للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

غَيْرِ عُذْرٍ فَسَيَأْتِي الْبَحْثُ فِيهِ بَعْدَ أَبْوَابٍ، وَيَلْتَحِقُ بِالرَّاكِبِ الْمَحْمُولُ إِذَا كَانَ لَهُ عُذْرٌ، وَهَلْ يُجْزِئُ هَذَا الطَّوَافُ عَنِ الْحَامِلِ وَالْمَحْمُولِ؟ فِيهِ بَحْثٌ. وَاحْتَجَّ بِهِ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ لِطَهَارَةِ بَوْلِ مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ تَوْجِيهُ ذَلِكَ وَالتَّعَقُّبُ عَلَيْهِ فِي: بَابِ إِدْخَالِ الْبَعِيرِ الْمَسْجِدَ لِلْعِلَّةِ.

٦٥ - بَاب الْكَلَامِ فِي الطَّوَافِ

١٦٢٠ - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا هِشَامٌ أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ أَخْبَرَهُمْ قَالَ: أَخْبَرَنِي سُلَيْمَانُ الْأَحْوَلُ أَنَّ طَاوُسًا أَخْبَرَهُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ Object أَنَّ النَّبِيَّ Object مَرَّ وَهُوَ يَطُوفُ بِالْكَعْبَةِ بِإِنْسَانٍ رَبَطَ يَدَهُ إِلَى إِنْسَانٍ بِسَيْرٍ - أَوْ بِخَيْطٍ أَوْ بِشَيْءٍ غَيْرِ ذَلِكَ - فَقَطَعَهُ النَّبِيُّ Object بِيَدِهِ ثُمَّ قَالَ: قُدْهُ بِيَدِهِ.

[الحديث ١٦٢٠ - أطرافه في: ١٦٢١، ٦٧٠٢، ٦٧٠٣]

قَوْلُهُ: (بَابُ الْكَلَامِ فِي الطَّوَافِ) أَيْ إِبَاحَتِهِ، وَإِنَّمَا لَمْ يُصَرِّحْ بِذَلِكَ لِأَنَّ الْخَبَرَ وَرَدَ فِي كَلَامٍ يَتَعَلَّقُ بِأَمْرٍ بِمَعْرُوفٍ لَا بِمُطْلَقِ الْكَلَامِ، وَلَعَلَّهُ أَشَارَ إِلَى الْحَدِيثِ الْمَشْهُورِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَوْقُوفًا وَمَرْفُوعًا: الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ صَلَاةٌ، إِلَّا أَنَّ اللَّهَ أَبَاحَ فِيهِ الْكَلَامَ، فَمَنْ نَطَقَ فَلَا يَنْطِقْ إِلَّا بِخَيْرٍ. أَخْرَجَهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ وَصَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ، وَابْنُ حِبَّانَ، وَقَدِ اسْتَنْبَطَ مِنْهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّ الطَّوَافَ أَفْضَلُ أَعْمَالِ الْحَجِّ لِأَنَّ الصَّلَاةَ أَفْضَلُ مِنَ الْحَجِّ فَيَكُونُ مَا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَفْضَلَ، قَالَ: وَأَمَّا حَدِيثُ: الْحَجُّ عَرَفَةُ. فَلَا يَتَعَيَّنُ، التَّقْدِيرُ مُعْظَمُ الْحَجِّ عَرَفَةُ بَلْ يَجُوزُ إِدْرَاكُ الْحَجِّ بِالْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ. قُلْتُ: وَفِيهِ نَظَرٌ، وَلَوْ سُلِّمَ فَمَا لَا يَتَقَوَّمُ الْحَجُّ إِلَّا بِهِ أَفْضَلُ مِمَّا يَنْجَبِرُ، وَالْوُقُوفُ وَالطَّوَافُ سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ فَلَا تَفْضِيلَ.

قَوْلُهُ: (بِإِنْسَانٍ رَبَطَ يَدَهُ إِلَى إِنْسَانٍ) زَادَ أَحْمَدُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ إِلَى إِنْسَانٍ آخَرَ وَفِي رِوَايَةِ النَّسَائِيِّ مِنْ طَرِيقِ حَجَّاجٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ بِإِنْسَانٍ قَدْ رَبَطَ يَدَهُ بِإِنْسَانٍ.

قَوْلُهُ: (بِسَيْرٍ) بِمُهْمَلَةٍ مَفْتُوحَةٍ وَيَاءٍ سَاكِنَةٍ مَعْرُوفٌ، وَهُوَ مَا يُقَدُّ مِنَ الْجِلْدِ وَهُوَ الشِّرَاكُ.

قَوْلُهُ: (أَوْ بِشَيْءٍ غَيْرِ ذَلِكَ) كَأَنَّ الرَّاوِيَ لَمْ يَضْبِطْ مَا كَانَ مَرْبُوطًا بِهِ، وَقَدْ رَوَى أَحْمَدُ، وَالْفَاكِهِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ: أَنَّ النَّبِيَّ Object أَدْرَكَ رَجُلَيْنِ وَهُمَا مُقْتَرِنَانِ فَقَالَ: مَا بَالُ الْقِرَانِ؟ قَالَا: إِنَّا نَذَرْنَا لَنَقْتَرِنَنَّ حَتَّى نَأْتِيَ الْكَعْبَةَ، فَقَالَ: أَطْلِقَا أَنْفُسَكُمَا، لَيْسَ هَذَا نَذْرًا إِنَّمَا النَّذْرُ مَا يُبْتَغَى بِهِ وَجْهُ اللَّهِ. وَإِسْنَادُهُ إِلَى عَمْرٍو حَسَنٌ، وَلَمْ أَقِفْ عَلَى تَسْمِيَةِ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ صَرِيحًا إِلَّا أَنَّ فِي الطَّبَرَانِيِّ مِنْ طَرِيقِ فَاطِمَةَ بِنْتِ مُسْلِمٍ حَدَّثَنِي خَلِيفَةُ بْنُ بِشْرٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ أَسْلَمَ، فَرَدَّ عَلَيْهِ النَّبِيُّ Object مَالَهُ وَوَلَدَهُ، ثُمَّ لَقِيَهُ هُوَ وَابْنَهُ طَلْقَ بْنَ بِشْرٍ مُقْتَرِنَيْنِ بِحَبْلٍ فَقَالَ: مَا هَذَا؟ فَقَالَ: حَلَفْتُ لَئِنْ رَدَّ اللَّهُ عَلَيَّ مَالِي ووَلَدِي لَأَحُجَّنَّ بَيْتَ اللَّهِ مَقْرُونًا، فَأَخَذَ النَّبِيُّ Object الْحَبْلَ فَقَطَعَهُ وَقَالَ لَهُمَا: حُجَّا، إِنَّ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ. فَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ بِشْرٌ وَابْنُهُ طَلْقٌ صَاحِبَيْ هَذِهِ الْقِصَّةِ. وَأَغْرَبَ الْكِرْمَانِيُّ فَقَالَ: قِيلَ اسْمُ الرَّجُلِ الْمَقُودِ هُوَ ثَوَابٌ ضِدَّ الْعِقَابِ. انْتَهَى. وَلَمْ أَرَ ذَلِكَ لِغَيْرِهِ وَلَا أَدْرِي مِنْ أَيْنَ أَخَذَهُ.

قَوْلُهُ: (قُدْ) بِضَمِّ الْقَافِ وَسُكُونِ الدَّالِ فِعْلُ أَمْرٍ، وفِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ، وَالنَّسَائِيِّ قُدْهُ بِإِثْبَاتِ هَاءِ الضَّمِيرِ وَهُوَ لِلرَّجُلِ الْمَقُودِ، قَالَ النَّوَوِيُّ: وَقَطْعُهُ Object السَّيْرَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُمْكِنْ إِزَالَةُ هَذَا الْمُنْكَرِ إِلَّا بِقَطْعِهِ، أَوْ أَنَّهُ دَلَّ عَلَى صَاحِبِهِ فَتَصَرَّفَ فِيهِ، وَقَالَ غَيْرُهُ: كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يَتَقَرَّبُونَ إِلَى اللَّهِ بِمِثْلِ هَذَا الْفِعْلِ. قُلْتُ: وَهُوَ بَيِّنٌ مِنْ سِيَاقِ حَدِيثَيْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، وَخَلِيفَةَ بْنِ بِشْرٍ. وَقَالَ ابْنُ بَطَّالٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ: إِنَّهُ يَجُوزُ لِلطَّائِفِ فِعْلُ مَا خَفَّ مِنَ الْأَفْعَالِ وَتَغْيِيرُ مَا يَرَاهُ الطَّائِفُ مِنَ الْمُنْكَرِ. وَفِيهِ الْكَلَامُ فِي الْأُمُورِ الْوَاجِبَةِ