للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي الْمَجَازِ: فَجٌّ عَمِيقٌ أَيْ بَعِيدُ الْقَعْرِ، وَهَذَا تَفْسِيرُ الْعَمِيقِ، يُقَالُ: بِئْرٌ عَمِيقَةُ الْقَعْرِ أَيْ بَعِيدَةُ الْقَعْرِ. ثُمَّ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ حَدِيثَ ابْنِ عُمَرَ فِي إِهْلَالِ رَسُولِ اللَّهِ حِينَ اسْتَوَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ، وَحَدِيثَ جَابِرٍ نَحْوَهُ، وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ بَعْدَ أَبْوَابٍ، وَغَرَضُهُ مِنْهُ الرَّدُّ عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّ الْحَجَّ مَاشِيًا أَفْضَلُ لِتَقْدِيمِهِ فِي الذِّكْرِ عَلَى الرَّاكِبِ، فَبَيَّنَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ أَفْضَلَ لَفَعَلَهُ النَّبِيُّ ، بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَمْ يُحْرِمْ حَتَّى اسْتَوَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ، ذَكَرَ ذَلِكَ ابْنُ الْمُنِيرِ فِي الْحَاشِيَةِ. وَقَالَ غَيْرُهُ: مُنَاسَبَةُ الْحَدِيثِ لِلْآيَةِ أَنَّ ذَا الْحُلَيْفَةِ فَجٌّ عَمِيقٌ وَالرُّكُوبُ مُنَاسِبٌ لِقَوْلِهِ: ﴿وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ﴾.

وَقَالَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ: لَيْسَ فِي الْحَدِيثَيْنِ شَيْءٌ مِمَّا تَرْجَمَ الْبَابَ بِهِ، وَرُدَّ بِأَنَّ فِيهِمَا الْإِشَارَةَ إِلَى أَنَّ الرُّكُوبَ أَفْضَلُ فَيُؤْخَذُ مِنْهُ جَوَازُ الْمَشْيِ.

قَوْلُهُ: (رَوَاهُ أَنَسٌ وَابْنُ عَبَّاسٍ) أَيِ إِهْلَالُهُ بَعْدَ مَا اسْتَوَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ، وَسَيَأْتِي حَدِيثُ أَنَسٍ مَوْصُولًا فِي بَابِ مَنْ بَاتَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ حَتَّى أَصْبَحَ. وَحَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ قَبْلَهُ فِي بَابِ مَا يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ مِنَ الثِّيَابِ فِي أَثْنَاءِ حَدِيثٍ. قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: اخْتُلِفَ فِي الرُّكُوبِ وَالْمَشْيِ لِلْحُجَّاجِ أَيُّهُمَا أَفْضَلُ؟ فَقَالَ الْجُمْهُورُ: الرُّكُوبُ أَفْضَلُ لِفِعْلِ النَّبِيِّ ، وَلِكَوْنِهِ أَعْوَنَ عَلَى الدُّعَاءِ وَالِابْتِهَالِ، وَلِمَا فِيهِ مِنَ الْمَنْفَعَةِ، وَقَالَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ: الْمَشْيُ أَفْضَلُ لِمَا فِيهِ مِنَ التَّعَبِ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ: يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَحْوَالِ وَالْأَشْخَاصِ، فَاللَّهُ أَعْلَمُ.

(تَنْبِيهٌ): أَحْمَدُ بْنُ عِيسَى شَيْخُ الْمُصَنِّفِ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ، وَقَعَ هَكَذَا فِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ، وَوَافَقَهُ أَبُو عَلِيٍّ الشَّبُّوِيُّ، وَأَهْمَلَهُ الْبَاقُونَ، وَإِبْرَاهِيمُ شَيْخُهُ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ وَقَعَ مُهْمَلًا لِلْأَكْثَرِ، وَفِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى الرَّازِيُّ وَهُوَ الْحَافِظُ الْمَعْرُوفُ بِالْفَرَّاءِ الصَّغِيرِ.

٣ - بَاب الْحَجِّ عَلَى الرَّحْلِ

١٥١٦ - وَقَالَ أَبَانُ: حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ، عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ : بَعَثَ مَعَهَا أَخَاهَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ فَأَعْمَرَهَا مِنْ التَّنْعِيمِ وَحَمَلَهَا عَلَى قَتَبٍ.

وَقَالَ عُمَرُ : شُدُّوا الرِّحَالَ فِي الْحَجِّ فَإِنَّهُ أَحَدُ الْجِهَادَيْنِ.

١٥١٧ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا عَزْرَةُ بْنُ ثَابِتٍ عَنْ ثُمَامَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَنَسٍ قَالَ "حَجَّ أَنَسٌ عَلَى رَحْلٍ وَلَمْ يَكُنْ شَحِيحًا وَحَدَّثَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ حَجَّ عَلَى رَحْلٍ وَكَانَتْ زَامِلَتَهُ"

١٥١٨ - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ حَدَّثَنَا أَيْمَنُ بْنُ نَابِلٍ حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ "عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ اعْتَمَرْتُمْ وَلَمْ أَعْتَمِرْ فَقَالَ يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ اذْهَبْ بِأُخْتِكَ فَأَعْمِرْهَا مِنْ التَّنْعِيمِ فَأَحْقَبَهَا عَلَى نَاقَةٍ فَاعْتَمَرَتْ"

قَوْلُهُ: (بَابُ الْحَجِّ عَلَى الرَّحْلِ) بِفَتْحِ الرَّاءِ وَسُكُونِ الْمُهْمَلَةِ، وَهُوَ لِلْبَعِيرِ كَالسَّرْجِ لِلْفَرَسِ، أَشَارَ بِهَذَا إِلَى أَنَّ التَّقَشُّفَ أَفْضَلُ مِنَ التَّرَفُّهِ.

قَوْلُهُ: (وَقَالَ أَبَانُ) هُوَ ابْنُ يَزِيدَ الْعَطَّارُ، وَالْقَاسِمُ هُوَ ابْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ. وَهَذِهِ الطَّرِيقُ وَصَلَهَا أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ مِنْ طَرِيقِ حَرَمِيِّ بْنِ حَفْصٍ، عَنْ أَبَانَ بْنِ يَزِيدَ الْعَطَّارِ بِهِ، وَسَمِعْنَاهُ بِعُلُوٍّ فِي فَوَائِدِ أَبِي الْعَبَّاسِ بْنِ نَجِيحٍ وَلَمْ يُخَرِّجِ الْبُخَارِيُّ، لِمَالِكِ بْنِ دِينَارٍ، وَهُوَ الزَّاهِدُ الْمَشْهُورُ الْبَصْرِيُّ غَيْرَ هَذَا الْحَدِيثِ الْوَاحِدِ