للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بِلَا خِلَافٍ، وَتَعَقَّبَهُ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَقَالَ: قَطَعَ الْجُمْهُورُ بِأَنَّ الْخِلَافَ فِي الْجَمِيعِ.

قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ) هُوَ الثَّوْرِيُّ.

قَوْلُهُ: (عَنْ أَبِي سَعِيدٍ) تَقَدَّمَ فِي رِوَايَةِ مَالِكٍ بِلَفْظِ: أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ.

قَوْلُهُ: (كُنَّا نُعْطِيهَا) أَيْ زَكَاةَ الْفِطْرِ.

قَوْلُهُ: (فِي زَمَانِ النَّبِيِّ ﷺ هَذَا حُكْمُهُ الرَّفْعُ لِإِضَافَتِهِ إِلَى زَمَنِهِ ﷺ، فَفِيهِ إِشْعَارٌ بِاطِّلَاعِهِ ﷺ عَلَى ذَلِكَ وَتَقْرِيرِهِ لَهُ، وَلَا سِيَّمَا فِي هَذِهِ الصُّورَةِ الَّتِي كَانَتْ تُوضَعُ عِنْدَهُ وَتُجْمَعُ بِأَمْرِهِ، وَهُوَ الْآمِرُ بِقَبْضِهَا وَتَفْرِقَتِهَا.

قَوْلُهُ: (صَاعًا مِنْ طَعَامٍ أَوْ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ) هَذَا يَقْتَضِي الْمُغَايَرَةَ بَيْنَ الطَّعَامِ وَبَيْنَ مَا ذُكِرَ بَعْدَهُ، وَقَدْ حَكَى الْخَطَّابِيُّ أَنَّ الْمُرَادَ بِالطَّعَامِ هُنَا الْحِنْطَةُ، وَأَنَّهُ اسْمٌ خَاصٌّ لهِ، قَالَ: وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ ذِكْرُ الشَّعِيرِ وَغَيْرِهِ مِنَ الْأَقْوَاتِ، وَالْحِنْطَةِ أَعْلَاهَا، فَلَوْلَا أَنَّهُ أَرَادَهَا بِذَلِكَ لَكَانَ ذِكْرُهَا عِنْدَ التَّفْصِيلِ كَغَيْرِهَا مِنَ الْأَقْوَاتِ وَلَا سِيَّمَا حَيْثُ عُطِفَتْ عَلَيْهَا بِحَرْفِ أَوْ الْفَاصِلَةِ، وَقَالَ هُوَ وَغَيْرُهُ: وَقَدْ كَانَتْ لَفْظَه الطَّعَامِ تُسْتَعْمَلُ فِي الْحِنْطَةِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ حَتَّى إِذَا قِيلَ: اذْهَبْ إِلَى سُوقِ الطَّعَامِ فُهِمَ مِنْهُ سُوقُ الْقَمْحِ، وَإِذَا غَلَبَ الْعُرْفُ نُزِّلَ اللَّفْظُ عَلَيْهِ، لِأَنَّ مَا غَلَبَ اسْتِعْمَالُ اللَّفْظِ فِيهِ كَانَ خُطُورُهُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ أَقْرَبَ. انْتَهَى. وَقَدْ رَدَّ ذَلِكَ ابْنُ الْمُنْذِرِ، وَقَالَ: ظَنَّ بَعْضُ أَصْحَابِنَا أَنَّ قَوْلَهُ فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ: صَاعًا مِنْ طَعَامٍ حُجَّةٌ لِمَنْ قَالَ صَاعًا مِنْ حِنْطَةٍ، وَهَذَا غَلَطٌ مِنْهُ، وَذَلِكَ أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ أَجْمَلَ الطَّعَامَ ثُمَّ فَسَّرَهُ، ثُمَّ أَوْرَدَ طَرِيقَ حَفْصِ بْنِ مَيْسَرَةَ الْمَذْكُورَةَ فِي الْبَابِ الَّذِي يَلِي هَذَا، وَهِيَ ظَاهِرَةٌ فِيمَا قَالَ وَلَفْظُهُ: كُنَّا نُخْرِجُ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ، وَكَانَ طَعَامَنَا الشَّعِيرُ وَالزَّبِيبُ وَالْأَقِطُ وَالتَّمْرُ. وَأَخْرَجَ الطَّحَاوِيُّ نَحْوَهُ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى عَنْ عِيَاضٍ، وَقَالَ فِيهِ: وَلَا يُخْرِجُ غَيْرَهُ قَالَ وَفِي قَوْلِهِ: فَلَمَّا جَاءَ مُعَاوِيَةُ وَجَاءَتِ السَّمْرَاءُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ قُوتًا لَهُمْ قَبْلَ هَذَا، فَدَلَّ عَلَى أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ كَثِيرَةً وَلَا قُوتًا، فَكَيْفَ يُتَوَهَّمُ أَنَّهُمْ أَخْرَجُوا مَا لَمْ يَكُنْ مَوْجُودًا؟ انْتَهَى كَلَامُهُ.

وَأَخْرَجَ ابْنُ خُزَيْمَةَ وَالْحَاكِمُ فِي صَحِيحَيْهِمَا مِنْ طَرِيقِ ابْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ حَكِيمٍ، عَنْ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَالَ أَبُو سَعِيدٍ وَذَكَرُوا عِنْدَهُ صَدَقَةَ رَمَضَانَ فَقَالَ: لَا أُخْرِجُ إِلَّا مَا كُنْتُ أُخْرِجُ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ: صَاعَ تَمْرٍ أَوْ صَاعَ حِنْطَةٍ أَوْ صَاعَ شَعِيرٍ أَوْ صَاعَ أَقِطٍ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: أَوْ مُدَّيْنِ مِنْ قَمْحٍ، فَقَالَ: لَا، تِلْكَ قِيمَةُ مُعَاوِيَةَ مَطْوِيَّةٌ لَا أَقْبَلُهَا، وَلَا أَعْمَلُ بِهَا. قَالَ ابْنُ خُزَيْمَةَ: ذِكْرُ الْحِنْطَةِ فِي خَبَرِ أَبِي سَعِيدٍ غَيْرُ مَحْفُوظٍ، وَلَا أَدْرِي مِمَّنِ الْوَهَمُ. وَقَوْلُهُ: فَقَالَ رَجُلٌ. . . إِلَخْ دَالٌّ عَلَى أَنَّ ذِكْرَ الْحِنْطَةِ فِي أَوَّلِ الْقِصَّةِ خَطَأٌ، إِذْ لَوْ كَانَ أَبُو سَعِيدٍ أَخْبَرَ أَنَّهُمْ كَانُوا يُخْرِجُونَ مِنْهَا فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ صَاعًا لَمَا كَانَ الرَّجُلُ يَقُولُ لَهُ: أَوْ مُدَّيْنِ مِنْ قَمْحٍ، وَقَدْ أَشَارَ أَبُو دَاوُدَ إِلَى رِوَايَةِ ابْنِ إِسْحَاقَ هَذِهِ، وَقَالَ: إِنَّ ذِكْرَ الْحِنْطَةِ فِيهِ غَيْرُ مَحْفُوظٍ، وَذُكِرَ أَنَّ مُعَاوِيَةَ بْنَ هِشَامٍ رَوَى فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ سُفْيَانَ: نِصْفُ صَاعٍ مِنْ بُرٍّ. وَهُوَ وَهَمٌ، وَأَنَّ ابْنَ عُيَيْنَةَ حَدَّثَ بِهِ عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنْ عِيَاضٍ، فَزَادَ فِيهِ: أَوْ صَاعًا مِنْ دَقِيقٍ. وَأَنَّهُمْ أَنْكَرُوا عَلَيْهِ فَتَرَكَهُ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَذِكْرُ الدَّقِيقِ وَهَمٌ مِنَ ابْنِ عُيَيْنَةَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ خُزَيْمَةَ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ فُضَيْلِ بْنِ غَزْوَانَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: لَمْ تَكُنِ الصَّدَقَةُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ إِلَّا التَّمْرُ وَالزَّبِيبُ وَالشَّعِيرُ، وَلَمْ تَكُنِ الْحِنْطَةُ.

وَلِمُسْلِمٍ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ عِيَاضٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ: كُنَّا نُخْرِجُ مِنْ ثَلَاثَةِ أَصْنَافٍ: صَاعًا مِنْ تَمْرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ أَقِطٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ. وَكَأَنَّهُ سَكَتَ عَنِ الزَّبِيبِ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ لِقِلَّتِهِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الثَّلَاثَةِ الْمَذْكُورَةِ. وَهَذِهِ الطُّرُقُ كُلُّهَا تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالطَّعَامِ فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ غَيْرُ الْحِنْطَةِ، فَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ الذُّرَةُ، فَإِنَّهُ الْمَعْرُوفُ عِنْدَ أَهْلِ الْحِجَازِ الْآنَ، وَهِيَ قُوتٌ غَالِبٌ لَهُمْ. وَقَدْ رَوَى الْجَوْزَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ عَجْلَانَ عَنْ عِيَاضٍ فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ: صَاعًا مِنْ تَمْرٍ، صَاعًا مِنْ سُلْتٍ أَوْ ذُرَةٍ. وَقَالَ الْكَرْمَانِيُّ: يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ: صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ. . . إِلَخْ بَعْدَ قَوْلِهِ: