للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَحْدَهُ، وَهُوَ مُوَافِقٌ لِتَفْسِيرِ أَبِي عُبَيْدَةَ حَيْثُ قَالَ فِي قَوْلِهِ: وَآخَرُونَ مُرْجِئُونَ لِأَمْرِ اللَّهِ أَيْ: مُؤَخَّرُونَ لِأَمْرِ اللَّهِ، يُقَالُ: أَرْجَأْتُكَ أَيْ: أَخَّرْتُكَ، وَأَرَادَ بِهِ الْبُخَارِيُّ شَرْحَ قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَالطَّعَامُ مُرْجَأٌ أَيْ مُؤَخَّرٌ، وَيَجُوزُ هَمْزُ مُرْجَأٍ وَتَرْكُ هَمْزِهِ، وَوَقَعَ فِي كِتَابِ الْخَطَّابِيِّ بِتَشْدِيدِ الْجِيمِ بِغَيْرِ هَمْزٍ وَهُوَ لِلْمُبَالَغَةِ.

٥٥ - بَاب بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ أَنْ يُقْبَضَ، وَبَيْعِ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ

٢١٣٥ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ: الَّذِي حَفِظْنَاهُ مِنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ سَمِعَ طَاوُسًا يَقُولُ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ ﵄ يَقُولُ: أَمَّا الَّذِي نَهَى عَنْهُ النَّبِيُّ ﷺ فَهُوَ الطَّعَامُ أَنْ يُبَاعَ حَتَّى يُقْبَضَ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَلَا أَحْسِبُ كُلَّ شَيْءٍ إِلَّا مِثْلَهُ.

٢١٣٦ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ ﵄ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ مَنْ ابْتَاعَ طَعَامًا فَلَا يَبِعْهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَهُ زَادَ إِسْمَاعِيلُ مَنْ ابْتَاعَ طَعَامًا فَلَا يَبِعْهُ حَتَّى يَقْبِضَهُ"

قَوْلُهُ: (بَابُ بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ أَنْ يُقْبَضَ، وَبَيْعِ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ) لَمْ يُذْكَرْ فِي حَدِيثَيِ الْبَابِ بَيْعُ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ، وَكَأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ عَلَى شَرْطِهِ فَاسْتَنْبَطَهُ مِنَ النَّهْيِ عَنِ الْبَيْعِ قَبْلَ الْقَبْضِ. وَوَجْهُ الِاسْتِدْلَالِ مِنْهُ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى، وَحَدِيثُ النَّهْيِ عَنْ بَيْعِ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ أَخْرَجَهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ مِنْ حَدِيثِ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ بِلَفْظِ: قَلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، يَأْتِينِي الرَّجُلُ فَيَسْأَلُنِي الْبَيْعَ لَيْسَ عِنْدِي، أَبِيعُهُ مِنْهُ ثُمَّ أبْتَاعُهُ لَهُ مِنَ السُّوقِ؟ فَقَالَ: لَا تَبِعْ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ. وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ مُخْتَصَرًا وَلَفْظُهُ: نَهَانِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَنْ بَيْعِ مَا لَيْسَ عِنْدِي. قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: وَبَيْعُ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ يَحْتَمِلُ مَعْنَيَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنْ يَقُولَ: أَبِيعُكَ عَبْدًا أَوْ دَارًا مُعَيَّنَةً وَهِيَ غَائِبَةٌ، فَيُشْبِهُ بَيْعَ الْغَرَرِ لِاحْتِمَالِ أَنْ تَتْلَفَ أَوْ لَا يَرْضَاهَا، ثَانِيهُمَا أَنْ يَقُولَ: هَذِهِ الدَّارُ بِكَذَا، عَلَى أَنْ أَشْتَرِيَهَا لَكَ مِنْ صَاحِبِهَا، أَوْ عَلَى أَنْ يُسَلِّمَهَا لَكَ صَاحِبُهَا اهـ. وَقِصَّةُ حَكِيمٍ مُوَافِقَةٌ لِلِاحْتِمَالِ الثَّانِي.

قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ) هُوَ ابْنُ عُيَيْنَةَ وَقَوْلُهُ: الَّذِي حَفِظْنَاهُ مِنْ عَمْرٍو كَأَنَّ سُفْيَانَ يُشِيرُ إِلَى أَنَّ فِي رِوَايَةِ غَيْرِ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ طَاوُسٍ زِيَادَةً عَلَى مَا حَدَّثَهُمْ بِهِ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ عَنْهُ، كَسُؤَالِ طَاوُسٍ مِنَ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ سَبَبِ النَّهْيِ وَجَوَابِهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ.

قَوْلُهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ (أَمَّا الَّذِي نَهَى عَنْهُ. . . إِلَخْ) أَيْ: وَأَمَّا الَّذِي لَمْ أَحْفَظْ نَهْيَهُ فَمَا سِوَى ذَلِكَ.

قَوْلُهُ: (فَهُوَ الطَّعَامُ أَنْ يُبَاعَ حَتَّى يُقْبَضَ) فِي رِوَايَةِ مِسْعَرٍ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَيْسَرَةَ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: مَنِ ابْتَاعَ طَعَامًا فَلَا يَبِعْهُ حَتَّى يَقْبِضَهُ قَالَ مِسْعَرٌ: وَأَظُنُّهُ قَالَ: أَوْ عَلَفًا وَهُوَ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَاللَّامِ وَالْفَاءِ.

قَوْلُهُ: (قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَا أَحْسَبُ كُلَّ شَيْءٍ إِلَّا مِثْلَهُ) وَلِمُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ مَعْمَرٍ، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ: وَأَحْسَبُ كُلَّ شَيْءٍ بِمَنْزِلَةِ الطَّعَامِ وَهَذَا مِنْ تَفَقُّهِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَمَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ إِلَى اخْتِصَاصِ ذَلِكَ بِالطَّعَامِ وَاحْتَجَّ بِاتِّفَاقِهِمْ عَلَى أَنَّ مَنِ اشْتَرَى عَبْدًا فَأَعْتَقَهُ قَبْلَ قَبْضِهِ أَنَّ عِتْقَهُ جَائِزٌ، قَالَ: فَالْبَيْعُ كَذَلِكَ. وَتُعُقِّبَ بِالْفَارِقِ وَهُوَ تَشَوُّفُ الشَّارِعِ إِلَى الْعِتْقِ. وَقَوْلُ طَاوُسٍ فِي الْبَابِ قَبْلَهُ قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ كَيْفَ ذَاكَ؟ قَالَ: ذَاكَ دَرَاهِمُ بِدَرَاهِمَ وَالطَّعَامُ مُرْجَأٌ مَعْنَاهُ أَنَّهُ اسْتَفْهَمَ عَنْ سَبَبِ هَذَا النَّهْيِ فَأَجَابَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ بِأَنَّهُ إِذَا بَاعَهُ الْمُشْتَرِي قَبْلَ الْقَبْضِ وَتَأَخَّرَ الْمَبِيعُ فِي يَدِ الْبَائِعِ فَكَأَنَّهُ بَاعَهُ دَرَاهِمَ بِدَرَاهِمَ.

وَيُبَيِّن ذَلِكَ مَا وَقَعَ فِي رِوَايَةِ سُفْيَانَ، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ قَالَ طَاوُسٌ: قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ: لِمَ؟ قَالَ: أَلَا تَرَاهُمْ يَتَبَايَعُونَ بِالذَّهَبِ وَالطَّعَامُ مُرْجَأٌ أَيْ: فَإِذَا اشْتَرَى طَعَامًا بِمِائَةِ دِينَارٍ