للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ: لَمَّا كَانَ عَامُ الْفَتْحِ أَتَتِ امْرَأَةٌ تُجَمِّرُ الْكَعْبَةَ فَاحْتَرَقَتْ ثِيَابُهَا وَكَانَتْ كِسْوَةَ الْمُشْرِكِينَ، فَكَسَاهَا الْمُسْلِمُونَ بَعْدَ ذَلِكَ.

وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ حَسَنٍ، هُوَ ابْنُ صَالِحٍ، عَنْ لَيْثٍ هُوَ ابْنُ أَبِي سُلَيْمٍ، قَالَ: كَانَتْ كِسْوَةُ الْكَعْبَةِ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ ﷺ الْمُسُوحَ وَالْأَنْطَاعَ. لَيْثٌ ضَعِيفٌ، وَالْحَدِيثُ مُعْضَلٌ. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ أَيْضًا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ عَجُوزٍ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ قَالَتْ: أُصِيبَ ابْنُ عَفَّانَ وَأَنَا بِنْتُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً، قَالَتْ: وَلَقَدْ رَأَيْتُ الْبَيْتَ وَمَا عَلَيْهِ كِسْوَةٌ إِلَّا مَا يَكْسُوهُ النَّاسُ الْكِسَاءَ الْأَحْمَرَ يُطْرَحُ عَلَيْهِ وَالثَّوْبَ الْأَبْيَضَ. وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: بَلَغَنِي أَنَّ الْبَيْتَ لَمْ يُكْسَ فِي عَهْدِ أَبِي بَكْرٍ وَلَا عُمَرَ، يَعْنِي لَمْ يُجَدَّدْ لَهُ كِسْوَةٌ. وَرَوَى الْفَاكِهِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَكْسُو بَدَنَهُ الْقَبَاطِيَّ وَالْحِبَرَاتِ يَوْمَ يُقَلِّدُهَا، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ النَّحْرِ نَزَعَهَا، ثُمَّ أَرْسَلَ بِهَا إِلَى شَيْبَةَ بْنِ عُثْمَانَ فَنَاطَهَا عَلَى الْكَعْبَةِ. زَادَ فِي رِوَايَةٍ صَحِيحَةٍ أَيْضًا. فَلَمَّا كَسَتِ الْأُمَرَاءُ الْكَعْبَةَ جَلَّلَهَا الْقَبَاطِيَّ، ثُمَّ تَصَدَّقَ بِهَا. وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ كَانَ مُطْلَقًا لِلنَّاسِ. وَيُؤَيِّدُهُ مَا رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ أَبِي عَلْقَمَةَ، عَنْ أُمِّهِ قَالَتْ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ: أَنَكْسُوَ الْكَعْبَةَ؟ قَالَتِ: الْأُمَرَاءُ يَكْفُونَكُمْ. وَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنِ الْأَسْلَمِيِّ، هُوَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي يَحْيَى، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، أَنَّ أَوَّلَ مَنْ كَسَاهَا الدِّيبَاجَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ. وَإِبْرَاهِيمُ ضَعِيفٌ.

وَتَابَعَهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ زُبَالَةَ، وَهُوَ ضَعِيفٌ أَيْضًا، أَخْرَجَهُ الزُّبَيْرُ عَنْهُ، عَنْ هِشَامٍ، وَرَوَى الْوَاقِدِيُّ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الْبَاقِرِ قَالَ: كَسَاهَا يَزِيدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ الدِّيبَاجَ، وَإِسْحَاقُ بْنُ أَبِي فَرْوَةَ ضَعِيفٌ. وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ: أُخْبِرْتُ أَنَّ عُمَرَ كَانَ يَكْسُوهَا الْقَبَاطِيَّ، وَأَخْبَرَنِي غَيْرُ وَاحِدٍ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَسَاهَا الْقَبَاطِيَّ وَالْحِبَرَاتِ وَأَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَعُثْمَانُ. وَأَوَّلُ مَنْ كَسَاهَا الدِّيبَاجَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ، وَأَنَّ مَنْ أَدْرَكَ ذَلِكَ مِنَ الْفُقَهَاءِ قَالُوا: أَصَابَ، مَا نَعْلَمُ لَهَا مِنْ كِسْوَةٍ أَوْفَقَ مِنْهُ. وَرَوَى أَبُو عَرُوبَةَ فِي الْأَوَائِلُ لَهُ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: أَوَّلُ مَنْ لَبَّسَ الْكَعْبَةَ الْقَبَاطِيَّ النَّبِيُّ ﷺ. وَرَوَى الْفَاكِهِيُّ فِي كِتَابِ مَكَّةَ مِنْ طَرِيقِ مِسْعَرٍ، عَنْ جَسْرَةَ قَالَ: أَصَابَ خَالِدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ كِلَابٍ لَطِيمَةً فِي الْجَاهِلِيَّةِ فِيهَا نَمَطٌ مِنْ دِيبَاجٍ، فَأَرْسَلَ بِهِ إِلَى الْكَعْبَةِ فَنِيطَ عَلَيْهَا، فَعَلَى هَذَا هُوَ أَوَّلُ مَنْ كَسَا الْكَعْبَةَ الدِّيبَاجَ. وَرَوَى الدَّارَقُطْنِيُّ فِي الْمُؤْتَلِفِ أَنَّ أَوَّلَ مَنْ كَسَا الْكَعْبَةَ الدِّيبَاجَ نَتِيلَةُ بِنْتُ جَنَابٍ وَالِدَةُ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ كَانَتْ أَضَلَّتِ الْعَبَّاسَ صَغِيرًا، فَنَذَرَتْ إِنْ وَجَدَتْهُ أَنْ تَكْسُوَ الْكَعْبَةَ الدِّيبَاجَ. وَذَكَرَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ أَنَّهَا أَضَلَّتِ ابْنَهَا ضِرَارَ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ شَقِيقَ الْعَبَّاسِ، فَنَذَرَتْ إِنْ وَجَدَتْهُ أَنْ تَكْسُوَ الْبَيْتَ، فَرَدَّهُ عَلَيْهَا رَجُلٌ مِنْ جُذَامٍ، فَكَسَتِ الْكَعْبَةَ ثِيَابًا بِيضًا. وَهَذَا مَحْمُولٌ عَلَى تَعَدُّدِ الْقِصَّةِ.

وَحَكَى الْأَزْرَقِيُّ أَنَّ مُعَاوِيَةَ كَسَاهَا الدِّيبَاجَ وَالْقَبَاطِيَّ وَالْحِبَرَاتِ، فَكَانَتْ تُكْسَى الدِّيبَاجَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ، وَالْقَبَاطِيَّ فِي آخِرِ رَمَضَانَ، فَحَصَّلْنَا فِي أَوَّلِ مَنْ كَسَاهَا مُطْلَقًا عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ: إِسْمَاعِيلُ، وَعَدْنَانُ، وَتُبَّعٌ، وَهُوَ أَسْعَدُ الْمَذْكُورُ فِي الرِّوَايَةِ الْأُولَى، وَلَا تَعَارُضَ بَيْنَ مَا رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ كَسَاهَا الْأَنْطَاعَ وَالْوَصَائِلَ، لِأَنَّ الْأَزْرَقِيَّ حَكَى فِي كِتَابِ مَكَّةَ أَي تُبَّعًا أُرِيَ فِي الْمَنَامِ أَنْ يَكْسُوَ الْكَعْبَةَ، فَكَسَاهَا الْأَنْطَاعَ، ثُمَّ أُرِيَ أَنْ يَكْسُوَهَا فَكَسَاهَا الْوَصَائِلَ، وَهِيَ ثِيَابٌ حِبَرَةٌ مِنْ عَصَبِ الْيَمَنِ، ثُمَّ كَسَاهَا النَّاسُ بَعْدَهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ.

وَيُجْمَعُ بَيْنَ الْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ - إِنْ كَانَتْ ثَابِتَةً - بِأَنَّ إِسْمَاعِيلَ أَوَّلُ مَنْ كَسَاهَا مُطْلَقًا، وَأَمَّا تُبَّعٌ فَأَوَّلُ مَنْ كَسَاهَا مَا ذُكِرَ، وَأَمَّا عَدْنَانُ، فَلَعَلَّهُ أَوَّلُ مَنْ كَسَاهَا بَعْدَ إِسْمَاعِيلَ، وَسَيَأْتِي فِي أَوَائِلِ غَزْوَةِ الْفَتْحِ مَا يُشْعِرُ أَنَّهَا كَانَتْ تُكْسَى فِي رَمَضَانَ، وَحَصَّلْنَا فِي أَوَّلِ مَنْ كَسَاهَا الدِّيبَاجَ عَلَى سِتَّةِ أَقْوَالٍ: خَالِدٌ أَوْ نَتِيلَةُ أَوْ مُعَاوِيَةُ أَوْ يَزِيدُ أَوِ ابْنُ الزُّبَيْرِ أَوِ الْحَجَّاجُ، وَيُجْمَعُ بَيْنَهَا بِأَنَّ كِسْوَةَ خَالِدٍ وَنَتِيلَةَ لَمْ تَشْمَلْهَا كُلَّهَا، وَإِنَّمَا كَانَ فِيمَا كَسَاهَا شَيْءٌ مِنَ الدِّيبَاجِ، وَأَمَّا مُعَاوِيَةُ، فَلَعَلَّهُ كَسَاهَا فِي آخِرِ