للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الطَّرِيقِ الرَّابِعَةِ: (حَدَّثَنَا يَزِيدُ) هُوَ ابْنُ هَارُونَ كَمَا جَزَمَ بِهِ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ.

قَوْلُهُ: (عَنْ عُرْوَةَ) كَذَا رَوَاهُ الْحُفَّاظُ مِنْ أَصْحَابِ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ عَنْهُ، فَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَأَحْمَدُ بْنُ سِنَانٍ، وَأَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ فِي مَسَانِيدِهِمْ عَنْهُ هَكَذَا، وَالنَّسَائِيُّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَّامٍ، وَالْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ طَرِيقِ هَارُونَ الْجَمَّالِ، وَالزَّعْفَرَانِيُّ كُلُّهُمْ عَنْ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ، وَخَالَفَهُمُ الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ، فَرَوَاهُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ، فَقَالَ: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ. بَدَلَ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَهكَذَا أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي الْأَزْهَرِ، عَنْ وَهْبِ بْنِ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ: إِنْ كَانَ أَبُو الْأَزْهَرِ ضَبَطَهُ، فَكَأَنَّ يَزِيدَ بْنَ رُومَانَ سَمِعَهُ مِنَ الْأَخَوَيْنِ. قُلْتُ: قَدْ تَابَعَهُ مُحَمَّدُ بْنُ مُشْكَانَ، كَمَا أَخْرَجَهُ الْجَوْزَقِيُّ، عَنِ الدَّغُولِيِّ عَنْهُ، عَنْ وَهْبِ بْنِ جَرِيرٍ، وَيَزِيدُ قَدْ حَمَلَهُ عَنِ الْأَخَوَيْنِ، لَكِنَّ رِوَايَةَ الْجَمَاعَةِ أَوْضَحُ، فَهِيَ أَصَحُّ.

قَوْلُهُ: (حَدِيثُ عَهْدٍ) كَذَا لِجَمِيعِ الرُّوَاةِ بِالْإِضَافَةِ، وَقَالَ الْمُطَرِّزِيُّ: لَا يَجُوزُ حَذْفُ الْوَاوِ فِي مِثْلِ هَذَا، وَالصَّوَابُ: حَدِيثُو عَهْدٍ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

قَوْلُهُ: (فَذَلِكَ الَّذِي حَمَلَ ابْنَ الزُّبَيْرِ عَلَى هَدْمِهِ) زَادَ وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ فِي رِوَايَتِهِ: وَبِنَائِهِ.

قَوْلُهُ: (قَالَ يَزِيدُ) هُوَ ابْنُ رُومَانَ بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ.

قَوْلُهُ: (وَشَهِدْتُ ابْنَ الزُّبَيْرِ حِينَ هَدَمَهُ وَبَنَاهُ - إِلَى قَوْلِهِ - كَأَسْنِمَةِ الْإِبِلِ) هَكَذَا ذَكَرَهُ يَزِيدُ بْنُ رُومَانَ مُخْتَصَرًا، وَقَدْ ذَكَرَهُ مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ وَاضِحًا، فَرَوَى مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، قَالَ: لَمَّا احْتَرَقَ الْبَيْتُ زَمَنَ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ حِينَ غَزَاهُ أَهْلُ الشَّامِ، فَكَانَ مِنْ أَمْرِهِ مَا كَانَ. وَلِلْفَاكِهِيِّ فِي كِتَابِ مَكَّةَ مِنْ طَرِيقِ أَبِي أُوَيْسٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ وَغَيْرُهُ قَالُوا: لَمَّا أَحْرَقَ أَهْلُ الشَّامِ الْكَعْبَةَ وَرَمَوْهَا بِالْمَنْجَنِيقِ وَهَتِ الْكَعْبَةُ وَلِابْنِ سَعْدٍ فِي الطَّبَقَاتِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي الْحَارِثِ بْنِ زَمْعَةَ، قَالَ: ارْتَحَلَ الْحُصَيْنُ بْنُ نُمَيْرٍ - يَعْنِي الْأَمِيرَ الَّذِي كَانَ يُقَاتِلُ ابْنَ الزُّبَيْرِ مِنْ قِبَلِ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ - لَمَّا أَتَاهُمْ مَوْتُ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ فِي رَبِيعٍ الْآخَرِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ، قَالَ: فَأَمَرَ ابْنُ الزُّبَيْرِ بِالْخُصَاصِ الَّتِي كَانَتْ حَوْلَ الْكَعْبَةِ فَهُدِمَتْ، فَإِذَا الْكَعْبَةُ تَنْفُضُ - أَيْ تَتَحَرَّكُ - مُتَوَهِّنَةٌ تَرْتَجُّ مِنْ أَعْلَاهَا إِلَى أَسْفَلِهَا فِيهَا أَمْثَالُ جُيُوبِ النِّسَاءِ مِنْ حِجَارَةِ الْمَنْجَنِيقِ. وَلِلْفَاكِهِيِّ مِنْ طَرِيقِ عُثْمَانَ بْنِ سَاجٍ: بَلَغَنِي أَنَّهُ لَمَّا قَدِمَ جَيْشُ الْحُصَيْنِ بْنِ نُمَيْرٍ، أَحْرَقَ بَعْضُ أَهْلِ الشَّامِ عَلَى بَابِ بَنِي جِمْحٍ، وَفِي الْمَسْجِدِ يَوْمَئِذٍ خِيَامٌ، فَمَشَى الْحَرِيقُ حَتَّى أَخَذَ فِي الْبَيْتِ، فَظَنَّ الْفَرِيقَانِ أَنَّهُمْ هَالِكُونَ، وَضَعُفَ بِنَاءُ الْبَيْتِ، حَتَّى أنَّ الطَّيْرَ لَيَقَعُ عَلَيْهِ فَتَتَنَاثَرُ حِجَارَتُهُ.

وَلِعَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مَرْثَدِ بْنِ شُرَحْبِيلَ أَنَّهُ حَضَرَ ذَلِكَ، قَالَ: كَانَتِ الْكَعْبَةُ قَدْ وَهَتْ مِنْ حَرِيقِ أَهْلِ الشَّامِ، قَالَ: فَهَدَمَهَا ابْنُ الزُّبَيْرِ، فَتَرَكَهُ ابْنُ الزُّبَيْرِ حَتَّى قَدِمَ النَّاسُ الْمَوْسِمَ يُرِيدُ أَنْ يَحْزُبَهُمْ عَلَى أَهْلِ الشَّامِ، فَلَمَّا صَدَرَ النَّاسُ قَالَ: أَشِيرُوا عَلَيَّ فِي الْكَعْبَةِ. الْحَدِيثَ، وَلِابْنِ سَعْدٍ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ قَالَ: لَمْ يَبْنِ ابْنُ الزُّبَيْرِ الْكَعْبَةَ حَتَّى حَجَّ النَّاسُ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ، ثُمَّ بَنَاهَا حِينَ اسْتَقْبَلَ سَنَةَ خَمْسٍ وَسِتِّينَ. وَحُكِيَ عَنِ الْوَاقِدِيِّ أَنَّهُ رَدَّ ذَلِكَ وَقَالَ: الْأَثْبَتُ عِنْدِي أَنَّهُ ابْتَدَأَ بِنَاءَهَا بَعْدَ رَحِيلِ الْجَيْشِ بِسَبْعِينَ يَوْمًا، وَجَزَمَ الْأَزْرَقِيُّ بِأَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي نِصْفِ جُمَادَى الْآخِرَةِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ. قُلْتُ: وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ بِأَنْ يَكُونَ ابْتِدَاءُ الْبِنَاءِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ، وَامْتَدَّ أَمَدُهُ إِلَى الْمَوْسِمِ لِيَرَاهُ أَهْلُ الْآفَاقِ، لِيُشَنِّعَ بِذَلِكَ عَلَى بَنِي أُمَيَّةَ. وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ فِي تَارِيخِ الْمُسَبِّحِيِّ أَنَّ الْفَرَاغَ مِنْ بِنَاءِ الْكَعْبَةِ كَانَ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَسِتِّينَ، وَزَادَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ أَنَّهُ كَانَ فِي شَهْرِ رَجَبٍ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هَذَا الْجَمْعُ مَقْبُولًا فَالَّذِي فِي الصَّحِيحِ مُقَدَّمٌ عَلَى غَيْرِهِ.

وَذَكَرَ مُسْلِمٌ فِي رِوَايَةِ عَطَاءٍ إِشَارَةَ ابْنِ عَبَّاسٍ عَلَيْهِ بِأَنْ لَا يَفْعَلَ، وَقَوْلَ ابْنِ الزُّبَيْرِ: لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمُ احْتَرَقَ بَيْتُهُ بَنَاهُ حَتَّى يُجَدِّدَهُ، وَأَنَّهُ اسْتَخَارَ اللَّهَ ثَلَاثًا ثُمَّ عَزَمَ عَلَى أَنْ يَنْقُضَهَا، قَالَ: فَتَحَامَاهُ النَّاسُ حَتَّى صَعَدَ رَجُلٌ فَأَلْقَى مِنْهُ حِجَارَةً، فَلَمَّا لَمْ يَرَهُ النَّاسُ أَصَابَهُ شَيْءٌ تَتَابَعُوا فَنَقَضُوهُ حَتَّى بَلَغُوا بِهِ الْأَرْضَ، وَجَعَلَ ابْنُ الزُّبَيْرِ أَعْمِدَةً