للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بِهِ، وَكَانَ مِنْ قَوْلِهِ: اللَّهُمَّ. . . إِلَخْ.

قَوْلُهُ: (وَبَارِكْ لَهُ) فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ: وَبَارِكْ لَهُ فِيهِ وَقَوْلُهُ: فِيهِ بِالْإِفْرَادِ نَظَرًا إِلَى اللَّفْظِ، وَلِأَحْمَدَ فِيهِمْ نَظَرًا إِلَى الْمَعْنَى، وَيَأْتِي فِي الدَّعَوَاتِ مِنْ طَرِيقِ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ: وَبَارِكْ لَهُ فِيمَا أَعْطَيْتَهُ وَفِي رِوَايَةِ ثَابِتٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ: فَدَعَا لِي بِكُلِّ خَيْرٍ، وَكَانَ آخِرُ مَا دَعَا لِي أَنْ قَالَ: اللَّهُمَّ أَكْثِرْ مَالَهُ وَوَلَدَهُ، وَبَارِكْ لَهُ فِيهِ. وَلَمْ يَقَعْ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ التَّصْرِيحُ بِمَا دَعَا لَهُ مِنْ خَيْرِ الْآخِرَةِ؛ لِأَنَّ الْمَالَ وَالْوَلَدَ مِنْ خَيْرِ الدُّنْيَا، وَكَأَنَّ بَعْضَ الرُّوَاةِ اخْتَصَرَهُ. وَوَقَعَ لِمُسْلِمِ فِي رِوَايَةِ الْجَعْدِ، عَنْ أَنَسٍ: فَدَعَا لِي بِثَلَاثِ دَعَوَاتٍ قَدْ رَأَيْتُ مِنْهَا اثْنَتَيْنِ فِي الدُّنْيَا، وَأَنَا أَرْجُو الثَّالِثَةَ فِي الْآخِرَةِ وَلَمْ يُبَيِّنْهَا، وَهِيَ الْمَغْفِرَةُ كَمَا بَيَّنَهَا سِنَانُ بْنُ رَبِيعَةَ بِزِيَادَةٍ، وَذَلِكَ فِيمَا رَوَاهُ ابْنُ سَعْدٍ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْهُ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: اللَّهُمَّ أَكْثِرْ مَالَهُ وَوَلَدَهُ وَأَطِلْ عُمُرَهُ وَاغْفِرْ ذَنْبَهُ.

قَوْلُهُ: (فَإِنِّي لَمِنْ أَكْثَرِ الْأَنْصَارِ مَالًا) زَادَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ ابْنِ أَبِي عَدِيٍّ: وَذَكَرَ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ ذَهَبًا وَلَا فِضَّةً غَيْرَ خَاتَمِهِ يَعْنِي: أَنَّ مَالَهُ كَانَ مِنَ النَّقْدَيْنِ، وَفِي رِوَايَةِ ثَابِتٍ عِنْدَ أَحْمَدَ قَالَ أَنَسٌ: وَمَا أَصْبَحَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ أَكْثَرَ مِنِّي مَالًا، قَالَ: يَا ثَابِتُ وَمَا أَمْلِكُ صَفْرَاءَ وَلَا بَيْضَاءَ إِلَّا خَاتَمِي وَلِلتِّرْمِذِيِّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي خَلَدَةَ: قَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ: كَانَ لِأَنَسٍ بُسْتَانٌ يَحْمِلُ فِي السَّنَةِ مَرَّتَيْنِ، وَكَانَ فِيهِ رَيْحَانُ يَجِيءُ مِنْهُ رِيحُ الْمِسْكِ وَلِأَبِي نُعَيْمٍ فِي الْحِلْيَةِ مِنْ طَرِيقِ حَفْصَةَ بِنْتِ سِيرِينَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: وَإِنَّ أَرْضِي لَتُثْمِرُ فِي السَّنَةِ مَرَّتَيْنِ، وَمَا فِي الْبَلَدِ شَيْءٌ يُثْمِرُ مَرَّتَيْنِ غَيْرُهَا.

قَوْلُهُ: (وَحَدَّثَتْنِي ابْنَتِي أُمَيْنَةُ) بِالنُّونِ تَصْغِيرُ آمِنَةَ (أَنَّهُ دُفِنَ لِصُلْبِي) أَيْ: مِنْ وَلَدِهِ دُونَ أَسْبَاطِهِ وَأَحْفَادِهِ.

قَوْلُهُ: (مَقْدَمَ الْحَجَّاجِ الْبَصْرَةَ) بِالنَّصْبِ عَلَى نَزْعِ الْخَافِضِ أَيْ: مِنْ أَوَّلِ مَا مَاتَ لِي مِنَ الْأَوْلَادِ إِلَى أَنْ قَدِمَهَا الْحَجَّاجُ. وَوَقَعَ ذَلِكَ صَرِيحًا فِي رِوَايَةِ ابْنِ أَبِي عَدِيٍّ الْمَذْكُورَةِ وَلَفْظُهُ: وَذَكَرَ أَنَّ ابْنَتَهُ الْكُبْرَى أُمَيْنَةَ أَخْبَرَتْهُ أَنَّهُ دُفِنَ لِصُلْبِهِ إِلَى مَقْدَمِ الْحَجَّاجِ، وَكَانَ قُدُومُ الْحَجَّاجِ الْبَصْرَةَ سَنَةَ خَمْسٍ وَسَبْعِينَ وَعُمُرُ أَنَسٍ حِينَئِذٍ نَيِّفٌ وَثَمَانُونَ سَنَةً، وَقَدْ عَاشَ أَنَسٌ بَعْدَ ذَلِكَ إِلَى سَنَةِ ثَلَاثٍ، وَيُقَالُ: اثْنَتَيْنِ، وَيُقَالُ: إِحْدَى وَتِسْعِينَ وَقَدْ قَارَبَ الْمِائَةَ.

قَوْلُهُ: (بِضْعٌ وَعِشْرُونَ وَمِائَةٌ) فِي رِوَايَةِ ابْنِ أَبِي عَدِيٍّ: نَيِّفٌ عَلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ وَفِي رِوَايَةِ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ حُمَيْدٍ عِنْدَ الْبَيْهَقِيِّ فِي الدَّلَائِلِ: تِسْعٌ وَعِشْرُونَ وَمِائَةٌ وَهُوَ عِنْدَ الْخَطِيبِ فِي رِوَايَةِ الْآبَاءِ، عَنِ الْأَبْنَاءِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ بِلَفْظِ: ثَلَاثٌ وَعِشْرُونَ وَمِائَةٌ وَفِي رِوَايَةِ حَفْصَةَ بِنْتِ سِيرِينَ: وَلَقَدْ دَفَنْتُ مِنْ صُلْبِي سِوَى وَلَدِ وَلَدِي خَمْسَةً وَعِشْرِينَ وَمِائَةً وَفِي الْحِلْيَةِ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: دَفَنْتُ مِائَةً لَا سِقْطًا وَلَا وَلَدَ وَلَدٍ وَلَعَلَّ هَذَا الِاخْتِلَافَ سَبَبُ الْعُدُولِ إِلَى الْبِضْعِ وَالنَّيِّفِ، وَفِي ذِكْرِ هَذَا دَلَالَةٌ عَلَى كَثْرَةِ مَا جَاءَهُ مِنَ الْوَلَدِ، فَإِنَّ هَذَا الْقَدْرَ هُوَ الَّذِي مَاتَ مِنْهُمْ، وَأَمَّا الَّذِينَ بَقُوا فَفِي رِوَايَةِ إِسْحَاقَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ أَنَسٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ: وَإِنَّ وَلَدِي وَوَلَدَ وَلَدِي لَيَتَعَادُّونَ عَلَى نَحْوِ الْمِائَةِ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفَوَائِدِ غَيْرُ مَا تَقَدَّمَ: جَوَازُ التَّصْغِيرِ عَلَى مَعْنَى التَّلَطُّفِ لَا التَّحْقِيرِ، وَتُحْفَةُ الزَّائِرِ بِمَا حَضَرَ بِغَيْرِ تَكَلُّفٍ، وَجَوَازُ رَدِّ الْهَدِيَّةِ إِذَا لَمْ يَشُقَّ ذَلِكَ عَلَى الْمُهْدِي، وَأَنَّ أَخْذَ مَنْ رَدَّ عَلَيْهِ ذَلِكَ لَهُ لَيْسَ مِنَ الْعَوْدِ فِي الْهِبَةِ. وَفِيهِ حِفْظُ الطَّعَامِ وَتَرْكُ التَّفْرِيطِ فِيهِ، وَجَبْرُ خَاطِرِ الْمُزَوِّرِ إِذَا لَمْ يُؤْكَلْ عِنْدَهُ بِالدُّعَاءِ لَهُ، وَمَشْرُوعِيَّةُ الدُّعَاءِ عَقِبَ الصَّلَاةِ، وَتَقْدِيمُ الصَّلَاةِ أَمَامَ طَلَبِ الْحَاجَةِ، وَالدُّعَاءُ بِخَيْرِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَالدُّعَاءُ بِكَثْرَةِ الْمَالِ وَالْوَلَدِ، وَأَنَّ ذَلِكَ لَا يُنَافِي الْخَيْرَ الْأُخْرَوِيَّ، وَإِنْ فَضْلَ التَّقَلُّلِ مِنَ الدُّنْيَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَشْخَاصِ.

وَفِيهِ زِيَارَةُ الْإِمَامِ بَعْضَ رَعِيَّتِهِ، وَدُخُولُ بَيْتِ الرَّجُلِ فِي غَيْبَتِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقُلْ فِي طُرُقِ هَذِهِ الْقِصَّةِ: إِنَّ أَبَا طَلْحَةَ كَانَ حَاضِرًا. وَفِيهِ إِيثَارُ الْوَلَدِ عَلَى النَّفْسِ، وَحُسْنُ التَّلَطُّفِ فِي السُّؤَالِ، وَأَنَّ كَثْرَةَ الْمَوْتِ فِي الْأَوْلَادِ لَا يُنَافِي إِجَابَةَ الدُّعَاءِ بِطَلَبِ كَثْرَتِهِمْ وَلَا طَلَبِ الْبَرَكَةِ فِيهِمْ لِمَا يَحْصُلُ مِنَ الْمُصِيبَةِ بِمَوْتِهِمْ وَالصَّبْرِ عَلَى ذَلِكَ مِنَ الثَّوَابِ. وَفِيهِ التَّحَدُّثُ بِنِعَمِ