للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بَعْضُهُمْ: إِنَّ نُزُولَهُ هُنَاكَ لَمْ يَكُنْ قَصْدًا، وَإِنَّمَا كَانَ اتِّفَاقًا، حَكَاهُ إِسْمَاعِيلُ الْقَاضِي فِي أَحْكَامِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ وَتَعَقَّبَهُ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ كَانَ قَصْدًا لِئَلَّا يَدْخُلَ الْمَدِينَةَ لَيْلًا، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: وَبَاتَ حَتَّى يُصْبِحَ وَلِمَعْنًى فِيهِ وَهُوَ التَّبَرُّكُ بِهِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْبَابِ الَّذِي بَعْدَهُ.

وَقَدْ تَقَدَّمَتِ الْإِشَارَةُ إِلَى شَيْءٍ مِنْ حَدِيثِ البابِ فِي أَوَاخِرِ أَبْوَابِ الْمَسَاجِدِ، وَسِيَاقُهُ هُنَاكَ أَبْسَطُ مِنْ هَذَا.

١٦ - باب قَوْلِ النَّبِيِّ : الْعَقِيقُ وَادٍ مُبَارَكٌ

١٥٣٤ - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ، وَبِشْرُ بْنُ بَكْرٍ التِّنِّيسِيُّ؛ قَالَا: حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ قَالَ: حَدَّثَنا يَحْيَى قَالَ: حَدَّثَنِي عِكْرِمَةُ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ إِنَّهُ سَمِعَ عُمَرَ يَقُولُ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ بِوَادِي الْعَقِيقِ يَقُولُ: أَتَانِي اللَّيْلَةَ آتٍ مِنْ رَبِّي فَقَالَ: صَلِّ فِي هَذَا الْوَادِي الْمُبَارَكِ وَقُلْ: عُمْرَةً فِي حَجَّةٍ.

[الحديث ١٥٣٤ - طرفاه في: ٢٣٣٧، ٧٣٤٣]

١٥٣٥ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ قَالَ حَدَّثَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ "عَنْ النَّبِيِّ أَنَّهُ رُئِيَ وَهُوَ فِي مُعَرَّسٍ بِذِي الْحُلَيْفَةِ بِبَطْنِ الْوَادِي قِيلَ لَهُ إِنَّكَ بِبَطْحَاءَ مُبَارَكَةٍ وَقَدْ أَنَاخَ بِنَا سَالِمٌ يَتَوَخَّى بِالْمُنَاخِ الَّذِي كَانَ عَبْدُ اللَّهِ يُنِيخُ يَتَحَرَّى مُعَرَّسَ رَسُولِ اللَّه وَهُوَ أَسْفَلُ مِنْ الْمَسْجِدِ الَّذِي بِبَطْنِ الْوَادِي بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الطَّرِيقِ وَسَطٌ مِنْ ذَلِكَ"

قَوْلُهُ: (بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ : الْعَقِيقُ وَادٍ مُبَارَكٌ) أَوْرَدَ فِيهِ حَدِيثَ عُمَرَ فِي ذَلِكَ، وَلَيْسَ هُوَ مِنْ قَوْلِ النَّبِيِّ ، وَإِنَّمَا حَكَاهُ عَنِ الْآتِي الَّذِي أَتَاهُ. لَكِنْ رَوَى أَبُو أَحْمَدَ بْنُ عَدِيٍّ مِنْ طَرِيقِ يَعْقُوبَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الزُّهْرِيِّ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ مَرْفُوعًا: تَخَيَّمُوا بِالْعَقِيقِ؛ فَإِنَّهُ مُبَارَكٌ. فَكَأَنَّهُ أَشَارَ إِلَى هَذَا. وَقَوْلُهُ: تَخَيَّمُوا بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَالتَّحْتَانِيَّةِ أَمْرٌ بِالتَّخَيُّمِ، وَالْمُرَادُ بِهِ النُّزُولُ هُنَاكَ. وَذَكَرَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي الْمَوْضُوعَاتِ عَنْ حَمْزَةَ الْأَصْبَهَانِيِّ أَنَّهُ ذَكَرَ فِي كِتَابِ التَّصْحِيفِ أَنَّ الرِّوَايَةَ بِالتَّحْتَانِيَّةِ تَصْحِيفٌ، وَأَنَّ الصَّوَابَ بِالْمُثَنَّاةِ الْفَوْقَانِيَّةِ، وَلِمَا قَالَهُ اتِّجَاهٌ، لِأَنَّهُ وَقَعَ فِي مُعْظَمِ الطُّرُقِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مِنَ الْخَاتَمِ، وَهُوَ مِنْ طَرِيقِ يَعْقُوبَ بْنِ الْوَلِيدِ، عَنْ هِشَامٍ بِلَفْظِهِ، وَوَقَعَ فِي حَدِيثِ عُمَرَ: تَخَتَّمُوا بِالْعَقِيقِ، فَإِنَّ جِبْرِيلَ أَتَانِي بِهِ مِنَ الْجَنَّةِ، الْحَدِيثَ. وَأَسَانِيدُهُ ضَعِيفَةٌ.

قَوْلُهُ: (آتٍ مِنْ رَبِّي) هُوَ جِبْرِيلُ.

قَوْلُهُ: (فَقَالَ: صَلِّ فِي هَذَا الْوَادِي الْمُبَارَكِ) يَعْنِي وَادِيَ الْعَقِيقِ، وَهُوَ بِقُرْبِ الْبَقِيعِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَدِينَةِ أَرْبَعَةُ أَمْيَالٍ. رَوَى الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ فِي أَخْبَارِ الْمَدِينَةِ أَنَّ تُبَّعًا لَمَّا رَجَعَ مِنَ الْمَدِينَةِ انْحَدَرَ فِي مَكَانٍ فَقَالَ: هَذَا عَقِيقُ الْأَرْضِ، فَسُمِّيَ الْعَقِيقَ.

قَوْلُهُ: (وَقُلْ: عُمْرَةٌ فِي حَجَّةٍ) بِرَفْعِ عُمْرَةٍ لِلْأَكْثَرِ، وَبِنَصْبِهَا لِأَبِي ذَرٍّ عَلَى حِكَايَةِ اللَّفْظِ؛ أَيْ قُلْ: جَعَلْتُهَا عُمْرَةً، وَهَذَا دَالٌّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ قَارِنًا، وَسَيَأْتِي بَيَانُ ذَلِكَ بَعْدَ أَبْوَابٍ. وَأَبْعَدَ مَنْ قَالَ: مَعْنَاهُ عُمْرَةٌ مُدْرَجَةٌ فِي حَجَّةٍ؛ أَيْ أنَّ عَمَلَ الْعُمْرَةِ يَدْخُلُ فِي عَمَلِ الْحَجِّ، فَيُجْزِي لَهَمَا طَوَافٌ وَاحِدٌ، وَقَالَ: مِنْ مَعْنَاهُ أَنَّهُ يَعْتَمِرُ فِي تِلْكَ السَّنَةِ بَعْدَ فَرَاغِ حَجِّهِ. وَهَذَا أَبْعَدُ مِنَ الَّذِي قَبْلَهُ، لِأَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ. نَعَمْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَمَرَ أَنْ يَقُولَ ذَلِكَ لِأَصْحَابِهِ لِيُعَلِّمَهُمْ مَشْرُوعِيَّةَ الْقِرَانِ، وَهُوَ كَقَوْلِهِ: دَخَلَتِ الْعُمْرَةُ فِي الْحَجِّ؛ قَالَهُ الطَّبَرِيُّ. وَاعْتَرَضَهُ ابْنُ الْمُنِيرِ فِي الْحَاشِيَةِ فَقَالَ: لَيْسَ نَظِيرُهُ، لِأَنَّ قَوْلَهُ: دَخَلْتْ. . . إِلَخْ تَأْسِيسُ قَاعِدَةٍ، وَقَوْلُهُ: عُمْرَةٌ فِي حَجَّةٍ بِالتَّنْكِيرِ يَسْتَدْعِي