للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

مِنَ الْمَدِينَةِ، ثُمَّ يَنْزِعُهَا فَيَطْوِيهَا حَتَّى يَكُونَ يَوْمُ عَرَفَةَ فَيُلْبِسُهَا إِيَّاهَا حَتَّى يَنْحَرَهَا، ثُمَّ يَتَصَدَّقُ بِهَا، قَالَ نَافِعٌ: وَرُبَّمَا دَفَعَهَا إِلَى بَنِي شَيْبَةَ. وَأَوْرَدَ الْمُصَنِّفُ حَدِيثَ عَلِيٍّ فِي التَّصَدُّقِ بِجِلَالِ الْبُدْنِ مُخْتَصَرًا، وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ مُسْتَوْفًى بَعْدَ سَبْعَةِ أَبْوَابٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

(تَنْبِيهٌ): مَا فِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ مِنَ اسْتِحْبَابِ التَّقْلِيدِ وَالْإِشْعَارِ وَغَيْرِ ذَلِكَ يَقْتَضِي أَنَّ إِظْهَارَ التَّقَرُّبِ بِالْهَدْيِ أَفْضَلُ مِنَ إِخْفَائِهِ، وَالْمُقَرَّرُ أَنَّ إِخْفَاءَ الْعَمَلِ الصَّالِحِ غَيْرِ الْفَرْضِ أَفْضَلُ مِنْ إِظْهَارِهِ فَإِمَّا أَنْ يُقَالَ: إِنَّ أَفْعَالَ الْحَجِّ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الظُّهُورِ كَالْإِحْرَامِ وَالطَّوَافِ وَالْوُقُوفِ، فَكَانَ الْإِشْعَارُ وَالتَّقْلِيدُ كَذَلِكَ، فَيُخَصُّ الْحَجُّ مِنْ عُمُومِ الْإِخْفَاءِ، وَإِمَّا أَنْ يُقَالَ: لَا يَلْزَمُ مِنَ التَّقْلِيدِ وَالْإِشْعَارِ إِظْهَارُ الْعَمَلِ الصَّالِحِ لِأَنَّ الَّذِي يُهْدِيهَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَبْعَثَهَا مَعَ مَنْ يُقَلِّدُهَا وَيُشْعِرُهَا وَلَا يَقُولُ: إِنَّهَا لِفُلَانٍ فَتَحْصُلُ سُنَّةُ التَّقْلِيدِ مَعَ كِتْمَانِ الْعَمَلِ. وَأَبْعَدَ مَنِ اسْتَدَلَّ بِذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْعَمَلَ إِذَا شُرِعَ فِيهِ صَارَ فَرْضًا. وَإِمَّا أَنْ يُقَالَ: إِنَّ التَّقْلِيدَ جُعِلَ عَلَمًا لِكَوْنِهَا هَدْيًا حَتَّى لَا يَطْمَعَ صَاحِبُهَا فِي الرُّجُوعِ فِيهَا.

١١٤ - بَاب مَنْ اشْتَرَى هَدْيَهُ مِنْ الطَّرِيقِ وَقَلَّدَهَا

١٧٠٨ - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ، حَدَّثَنَا أَبُو ضَمْرَةَ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ قَالَ: أَرَادَ ابْنُ عُمَرَ ﵄ الْحَجَّ عَامَ حَجَّةِ الْحَرُورِيَّةِ فِي عَهْدِ ابْنِ الزُّبَيْرِ ﵄، فَقِيلَ لَهُ: إِنَّ النَّاسَ كَائِنٌ بَيْنَهُمْ قِتَالٌ وَنَخَافُ أَنْ يَصُدُّوكَ، فَقَالَ: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ﴾، إِذًا أَصْنَعَ كَمَا صَنَعَ، أُشْهِدُكُمْ أَنِّي أَوْجَبْتُ عُمْرَةً، حَتَّى إِذَا كَانَ بِظَاهِرِ الْبَيْدَاءِ قَالَ: مَا شَأْنُ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ إِلَّا وَاحِدٌ، أُشْهِدُكُمْ أَنِّي قَدْ جَمَعْتُ حَجَّةً مَعَ عُمْرَةٍ، وَأَهْدَى هَدْيًا مُقَلَّدًا اشْتَرَاهُ، حَتَّى قَدِمَ فَطَافَ بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا، وَلَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ وَلَمْ يَحْلِلْ مِنْ شَيْءٍ حَرُمَ مِنْهُ حَتَّى يَوْمِ النَّحْرِ، فَحَلَقَ وَنَحَرَ، وَرَأَى أَنْ قَدْ قَضَى طَوَافَهُ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ بِطَوَافِهِ الْأَوَّلِ، ثُمَّ قَالَ: كَذَلِكَ صَنَعَ النَّبِيُّ ﷺ.

قَوْلُهُ: (بَابُ مَنِ اشْتَرَى هَدْيَهُ مِنَ الطَّرِيقِ وَقَلَّدَهَا) تَقَدَّمَ قَبْلَ ثَمَانِيَةِ أَبْوَابٍ مَنِ اشْتَرَى الْهَدْيَ مِنَ الطَّرِيقِ، وَأَوْرَدَ فِيهِ حَدِيثَ ابْنِ عُمَرَ هَذَا مِنْ وَجْهٍ آخَرَ، وَإِنَّمَا زَادَتْ هَذِهِ التَّرْجَمَةُ التَّقْلِيدَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِيهِ مُسْتَوْفًى فِي: بَابِ مَنْ قَلَّدَ الْقَلَائِدَ بِيَدِهِ، وَحَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ يَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ مُسْتَوْفًى فِي أَبْوَابِ الْمُحْصَرِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. لَكِنَّ قَوْلَهُ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ: عَامَ حَجَّةِ الْحَرُورِيَّةِ، وَفِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ: حَجَّ الْحَرُورِيَّةَ فِي عَهْدِ ابْنِ الزُّبَيْرِ مُغَايِرٌ لِقَوْلِهِ فِي: بَابِ طَوَافِ الْقَارِنِ مِنْ رِوَايَةِ اللَّيْثِ، عَنْ نَافِعٍ عَامَ نُزُولِ الْحَجَّاجِ، بِابْنِ الزُّبَيْرِ؛ لِأَنَّ حَجَّةَ الْحَرُورِيَّةِ كَانَتْ فِي السَّنَةِ الَّتِي مَاتَ فِيهَا يَزِيدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَتَسَمَّى ابْنُ الزُّبَيْرِ بِالْخِلَافَةِ، وَنُزُولُ الْحَجَّاجِ، بِابْنِ الزُّبَيْرِ كَانَ فِي سَنَةِ ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ وَذَلِكَ فِي آخِرِ أَيَّامِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، فَإِمَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى أَنَّ الرَّاوِيَ أَطْلَقَ عَلَى الْحَجَّاجِ وَأَتْبَاعِهِ حَرُورِيَّةً لِجَامِعِ مَا بَيْنَهُمْ مِنَ الْخُرُوجِ عَلَى أَئِمَّةِ الْحَقِّ، وَإِمَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى تَعَدُّدِ الْقِصَّةِ. وَقَدْ ظَهَرَ مِنْ رِوَايَةِ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ أَنَّ الْقَائِلَ لِابْنِ عُمَرَ الْكَلَامَ الْمَذْكُورَ هُوَ وَلَدُهُ عُبَيْدُ اللَّهِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي: بَابِ مَنِ اشْتَرَى الْهَدْيَ مِنَ الطَّرِيقِ، وَسَيَأْتِي فِي أَوَّلِ الْإِحْصَارِ مَزِيدُ بَيَانٍ لِذَلِكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.