للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ، بَيَّنَهُ النَّسَائِيُّ فِي رِوَايَتِهِ الْمَذْكُورَةِ.

قَوْلُهُ: (ثُمَّ سَمِعْتُهُ يَقُولُ بَعْدُ) سَيَأْتِي أَنَّ ذَلِكَ كَانَ قَبْلَ مَوْتِ ابْنِ عُمَرَ بِعَامٍ.

قَوْلُهُ: (إِنَّ النَّبِيَّ Object رَخَّصَ لَهُنَّ) هَذَا مِنْ مَرَاسِيلِ الصَّحَابَةِ، وَكَذَا مَا أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ، وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ وَالْحَاكِمُ مِنْ طَرِيقِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: مَنْ حَجَّ فَلْيَكُنْ آخَرُ عَهْدِهِ بِالْبَيْتِ، إِلَّا الْحُيَّضَ رَخَّصَ لَهُنَّ رَسُولُ اللَّهِ Object. فَإِنَّ ابْنَ عُمَرَ لَمْ يَسْمَعهُ مِنَ النَّبِيِّ Object وَسَنُوَضِّحُ ذَلِكَ، فَعِنْدَ النَّسَائِيِّ مِنْ طَرِيقِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَيْسَرَةَ، عَنْ طَاوُسٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ قَرِيبًا مِنْ سَنَتَيْنِ عَنِ الْحَائِضِ لَا تَنْفِرُ حَتَّى يَكُونَ آخَرُ عَهْدِهَا بِالْبَيْتِ. ثُمَّ قَالَ بَعْدُ: إِنَّهُ رَخَّصَ لِلنِّسَاءِ. وَلَهُ وَلِلطَّحَاوِيِّ مِنْ طَرِيقِ عُقَيْلٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ طَاوُسٍ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عُمَرَ يَسْأَلُ عَنِ النِّسَاءِ إِذَا حِضْنَ قَبْلَ النَّفْرِ وَقَدْ أَفَضْنَ يَوْمَ النَّحْرِ، فَقَالَ: إِنَّ عَائِشَةَ كَانَتْ تَذْكُرُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ Object رُخْصَةً لَهُنَّ وَذَلِكَ قَبْلَ مَوْتِهِ بِعَامٍ. وَفِي رِوَايَةِ الطَّحَاوِيِّ قَبْلَ مَوْتِ ابْنِ عُمَرَ بِعَامٍ. وَرَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يُقِيمُ عَلَى الْحَائِضِ سَبْعَةَ أَيَّامٍ حَتَّى تَطُوفَ طَوَافَ الْوَدَاعِ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: كَأَنَّ ابْنَ عُمَرَ سَمِعَ الْأَمْرَ بِالْوَدَاعِ وَلَمْ يَسْمَعِ الرُّخْصَةَ أَوَّلًا ثُمَّ بَلَغَتْهُ الرُّخْصَةُ فَعَمِلَ بِهَا، وَقَدْ تَقَدَّمَ شَيْءٌ مِنَ الْكَلَامِ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ فِي أَوَاخِرِ الْحَيْضِ.

قَوْلُهُ: (عَنْ مَنْصُورٍ) هُوَ ابْنُ الْمُعْتَمِرِ، وَإِبْرَاهِيمُ هُوَ النَّخَعِيُّ، وَالْأَسْوَدُ هُوَ خَالُهُ وَهُوَ نَخَعِيٌّ أَيْضًا، وَقَدْ سَبَقَ الْكَلَامُ عَلَى حَدِيثِ عَائِشَةَ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِطَوَافِ الْحَائِضِ فِي: بَابِ تَقْضِي الْحَائِضُ الْمَنَاسِكَ إِلَّا الطَّوَافَ، وَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى حَدِيثِ عُمْرَتِهِمَا فِي أَبْوَابِ الْعُمْرَةِ.

قَوْلُهُ: (لَيْلَةَ الْحَصْبَةِ) فِي رِوَايَةِ الْمُسْتَمْلِي: لَيْلَةَ الْحَصْبَاءِ، وَقَوْلُهُ بَعْدَهُ: لَيْلَةَ النَّفْرِ عَطْفُ بَيَانٍ لِلَّيْلَةِ الْحَصْبَاءِ، وَالْمُرَادُ بِتِلْكَ اللَّيْلَةِ الَّتِي يَتَقَدَّمُ النَّفْرُ مِنْ مِنًى قَبْلَهَا فَهِيَ شَبِيهَةٌ بِلَيْلَةِ عَرَفَةَ، وَفِيهِ تَعَقُّبٌ عَلَى مَنْ قَالَ كُلُّ لَيْلَةٍ تَسْبِقُ يَوْمَهَا إِلَّا لَيْلَةُ عَرَفَةَ فَإِنَّ يَوْمَهَا يَسْبِقُهَا، فَقَدْ شَارَكَتْهَا لَيْلَةُ النَّفْرِ فِي ذَلِكَ.

قَوْلُهُ فِيهِ (مَا كُنْتِ تَطُوفِينَ بِالْبَيْتِ لَيَالِيَ قَدِمْنَا مَكَّةَ؟ قُلْتُ: لَا) كَذَا لِلْأَكْثَرِ، وَفِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ، عَنِ الْمُسْتَمْلِي قُلْتُ بَلَى، وَهِيَ مَحْمُولَةٌ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ مَا كُنْتُ أَطُوفُ.

قَوْلُهُ: (وَحَاضَتْ صَفِيَّةُ) أَيْ فِي أَيَّامِ مِنًى، سَيَأْتِي فِي أَبْوَابِ الْإِدْلَاجِ مِنَ الْمُحَصَّبِ أَنَّ حَيْضَهَا كَانَ لَيْلَةَ النَّفْرِ، زَادَ الْحَاكِمُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ عِنْدَ مُسْلِمٍ: لَمَّا أَرَادَ النَّبِيُّ Object أَنْ يَنْفِرَ إِذَا صَفِيَّةُ عَلَى بَابِ خِبَائِهَا كَئِيبَةٌ حَزِينَةٌ، فَقَالَ: عَقْرَى. الْحَدِيثَ، وَهَذَا يُشْعِرُ بِأَنَّ الْوَقْتَ الَّذِي أَرَادَ مِنْهَا مَا يُرِيدُ الرَّجُلُ مِنْ أَهْلِهِ كَانَ بِالْقُرْبِ مِنْ وَقْتِ النَّفْرِ مِنْ مِنًى، وَاسْتَشْكَلَهُ بَعْضُهُمْ بِنَاءً عَلَى مَا فَهِمَهُ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ وَقْتَ الرَّحِيلِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ بِلَازِمٍ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الْوَقْتَ الَّذِي أَرَادَ مِنْهَا مَا أَرَادَ سَابِقًا عَلَى الْوَقْتِ الَّذِي رَآهَا فِيهِ عَلَى بَابِ خِبَائِهَا الَّذِي هُوَ وَقْتُ الرَّحِيلِ، بَلْ وَلَوِ اتَّحَدَ الْوَقْتُ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مَانِعًا مِنَ الْإِرَادَةِ الْمَذْكُورَةِ.

قَوْلُهُ: (عَقْرَى حَلْقَى) بِالْفَتْحِ فِيهِمَا ثُمَّ السُّكُونِ وَبِالْقَصْرِ بِغَيْرِ تَنْوِينٍ فِي الرِّوَايَةِ، وَيَجُوزُ فِي اللُّغَةِ التَّنْوِينُ وَصَوَّبَهُ أَبُو عُبَيْدٍ؛ لِأَنَّ مَعْنَاهُ الدُّعَاءُ بِالْعَقْرِ وَالْحَلْقِ، كَمَا يُقَالُ سَقْيًا وَرَعْيًا وَنَحْوُ ذَلِكَ مِنَ الْمَصَادِرِ الَّتِي يُدْعَى بِهَا، وَعَلَى الْأَوَّلِ هُوَ نَعْتٌ لَا دُعَاءٌ، ثُمَّ مَعْنَى عَقْرَى: عَقَرَهَا اللَّهُ، أَيْ جَرَحَهَا، وَقِيلَ: جَعَلَهَا عَاقِرًا لَا تَلِدُ، وَقِيلَ: عَقَرَ قَوْمَهَا. وَمَعْنَى حَلْقَى حَلَقَ شَعْرَهَا وَهُوَ زِينَةُ الْمَرْأَةِ، أَوْ أَصَابَهَا وَجَعٌ فِي حَلْقِهَا، أَوْ حَلْقِ قَوْمِهَا بِشُؤْمِهَا أَيْ.: أَهْلَكَهُمْ. وَحَكَى الْقُرْطُبِيُّ أَنَّهَا كَلِمَةٌ تَقُولُهَا الْيَهُودُ لِلْحَائِضِ، فَهَذَا أَصْلُ هَاتَيْنِ الْكَلِمَتَيْنِ، ثُمَّ اتَّسَعَ الْعَرَبُ فِي قَوْلِهِمَا بِغَيْرِ إِرَادَةِ حَقِيقَتِهِمَا، كَمَا قَالُوا: قَاتَلَهُ اللَّهُ، وَتَرِبَتْ يَدَاهُ، وَنَحْوَ ذَلِكَ، قَالَ الْقُرْطُبِيُّ وَغَيْرُهُ: شَتَّانَ بَيْنَ قَوْلِهِ Object هَذَا لِصَفِيَّةَ وَبَيْنَ قَوْلِهِ لِعَائِشَةَ لَمَّا حَاضَتْ مِنْهُ فِي الْحَجِّ: هَذَا شَيْءٌ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَى بَنَاتِ آدَمَ لِمَا يَشْعُرُ بِهِ مِنَ الْمَيْلِ لَهَا وَالْحُنُوِّ عَلَيْهَا بِخِلَافِ صَفِيَّةَ. قُلْتُ: وَلَيْسَ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى اتِّضَاعِ قَدْرِ صَفِيَّةَ عِنْدَهُ، لَكِنِ اخْتَلَفَ الْكَلَامُ بِاخْتِلَافِ الْمَقَامِ، فَعَائِشَةُ دَخَلَ عَلَيْهَا وَهِيَ تَبْكِي أَسَفًا عَلَى مَا فَاتَهَا مِنَ النُّسُكِ فَسَلَّاهَا بِذَلِكَ، وَصْفِيَّةُ أَرَادَ مِنْهَا مَا يُرِيدُ الرَّجُلُ مِنْ