَعْرِضِ الِاحْتِجَاجِ بِهِ يَقْتَضِي قُوَّتَهُ عِنْدَهُ، وَكَأَنَّهُ عَضَّدَهُ عِنْدَهُ الْأَحَادِيثُ الَّتِي ذَكَرَهَا فِي الْبَابِ، وَقَدْ رُوِّينَا أَثَرَ طَاوُسٍ الْمَذْكُورِ فِي كِتَابِ الْخَرَاجِ لِيَحْيَى بْنِ آدَمَ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَيْسَرَةَ، وَعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ فَرَّقَهُمَا كِلَاهُمَا عَنْ طَاوُسٍ.

وَقَوْلُهُ: خَمِيصٍ قَالَ الدَّاوُدِيُّ، وَالْجَوْهَرِيُّ وَغَيْرُهُمَا: ثَوْبٌ خَمِيسٌ بِسِينٍ مُهْمَلَةٍ هُوَ ثَوْبٌ طُولُهُ خَمْسَةُ أَذْرُعٍ، وَقِيلَ: سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّ أَوَّلَ مَنْ عَمِلَهُ الْخَمِيسُ مَلِكٌ مِنْ مُلُوكِ الْيَمَنِ، وَقَالَ عِيَاضٌ: ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ بِالصَّادِ، وَأَمَّا أَبُو عُبَيْدَةَ فَذَكَرَهُ بِالسِّينِ، قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: كَأَنَّ مُعَاذًا عَنَى الصَّفِيقَ مِنَ الثِّيَابِ، وَقَالَ عِيَاضٌ: قَدْ يَكُونُ الْمُرَادُ ثَوْبَ خَمِيصٍ أَيْ: خَمِيصَةً، لَكِنْ ذَكَرَهُ عَلَى إِرَادَةِ الثَّوْبِ.

وَقَوْلُهُ: لَبِيسٍ أَيْ: مَلْبُوسٍ، فَعِيلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ.

وَقَوْلُهُ: فِي الصَّدَقَةِ يَرُدُّ قَوْلَ مَنْ قَالَ: إِنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي الْخَرَاجِ، وَحَكَى الْبَيْهَقِيُّ أَنَّ بَعْضَهُمْ قَالَ فِيهِ: مِنَ الْجِزْيَةِ بَدَلَ الصَّدَقَةِ، فَإِنْ ثَبَتَ ذَلِكَ سَقَطَ الِاسْتِدْلَالُ، لَكِنَّ الْمَشْهُورَ الْأَوَّلُ، وَقَدْ رَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، عَنْ وَكِيعٍ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَيْسَرَةَ، عَنْ طَاوُسٍ: أَنَّ مُعَاذًا كَانَ يَأْخُذُ الْعُرُوضَ فِي الصَّدَقَةِ، وَأَجَابَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ بِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى: ائْتُونِي بِهِ آخُذْهُ مِنْكُمْ مَكَانَ الشَّعِيرِ وَالذُّرَةِ الَّذِي آخُذُهُ شِرَاءً بِمَا آخُذُهُ فَيَكُونُ بِقَبْضِهِ قَدْ بَلَغَ مَحِلَّهُ، ثُمَّ يَأْخُذُ مَكَانَهُ مَا يَشْتَرِيهِ مِمَّا هُوَ أَوْسَعُ عِنْدَهُمْ وَأَنْفَعُ لِلْآخِذِ، قَالَ: وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ مِنَ الزَّكَاةِ لَمْ تَكُنْ مَرْدُودَةً عَلَى الصَّحَابَةِ، وَقَدْ أَمَرَهُ النَّبِيُّ أَنْ يَأْخُذَ الصَّدَقَةَ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ فَيَرُدَّهَا