للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

لِأَنَّهَا تُحَاذِي قَرْنًا، وَهَذِهِ الصُّورَةُ إِنَّمَا هِيَ حَيْثُ يَجْهَلُ الْمُحَاذَاةَ، فَلَعَلَّ الْقَائِلَ بِالْمَرْحَلَتَيْنِ أَخَذَ بِالْأَقَلِّ؛ لِأَنَّ مَا زَادَ عَلَيْهِ مَشْكُوكٌ فِيهِ، لَكِنَّ مُقْتَضَى الْأَخْذِ بِالِاحْتِيَاطِ أَنْ يُعْتَبَرَ الْأَكْثَرُ الْأَبْعَدُ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ مَنْ عَنْ يَمِينِ الْكَعْبَةِ وَبَيْنَ مَنْ عَنْ شِمَالِهَا؛ لِأَنَّ الْمَوَاقِيتَ الَّتِي عَنْ يَمِينِهَا أَقْرَبُ مِنَ الَّتِي عَنْ شِمَالِهَا، فَيُقَدَّرُ لِلْيَمِينِ الْأَقْرَبُ وَلِلشِّمَالِ الْأَبْعَدُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

ثُمَّ إِنَّ مَشْرُوعِيَّةَ الْمُحَاذَاةِ مُخْتَصَّةٌ بِمَنْ لَيْسَ لَهُ أَمَامَهُ مِيقَاتٌ مُعَيَّنٌ، فَأَمَّا مَنْ لَهُ مِيقَاتٌ مُعَيَّنٌ كَالْمِصْرِيِّ مَثَلًا يَمُرُّ بِبَدْرٍ وَهِيَ تُحَاذِي ذَا الْحُلَيْفَةِ، فَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُحْرِمَ مِنْهَا، بَلْ لَهُ التَّأْخِيرُ حَتَّى يَأْتِيَ الْجُحْفَةَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

(تَنْبِيهٌ): الْعَقِيقُ الْمَذْكُورُ هُنَا وَادٍ يَتَدَفَّقُ مَاؤُهُ فِي غَوْرَيْ تِهَامَةَ، وَهُوَ غَيْرُ الْعَقِيقِ الْمَذْكُورِ بَعْدَ بَابَيْنِ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ.

١٤ - بَاب

١٥٣٢ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ﵄ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ أَنَاخَ بِالْبَطْحَاءِ بِذِي الْحُلَيْفَةِ فَصَلَّى بِهَا، وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ ﵄ يَفْعَلُ ذَلِكَ.

قَوْلُهُ: (بَابٌ) كَذَا فِي الْأُصُولِ بِغَيْرِ تَرْجَمَةٍ، وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْفَصْلِ مِنَ الْأَبْوَابِ الَّتِي قَبْلَهُ، وَمُنَاسَبَتُهُ لَهَا مِنْ جِهَةِ دَلَالَةِ حَدِيثِهِ عَلَى اسْتِحْبَابِ صَلَاةِ رَكْعَتَيْنِ عِنْدَ إِرَادَةِ الْإِحْرَامِ مِنَ الْمِيقَاتِ، وَقَدْ تَرْجَمَ عَلَيْهِ بَعْضُ الشَّارِحِينَ: نُزُولُ الْبَطْحَاءِ وَالصَّلَاةُ بِذِي الْحُلَيْفَةِ، وَحَكَى الْقُطْبُ أَنَّهُ فِي بَعْضِ النُّسَخِ قَالَ: وَسَقَطَ فِي نُسْخَةِ سَمَاعِنَا لَفْظُ بَابٌ وَفِي شَرْحِ ابْنِ بَطَّالٍ: الصَّلَاةُ بِذِي الْحُلَيْفَةِ.

قَوْلُهُ: (أَنَاخَ) بِالنُّونِ وَالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ؛ أَيْ أَبْرَكَ بَعِيرَهُ، وَالْمُرَادُ أَنَّهُ نَزَلَ بِهَا، وَالْبَطْحَاءُ قَدْ بَيَّنَ أَنَّهَا الَّتِي بِذِي الْحُلَيْفَةِ. وَقَوْلُهُ: فَصَلَّى بِهَا يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ لِلْإِحْرَامِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ لِلْفَرِيضَةِ، وَسَيَأْتِي مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ أَنَّهُ ﷺ صَلَّى الْعَصْرَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ أنَّ هَذَا النُّزُولِ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ فِي الذَّهَابِ، وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنْ تَصَرُّفِ الْمُصَنِّفِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ فِي الرُّجُوعِ، وَيُؤَيِّدُهُ حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ الَّذِي بَعْدَهُ بِلَفْظِ: وَإِذَا رَجَعَ صَلَّى بِذِي الْحُلَيْفَةِ بِبَطْنِ الْوَادِي وَبَاتَ حَتَّى أَصْبَحَ. وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بِأَنَّهُ كَانَ يَفْعَلُ الْأَمْرَيْنِ ذَهَابًا وَإِيَابًا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

١٥ - بَاب خُرُوجِ النَّبِيِّ ﷺ عَلَى طَرِيقِ الشَّجَرَةِ

١٥٣٣ - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ، حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ﵄ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كَانَ يَخْرُجُ مِنْ طَرِيقِ الشَّجَرَةِ وَيَدْخُلُ مِنْ طَرِيقِ الْمُعَرَّسِ، وَإنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كَانَ إِذَا خَرَجَ إِلَى مَكَّةَ يُصَلِّي فِي مسْجِدِ الشَّجَرَةِ، وَإِذَا رَجَعَ صَلَّى بِذِي الْحُلَيْفَةِ بِبَطْنِ الْوَادِي وَبَاتَ حَتَّى يُصْبِحَ.

قَوْلُهُ: (بَابُ خُرُوجِ النَّبِيِّ ﷺ عَلَى طَرِيقِ الشَّجَرَةِ)، قَالَ عِيَاضٌ: هُوَ مَوْضِعٌ مَعْرُوفٌ عَلَى طَرِيقِ مَنْ أَرَادَ الذَّهَابَ إِلَى مَكَّةَ مِنَ الْمَدِينَةِ، كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يَخْرُجُ مِنْهُ إِلَى ذِي الْحُلَيْفَةِ فَيَبِيتُ بِهَا، وَإِذَا رَجَعَ بَاتَ بِهَا أَيْضًا، وَدَخَلَ عَلَى طَرِيقِ الْمُعَرَّسِ - بِفَتْحِ الرَّاءِ الْمُثَقَّلَةِ وَالْمُهْمَلَتَيْنِ - وَهُوَ مَكَانٌ مَعْرُوفٌ أَيْضًا، وَكُلٌّ مِنَ الشَّجَرَةِ وَالْمُعَرَّسِ عَلَى سِتَّةِ أَمْيَالٍ مِنَ الْمَدِينَةِ، لَكِنَّ الْمُعَرَّسَ أَقْرَبُ، وَسَيَأْتِي فِي الْبَابِ الَّذِي بَعْدَهُ مَزِيدُ بَيَانٍ فِي ذَلِكَ. قَالَ ابنُ بَطَّالٍ: كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يَفْعَلُ ذَلِكَ كَمَا يَفْعَلُ فِي الْعِيدِ؛ يَذْهَبُ مِنْ طَرِيقٍ وَيَرْجِعُ مِنْ أُخْرَى، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِي حِكْمَةِ ذَلِكَ مَبْسُوطًا. وَقَدْ قَالَ