للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

جَابِرٍ الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ أَخْرَجَهُ الشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ وَصَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ، وَابْنُ حِبَّانَ، وَالْحَاكِمُ أَخْرَجُوهُ كُلُّهُمْ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ إِسْحَاقَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ عَنْ عَمِّهِ وَاسِعِ بْنِ حِبَّانَ، عَنْ جَابِرٍ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ يَقُولُ حِينَ أَذِنَ لِأَصْحَابِ الْعَرَايَا أَنْ يَبِيعُوهَا بِخَرْصِهَا يَقُولُ: الْوَسْقُ وَالْوَسْقَيْنِ وَالثَّلَاثَةَ وَالْأَرْبَعَ لَفْظُ أَحْمَدَ، وَتَرْجَمَ عَلَيْهِ ابْنُ حِبَّانَ: الِاحْتِيَاطُ أَنْ لَا يَزِيدَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْسُقٍ وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ يَتَعَيَّنُ الْمَصِيرُ إِلَيْهِ؟ وَأَمَّا جَعْلُهُ حَدًّا لَا يَجُوزُ تَجَاوُزُهُ فَلَيْسَ بِالْوَاضِحِ، وَاحْتَجَّ بَعْضُهُمْ لِمَالِكٍ بِقَوْلِ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ: إِنَّ الْعَرِيَّةَ تَكُونُ ثَلَاثَةَ أَوْسُقٍ أَوْ أَرْبَعَةً أَوْ خَمْسَةً وَسَيَأْتِي ذِكْرُهُ فِي الْبَابِ الَّذِي يَلِيهِ، وَلَا حُجَّةَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ مَوْقُوفٌ. وَمِنْ فُرُوعِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَا لَوْ زَادَ فِي صَفْقَةٍ عَلَى خَمْسَةِ أَوْسُقٍ فَإِنَّ الْبَيْعَ يَبْطُلُ فِي الْجَمِيعِ. وَخَرَجَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ مِنْ جَوَازِ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ أَنَّهُ يَجُوزُ، وَهُوَ بَعِيدٌ لِوُضُوحِ الْفَرْقِ، وَلَوْ بَاعَ مَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ فِي صَفْقَةٍ ثُمَّ بَاعَ مِثْلَهَا الْبَائِعُ بِعَيْنِهِ لِلْمُشْتَرِي بِعَيْنِهِ فِي صَفْقَةٍ أُخْرَى جَازَ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ عَلَى الْأَصَحِّ، وَمَنَعَهُ أَحْمَدُ وَأَهْلُ الظَّاهِرِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

قَوْلُهُ: (قَالَ: نَعَمْ) الْقَائِلُ هُوَ مَالِكٌ، وَكَذَلِكَ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى قَالَ: قُلْتُ لِمَالِكٍ أَحَدَّثَكَ دَاوُدُ فَذَكَرَهُ وَقَالَ فِي آخِرِهِ: نَعَمْ وَهَذَا التَّحَمُّلُ يُسَمَّى عَرْضَ السَّمَاعِ، وَكَانَ مَالِكٌ يَخْتَارُهُ عَلَى التَّحْدِيثِ مَنْ لَفْظِهِ. وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْحَدِيثِ هَلْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَقُولَ الشَّيْخُ: نَعَمْ أَمْ لَا وَالصَّحِيحُ أَنَّ سُكُوتَهُ يُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ إِقْرَارِهِ إِذَا كَانَ عَارِفًا وَلَمْ يَمْنَعْهُ مَانِعٌ، وَإِذَا قَالَ نَعَمْ فَهُوَ أَوْلَى بِلَا نِزَاعٍ.

قَوْلُهُ: (سُفْيَانُ) هُوَ ابْنُ عُيَيْنَةَ.

قَوْلُهُ: (قَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ) هُوَ الْأَنْصَارِيُّ، وَسَيَأْتِي فِي آخِرِ الْبَابِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ سُفْيَانَ صَرَّحَ بِتَحْدِيثِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ لَهُ بِهِ وَهُوَ السِّرُّ فِي إِيرَادِ الْحِكَايَةِ الْمَذْكُورَةِ.

قَوْلُهُ: (سَمِعْتُ بُشَيْرًا) بِالْمُوَحَّدَةِ وَالْمُعْجَمَةِ مُصَغَّرًا، وَهُوَ ابْنُ يَسَارٍ بِالتَّحْتَانِيَّةِ ثُمَّ الْمُهْمَلَةِ مُخَفَّفًا الْأَنْصَارِيَّ.

قَوْلُهُ: (سَمِعْتُ سَهْلَ بْنَ أَبِي حَثْمَةَ) زَادَ الْوَلِيدُ بْنُ كَثِيرٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ، عَنْ بُشَيْرِ بْنِ يَسَارٍ أَنَّ رَافِعَ بْنَ خَدِيجٍ، وَسَهْلَ بْنَ أَبِي حَثْمَةَ حَدَّثَاهُ، وَلِمُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ بُشَيْرِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ مِنْهُمْ سَهْلُ بْنُ أَبِي حَثْمَةَ.

قَوْلُهُ: (أَنْ تُبَاعَ بِخَرْصِهَا) هُوَ بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ، وَأَشَارَ ابْنُ التِّينِ إِلَى جَوَازِ كَسْرِهَا، وَجَزَمَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ بِالْكَسْرِ وَأَنْكَرَ الْفَتْحَ، وَجَوَّزَهُمَا النَّوَوِيُّ وَقَالَ: الْفَتْحُ أَشْهَرُ، قَالَ: وَمَعْنَاهُ تَقْدِيرُ مَا فِيهَا: إِذَا صَارَ تَمْرًا، فَمَنْ فَتَحَ قَالَ هُوَ اسْمُ الْفِعْلِ، وَمَنْ كَسَرَ قَالَ: هُوَ اسْمٌ لِلشَّيْءِ الْمَخْرُوصِ، اهـ. وَالْخَرْصُ هُوَ التَّخْمِينُ وَالْحَدْسُ، وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي الْبَابِ الَّذِي يَلِيهِ فِي تَفْسِيرِ الْعَرَايَا.

قَوْلُهُ: (وَقَالَ سُفْيَانُ مَرَّةً أُخْرَى. . . إِلَخْ) هُوَ كَلَامُ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَالْغَرَضُ أَنَّ ابْنَ عُيَيْنَةَ حَدَّثَهُمْ بِهِ مَرَّتَيْنِ عَلَى لَفْظَيْنِ وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ، وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ: هُوَ سَوَاءٌ أَيِ: الْمَعْنَى وَاحِدٌ.

قَوْلُهُ: (قَالَ سُفْيَانُ) أَيْ: بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ (فَقُلْتُ لِيَحْيَى) أَيِ: ابْنِ سَعِيدٍ لَمَّا حَدَّثَهُ بِهِ.

قَوْلُهُ: (وَأَنَا غُلَامٌ) جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ، وَالْغَرَضُ الْإِشَارَةُ إِلَى قِدَمِ طَلَبِهِ وَتَقَدُّمِ فِطْنَتِهِ وَأَنَّهُ كَانَ فِي سِنِّ الصِّبَا يُنَاظِرُ شُيُوخَهُ وَيُبَاحِثُهُمْ.

قَوْلُهُ: (رَخَّصَ لَهُمْ فِي بَيْعِ الْعَرَايَا) مَحَلُّ الْخِلَافِ بَيْنَ رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ وَرِوَايَةِ أَهْلِ مَكَّةَ أَنَّ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ قَيَّدَ الرُّخْصَةَ فِي بَيْعِ الْعَرَايَا بِالْخَرْصِ وَأَنْ يَأْكُلَهَا أَهْلُهَا رُطَبًا. وَأَمَّا ابْنُ عُيَيْنَةَ فِي رِوَايَتِهِ عَنْ أَهْلِ مَكَّةَ فَأَطْلَقَ الرُّخْصَةَ فِي بَيْعِ الْعَرَايَا وَلَمْ يُقَيِّدْهَا بِشَيْءٍ مِمَّا ذُكِرَ.

قَوْلُهُ: (قُلْتُ: إِنَّهُمْ يَرْوُونَهُ عَنْ جَابِرٍ) فِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ سُفْيَانَ قُلْتُ: أَخْبَرَهُمْ عَطَاءٌ أَنَّهُ سَمِعَ مِنْ جَابِرٍ. قُلْتُ: وَرِوَايَةُ ابْنِ عُيَيْنَةَ كَذَلِكَ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرٍ تَقَدَّمَتِ الْإِشَارَةُ إِلَيْهَا، وَأَنَّهَا تَأْتِي فِي كِتَابِ الشُّرْبِ، وَهِيَ عَلَى الْإِطْلَاقِ كَمَا فِي رِوَايَتِهِ الَّتِي فِي أَوَّلِ الْبَابِ.

قَوْلُهُ: (قَالَ سُفْيَانُ) أَيْ: بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ (إِنَّمَا أَرَدْتُ) أَيِ: الْحَامِلُ لِي عَلَى قَوْلِي لِيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ: إِنَّهُمْ يَرْوُونَهُ عَنْ جَابِرٍ (أَنَّ جَابِرًا مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ) فَيَرْجِعُ