للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

إِلَى مَنِ اشْتَرَطَ نَعْلَيْنِ وَهُوَ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ، وَقَالَ غَيْرُهُ تُجْزِئُ الْوَاحِدَةُ، وَقَالَ آخَرُونَ: لَا تَتَعَيَّنُ النَّعْلُ بَلْ كُلُّ مَا قَامَ مَقَامَهَا أَجْزَأَ حَتَّى أُذُنِ الْإِدَاوَةِ. ثُمَّ قِيلَ: الْحِكْمَةُ فِي تَقْلِيدِ النَّعْلِ أَنَّ فِيهِ إِشَارَةً إِلَى السَّفَرِ وَالْجِدِّ فِيهِ، فَعَلَى هَذَا يَتَعَيَّنُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَالَ ابْنُ الْمُنِيرِ فِي الْحَاشِيَةِ: الْحِكْمَةُ فِيهِ أَنَّ الْعَرَبَ تَعْتَدُّ النَّعْلَ مَرْكُوبَةً لِكَوْنِهَا تَقِي عَنْ صَاحِبِهَا وَتَحْمِلُ عَنْهُ وَعْرَ الطَّرِيقِ، وَقَدْ كَنَّى بَعْضُ الشُّعَرَاءِ عَنْهَا بِالنَّاقَةِ فَكَأَنَّ الَّذِي أَهْدَى خَرَجَ عَنْ مَرْكُوبِهِ لِلَّهِ تَعَالَى حَيَوَانًا وَغَيْرَهُ كَمَا خَرَجَ حِينَ أَحْرَمَ عَنْ مَلْبُوسِهِ، وَمِنْ ثَمَّ اسْتُحِبَّ تَقْلِيدُ نَعْلَيْنِ لَا وَاحِدَةٍ، وَهَذَا هُوَ الْأَصْلُ فِي نَذْرِ الْمَشْيِ حَافِيًا إِلَى مَكَّةَ.

قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ) كَذَا لِلْأَكْثَرِ غَيْرُ مَنْسُوبٍ، وَلِابْنِ السَّكَنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَامٍ، وَلِأَبِي ذَرٍّ مُحَمَّدٍ هُوَ ابْنُ سَلَامٍ، وَرَجَّحَ أَبُو عَلِيٍّ الْجَيَّانِيُّ أَنَّهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ رَوَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُثَنَّى، عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى حَدِيثًا غَيْرَ هَذَا سَيَأْتِي قَرِيبًا وَأَيَّدَهُ غَيْرُهُ بِأَنَّ الْإِسْمَاعِيلِيَّ، وَأَبَا نُعَيْمٍ أَخْرَجَاهُ فِي مُسْتَخْرَجَيْهِمَا مِنْ رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُثَنَّى وَلَيْسَ ذَلِكَ بِلَازِمٍ، وَالْعُمْدَةُ عَلَى مَا قَالَ ابْنُ السَّكَنِ فَإِنَّهُ حَافِظٌ.

قَوْلُهُ: (عَنْ عِكْرِمَةَ) هُوَ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، وَأَمَّا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ فَهُوَ تِلْمِيذُ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ لَا شَيْخُهُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى حَدِيثِ الْبَابِ قَبْلَ تِسْعَةِ أَبْوَابٍ.

قَوْلُهُ: (تَابَعَهُ مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ إِلَخْ) الْمُتَابَعُ بِالْفَتْحِ هُنَا هُوَ مَعْمَرٌ، وَالْمُتَابِعُ بِالْكَسْرِ ظَاهِرُ السِّيَاقِ أَنَّهُ مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، وَفِي التَّحْقِيقِ هُوَ عَلِيُّ بْنُ الْمُبَارَكِ، وَإِنَّمَا احْتَاجَ مَعْمَرٌ عِنْدَهُ إِلَى الْمُتَابَعَةِ لِأَنَّ فِي رِوَايَةِ الْبَصْرِيِّينَ عَنْهُ مَقَالًا لِكَوْنِهِ حَدَّثَهُمْ بِالْبَصْرَةِ مِنْ حِفْظِهِ وَهَذَا مِنْ رِوَايَةِ الْبَصْرِيِّينَ، وَلَمْ تَقَعْ لِي رِوَايَةُ مُحَمَّدِ بْنِ بَشَّارٍ مَوْصُولَةً، وَقَدْ أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْمُبَارَكِ بِمُتَابَعَةِ عُثْمَانَ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: إِنَّ حُسَيْنًا الْمُعَلِّمَ رَوَاهُ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ أَيْضًا.

١١٣ - بَاب الْجِلَالِ لِلْبُدْنِ

وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ Object لَا يَشُقُّ مِنْ الْجِلَالِ إِلَّا مَوْضِعَ السَّنَامِ

وَإِذَا نَحَرَهَا نَزَعَ جِلَالَهَا مَخَافَةَ أَنْ يُفْسِدَهَا الدَّمُ ثُمَّ يَتَصَدَّقُ بِهَا

١٧٠٧ - حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ عَلِيٍّ Object قَالَ: أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ Object أَنْ أَتَصَدَّقَ بِجِلَالِ الْبُدْنِ الَّتِي نَحَرْتُ وَبِجُلُودِهَا.

[الحديث ١٧٠٧ - أطرافه في: ١٧١٦ و ١٧١٦ م، ١٧١٧، ١٧١٨، ٢٢٩٩]

قَوْلُهُ: (بَابُ الْجِلَالِ لِلْبُدْنِ) بِكَسْرِ الْجِيمِ وَتَخْفِيفِ اللَّامِ جَمْعُ جُلٍّ بِضَمِّ الْجِيمِ، وَهُوَ مَا يُطْرَحُ عَلَى ظَهْرِ الْبَعِيرِ مِنْ كِسَاءٍ وَنَحْوِهِ.

قَوْلُهُ: (وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ لَا يَشُقُّ مِنَ الْجِلَالِ إِلَّا مَوْضِعَ السَّنَامِ فَإِذَا نَحَرَهَا نَزَعَ جِلَالَهَا مَخَافَةَ أَنْ يُفْسِدَهَا الدَّمُ ثُمَّ يَتَصَدَّقُ بِهَا) هَذَا التَّعْلِيقُ وَصَلَ بَعْضَهُ مَالِكٌ فِي: الْمُوَطَّأِ عَنْ نَافِعٍ: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ لَا يَشُقُّ جِلَالَ بُدْنِهِ، وَعَنْ نَافِعٍ: أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يُجَلِّلُ بُدْنَهُ الْقَبَاطِيَّ وَالْحُلَلَ، ثُمَّ يَبْعَثُ بِهَا إِلَى الْكَعْبَةِ فَيَكْسُوهَا إِيَّاهَا، وَعَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ سَأَلَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ دِينَارٍ: مَا كَانَ ابْنُ عُمَرَ يَصْنَعُ بِجِلَالِ بُدْنِهِ حِينَ كُسِيَتِ الْكَعْبَةُ هَذِهِ الْكُسْوَةَ؟ قَالَ: كَانَ يَتَصَدَّقُ بِهَا، وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ بَعْدَ أَنْ أَخْرَجَهُ مِنْ طَرِيقِ يَحْيَى بْنِ بُكَيْرٍ، عَنْ مَالِكٍ زَادَ فِيهِ غَيْرُهُ عَنْ مَالِكٍ: إِلَّا مَوْضِعَ السَّنَامِ إِلَى آخِرِ الْأَثَرِ الْمَذْكُورِ. قَالَ الْمُهَلَّبُ: لَيْسَ التَّصَدُّقُ بِجِلَالِ الْبُدْنِ فَرْضًا، وَإِنَّمَا صَنَعَ ذَلِكَ ابْنُ عُمَرَ لِأَنَّهُ أَرَادَ أَنْ لَا يَرْجِعَ فِي شَيْءٍ أَهَلَّ بِهِ لِلَّهِ وَلَا فِي شَيْءٍ أُضِيفَ إِلَيْهِ اهـ. وَفَائِدَةُ شَقِّ الْجُلِّ مِنْ مَوْضِعِ السَّنَامِ لِيَظْهَرَ الْإِشْعَارُ لِئَلَّا يَسْتَتِرَ مَا تَحْتَهَا. وَرَوَى ابْنُ الْمُنْذِرِ مِنْ طَرِيقِ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ نَافِعٍ: أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يُجَلِّلُ بُدْنَهُ الْأَنْمَاطَ وَالْبُرُودَ وَالْحِبَرَ حَتَّى يَخْرُجَ