للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَكَيْفَ يَهْجُرُهُ وَهُوَ يَطُوفُ بِهِ، وَلَكِنَّا نَتَّبِعُ السُّنَّةَ فِعْلًا أَوْ تَرْكًا، وَلَوْ كَانَ تَرْكُ اسْتِلَامِهِمَا هَجْرًا لَكَانَ تَرْكُ اسْتِلَامِ مَا بَيْنَ الْأَرْكَانِ هَجْرًا لَهَا وَلَا قَائِلَ بِهِ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ حِفْظُ الْمَرَاتِبِ وَإِعْطَاءُ كُلِّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ وَتَنْزِيلُ كُلِّ أَحَدٍ مَنْزِلَتَهُ.

(فَائِدَةٌ): فِي الْبَيْتِ أَرْبَعَةُ أَرْكَانٍ، الْأَوَّلُ لَهُ فَضِيلَتَانِ: كَوْنُ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ فِيهِ، وَكَوْنُهُ عَلَى قَوَاعِدِ إِبْرَاهِيمَ. وَلِلثَّانِي الثَّانِيَةُ فَقَطْ، وَلَيْسَ لِلْآخَرَيْنِ شَيْءٌ مِنْهُمَا، فَلِذَلِكَ يُقَبَّلُ الْأَوَّلُ وَيُسْتَلَمُ الثَّانِي فَقَطْ وَلَا يُقَبَّلُ الْآخَرَانِ وَلَا يُسْتَلَمَانِ، هَذَا عَلَى رَأْيِ الْجُمْهُورِ. وَاسْتَحَبَّ بَعْضُهُمْ تَقْبِيلَ الرُّكْنِ الْيَمَانِيِّ أَيْضًا.

(فَائِدَةٌ أُخْرَى): اسْتَنْبَطَ بَعْضُهُمْ مِنْ مَشْرُوعِيَّةِ تَقْبِيلِ الْأَرْكَانِ جَوَازَ تَقْبِيلِ كُلِّ مَنْ يَسْتَحِقُّ التَّعْظِيمَ مِنْ آدَمِيٍّ وَغَيْرِهِ، فَأَمَّا تَقْبِيلُ يَدِ الْآدَمِيِّ فَيَأْتِي فِي كِتَابِ الْأَدَبِ، وَأَمَّا غَيْرُهُ فَنُقِلَ عَنِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ تَقْبِيلِ مِنْبَرِ النَّبِيِّ ﷺ وَتَقْبِيلِ قَبْرِهِ فَلَمْ يَرَ بِهِ بَأْسًا، وَاسْتَبْعَدَ بَعْضُ أَتْبَاعِهِ صِحَّةَ ذَلِكَ، وَنُقِلَ عَنِ ابْنِ أَبِي الصَّيْفِ الْيَمَانِيِّ أَحَدِ عُلَمَاءِ مَكَّةَ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ جَوَازَ تَقْبِيلِ الْمُصْحَفِ وَأَجْزَاءِ الْحَدِيثِ وَقُبُورِ الصَّالِحِينَ (١) وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ.

٦٠ - بَاب تَقْبِيلِ الْحَجَرِ

١٦١٠ - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سِنَانٍ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَخْبَرَنَا وَرْقَاءُ، أَخْبَرَنَا زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: رَأَيْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ ﵁ قَبَّلَ الْحَجَرَ، وَقَالَ: لَوْلَا أَنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَبَّلَكَ مَا قَبَّلْتُكَ.

١٦١١ - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ، عَنْ الزُّبَيْرِ بْنِ عَرَبِيٍّ، قَالَ: سَأَلَ رَجُلٌ ابْنَ عُمَرَ ﵄ عَنْ اسْتِلَامِ الْحَجَرِ - فَقَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَسْتَلِمُهُ وَيُقَبِّلُهُ. قَالَ: قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إِنْ زُحِمْتُ، أَرَأَيْتَ إِنْ غُلِبْتُ؟ قَالَ: اجْعَلْ أَرَأَيْتَ بِالْيَمَنِ، رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَسْتَلِمُهُ وَيُقَبِّلُهُ.

قَوْلُهُ: (بَابُ تَقْبِيلِ الْحَجَرِ) بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَالْجِيمِ أَيِ الْأَسْوَدِ، أَوْرَدَ فِيهِ حَدِيثَ عُمَرَ مُخْتَصَرًا، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ قَبْلَ أَبْوَابٍ. ثُمَّ أَوْرَدَ فِيهِ حَدِيثَ ابْنِ عُمَرَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَسْتَلِمُهُ وَيُقَبِّلُهُ وَلِابْنِ الْمُنْذِرِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي خَالِدٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ: رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ اسْتَلَمَ الْحَجَرَ وَقَبَّلَ يَدَهُ وَقَالَ: مَا تَرَكْتُهُ مُنْذُ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَفْعَلُهُ. وَيُسْتَفَادُ مِنْهُ اسْتِحْبَابُ الْجَمْعِ بَيْنَ التَّسْلِيمِ وَالتَّقْبِيلِ بِخِلَافِ الرُّكْنِ الْيَمَانِيِّ فَيَسْتَلِمُهُ فَقَطْ وَالِاسْتِلَامُ الْمَسْحُ بِالْيَدِ وَالتَّقْبِيلُ بِالْفَمِ، وَرَوَى الشَّافِعِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: اسْتَقْبَلَ النَّبِيُّ ﷺ الْحَجَرَ فَاسْتَلَمَهُ، ثُمَّ وَضَعَ شَفَتَيْهِ عَلَيْهِ طَوِيلًا. الْحَدِيثَ وَاخْتَصَّ الْحَجَرَ الْأَسْوَدَ بِذَلِكَ لِاجْتِمَاعِ الْفَضِيلَتَيْنِ لَهُ كَمَا تَقَدَّمَ.

قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا حَمَّادٌ) فِي رِوَايَةِ أَبِي الْوَقْتِ ابْنُ زَيْدٍ.

قَوْلُهُ: (عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ عَرَبِيٍّ) فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ الطَّيَالِسِيِّ، عَنْ حَمَّادٍ حَدَّثَنَا الزُّبَيْرُ.

قَوْلُهُ: (سَأَلَ رَجُلٌ) هُوَ الزُّبَيْرُ الرَّاوِي، كَذَلِكَ وَقَعَ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ الطَّيَالِسِيِّ، عَنْ حَمَّادٍ حَدَّثَنَا الزُّبَيْرُ سَأَلْتُ ابْنَ عُمَرَ.

قَوْلُهُ: (أَرَأَيْتَ إِنْ زُحِمْتَ) أَيْ أَخْبِرْنِي مَا أَصْنَعُ إِذَا زُحِمْتُ، وَزُحِمْتُ بِضَمِّ الزَّايِ بِغَيْرِ إِشْبَاعٍ، وَفِي بَعْضِ


(١) الأحكام التي تنسب إلى الدين لا بد من ثبوتها في نصوص الدين، وكل ما لم يكن عليه الأمر في زمن التشريع وفي نصوص التشريع فهو مردود على من يزعمه. وتقدم قول الإمام الشافعي "ولكنا نتبع السنة فعلا أو تركا" وهو مقتضى قول أمير المؤمنين عمر فيما خاطب به الحجر الأسود برقم ١٥٩٧ و ١٦١٠. هذه هي النصوص، وسيأتي قول الحافظ عن ابن عمر في جوابه لمن سأله عن اسنلام الحجر"أمره إذا سمع الحديث أن يأخذ به ويتقي الرأي،. والخروج عن هذه الطريقة تغيير للدين وخروج به إلى غير ما أراده الله.