للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

طَلَبِهِمَا. الْقَوْلُ الْأَوَّلُ: أَنَّهَا رُفِعَتْ أَصْلًا وَرَأْسًا حَكَاهُ الْمُتَوَلِّي فِي التَّتِمَّةِ عَنِ الرَّوَافِضِ وَالْفَاكِهَانِيُّ فِي شَرْحِ الْعُمْدَةِ عَنِ الْحَنَفِيَّةِ، وَكَأَنَّهُ خَطَأٌ مِنْهُ. وَالَّذِي حَكَاهُ السُّرُوجِيُّ أَنَّهُ قَوْلُ الشِّيعَةِ، وَقَدْ رَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ مِنْ طَرِيقِ دَاوُدَ بْنِ أَبِي عَاصِمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُحَنَّسَ قُلْتُ لِأَبِي هُرَيْرَةَ: زَعَمُوا أَنَّ لَيْلَةَ الْقَدْرِ رُفِعَتْ. قَالَ: كَذَبَ مَنْ قَالَ ذَلِكَ وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَرِيكٍ قَالَ: ذَكَرَ الْحَجَّاجُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ فَكَأَنَّهُ أَنْكَرَهَا، فَأَرَادَ زِرُّ بْنُ حُبَيْشٍ أَنْ يَحْصِبَهُ فَمَنَعَهُ قَوْمُهُ. الثَّانِي: أَنَّهَا خَاصَّةٌ بِسَنَةٍ وَاحِدَةٍ وَقَعَتْ فِي زَمَنِ رَسُولِ اللَّهِ حَكَاهُ الْفَاكِهَانِيُّ أَيْضًا.

الثَّالِثُ: أَنَّهَا خَاصَّةٌ بِهَذِهِ الْأُمَّةِ وَلَمْ تَكُنْ فِي الْأُمَمِ قَبْلَهُمْ، جَزَمَ بِهِ ابْنُ حَبِيبٍ وَغَيْرُهُ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ وَنَقَلَهُ عَنِ الْجُمْهُورِ وَحَكَاهُ صَاحِبُ الْعِدَّةِ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ وَرَجَّحَهُ، وَهُوَ مُعْتَرَضٌ بِحَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ عِنْدَ النَّسَائِيِّ حَيْثُ قَالَ فِيهِ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتَكُونُ مَعَ الْأَنْبِيَاءِ فَإِذَا مَاتُوا رُفِعَتْ؟ قَالَ: لَا، بَلْ هِيَ بَاقِيَةٌ وَعُمْدَتُهُمْ قَوْلُ مَالِكٍ فِي الْمُوَطَّأِ بَلَغَنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ تَقَاصَرَ أَعْمَارَ أُمَّتِهِ عَنْ أَعْمَارِ الْأُمَمِ الْمَاضِيَةِ فَأَعْطَاهُ اللَّهُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ، وَهَذَا يَحْتَمِلُ التَّأْوِيلَ فَلَا يَدْفَعُ التَّصْرِيحَ فِي حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ.

الرَّابِعُ: أَنَّهَا مُمْكِنَةٌ فِي جَمِيعِ السَّنَةِ، وَهُوَ قَوْلٌ مَشْهُورٌ عَنِ الْحَنَفِيَّةِ حَكَاهُ قَاضِي خَانْ، وَأَبُو بَكْرٍ الرَّازِيُّ مِنْهُمْ، وَرُوِيَ مِثْلُهُ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَعِكْرِمَةَ وَغَيْرِهِمْ، وَزَيَّفَ الْمُهَلَّبُ هَذَا الْقَوْلَ وَقَالَ: لَعَلَّ صَاحِبَهُ بَنَاهُ عَلَى دَوَرَانِ الزَّمَانِ لِنُقْصَانِ الْأَهِلَّةِ، وَهُوَ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَمْ يُعْتَبَرْ فِي صِيَامِ رَمَضَانَ فَلَا يُعْتَبَرُ فِي غَيْرِهِ حَتَّى تُنْقَلَ لَيْلَةُ الْقَدْرِ عَنْ رَمَضَانَ اهـ. وَمَأْخَذُ ابْنِ مَسْعُودٍ كَمَا ثَبَتَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ أَنَّهُ أَرَادَ أَنْ لَا يَتَّكِلَ النَّاسُ. الْخَامِسُ: أَنَّهَا مُخْتَصَّةٌ بِرَمَضَانَ مُمْكِنَةٌ فِي جَمِيعِ لَيَالِيهِ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عُمَرَ رَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْهُ، وَرُوِيَ مَرْفُوعًا عَنْهُ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ، وَفِي شَرْحِ الْهِدَايَةِ الْجَزْمُ بِهِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَقَالَ بِهِ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَالْمَحَامِلِيُّ وَبَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ وَرَجَّحَهُ السُّبْكِيُّ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ وَحَكَاهُ ابْنُ الْحَاجِبِ رِوَايَةً، وَقَالَ السُّرُوجِيُّ فِي شَرْحِ الْهِدَايَةِ: قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ: إِنَّهَا تَنْتَقِلُ فِي جَمِيعِ رَمَضَانَ. وَقَالَ صَاحِبَاهُ: إِنَّهَا فِي لَيْلَةٍ مُعَيَّنَةٍ مِنْهُ مُبْهَمَةٍ، وَكَذَا قَالَ النَّسَفِيُّ فِي الْمَنْظُومَةِ:

وَلَيْلَةُ الْقَدْرِ بِكُلِّ الشَّهْرِ … دَائِرَةٌ وَعَيَّنَاهَا فَادْرِ اهـ.

وَهَذَا الْقَوْلُ حَكَاهُ ابْنُ الْعَرَبِيِّ عَنْ قَوْمٍ وَهُوَ السَّادِسُ. السَّابِعُ: أَنَّهَا أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ حكي عَنْ أَبِي رَزِينٍ الْعُقَيْلِيِّ الصَّحَابِيِّ، وَرَوَى ابْنُ أَبِي عَاصِمٍ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ قَالَ: لَيْلَةُ الْقَدْرِ أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ، قَالَ ابْنُ أَبِي عَاصِمٍ: لَا نَعْلَمُ أَحَدًا قَالَ ذَلِكَ غَيْرَهُ. الثَّامِنُ: أَنَّهَا لَيْلَةُ النِّصْفِ مِنْ رَمَضَانَ، حَكَاهُ شَيْخُنَا سِرَاجُ الدِّينِ بْنُ الْمُلَقِّنِ فِي شَرْحِ الْعُمْدَةِ وَالَّذِي رَأَيْتُ فِي الْمُفْهِمِ لِلْقُرْطُبِيِّ حِكَايَةُ قَوْلٍ أَنَّهَا لَيْلَةُ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ، وَكَذَا نَقَلَهُ السُّرُوجِيِّ عَنْ صَاحِبِ الطِّرَازِ فَإِنْ كَانَا مَحْفُوظَيْنِ فَهُوَ الْقَوْلُ التَّاسِعُ، ثُمَّ رَأَيْتُ فِي شَرْحِ السُّرُوجِيِّ عَنِ الْمُحِيطِ أَنَّهَا فِي النِّصْفِ الْأَخِيرِ. الْعَاشِرُ: أَنَّهَا لَيْلَةُ سَبْعَ عَشْرَةَ مِنْ رَمَضَانَ، رَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَالطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ قَالَ: مَا أَشُكُّ وَلَا أَمْتَرِيَ أَنَّهَا لَيْلَةُ سَبْعَ عَشْرَةَ مِنْ رَمَضَانَ لَيْلَةَ أُنْزِلَ الْقُرْآنُ. وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَيْضًا. الْقَوْلُ الْحَادِي عَشَرَ: أَنَّهَا مُبْهَمَةٌ فِي الْعَشْرِ الْأَوْسَطِ حَكَاهُ النَّوَوِيُّ وَعَزَاهُ الطَّبَرِيُّ، لِعُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ، وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَقَالَ بِهِ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ. الْقَوْلُ الثَّانِي عَشَرَ: أَنَّهَا لَيْلَةُ ثَمَانِ عَشْرَةَ قَرَأْتُهُ بِخَطِّ الْقُطْبِ الْحَلَبِيِّ فِي شَرْحِهِ، وَذَكَرَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي مُشْكِلِهِ. الْقَوْلُ الثَّالِثَ عَشَرَ: أَنَّهَا لَيْلَةُ تِسْعَ عَشْرَةَ، رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ عَلِيٍّ، وَعَزَاهُ الطَّبَرِيُّ، لِزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَوَصَلَهُ الطَّحَاوِيُّ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ.

الْقَوْلُ الرَّابِعَ عَشَرَ: أَنَّهَا أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنَ الْعَشْرِ الْأَخِيرِ، وَإِلَيْهِ مَالَ الشَّافِعِيُّ وَجَزَمَ بِهِ جَمَاعَةٌ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ، وَلَكِنْ قَالَ السُّبْكِيُّ: إِنَّهُ لَيْسَ مَجْزُومًا بِهِ عِنْدَهُمْ لِاتِّفَاقِهِمْ عَلَى عَدَمِ حِنْثِ مَنْ عَلَّقَ يَوْمَ الْعِشْرِينَ عِتْقَ عَبْدِهِ فِي