للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

مُحَرَّمٍ نَجَسٍ وَلَوْ كَانَ فِيهِ مَنْفَعَةٌ كَالسِّرْقِينِ، وَأَجَازَ ذَلِكَ الْكُوفِيُّونَ وَذَهَبَ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ إِلَى جَوَازِ ذَلِكَ لِلْمُشْتَرِي دُونَ الْبَائِعِ لِاحْتِيَاجِ الْمُشْتَرِي دُونَهُ، وَسَيَأْتِي فِي بَابِ بَيْعِ الْمَيْتَةِ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ بَيَانُ الْوَقْتِ الَّذِي قَالَ فِيهِ النَّبِيُّ هَذِهِ الْمَقَالَةَ، وَفِيهِ الْبَحْثُ عَنْ الِانْتِفَاعِ بِشَحْمِ الْمَيْتَةِ وَإِنْ حَرُمَ بَيْعُهَا، وَمَا يُسْتَثْنَى مِنْ تَحْرِيمِ بَيْعِ الْمَيْتَةِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

قَوْلُهُ: (أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ) هُوَ ابْنُ الْمُبَارَكِ، وَيُونُسُ هُوَ ابْنُ يَزِيدَ.

قَوْلُهُ: (قَاتَلَ اللَّهُ يَهُودًا) كَذَا بِالتَّنْوِينِ عَلَى إِرَادَةِ الْبَطْنِ، وَفِي رِوَايَةٍ بِغَيْرِ تَنْوِينٍ عَلَى إِرَادَةِ الْقَبِيلَةِ، وَقَدْ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِي رِوَايَةِ الْمُسْتَمْلِي فِي آخِرِ الْبَابِ أَنَّ مَعْنَاهُ لَعَنَهُمْ، وَاسْتَشْهَدَ بِأَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى: ﴿قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ﴾ مَعْنَاهُ: لُعِنَ وَهُوَ تَفْسِيرُ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قُتِلَ، وَقَوْلُهُ: ﴿الْخَرَّاصُونَ﴾ الْكَذَّابُونَ هُوَ تَفْسِيرُ مُجَاهِدٍ رَوَاهُمَا الطَّبَرِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ عَنْهُمَا. وَقَالَ الْهَرَوِيُّ: مَعْنَى قَاتَلَهُمْ: قَتَلَهُمْ، قَالَ: وَفَاعَلَ أَصْلُهَا أَنْ يَقَعَ الْفِعْلُ بَيْنَ اثْنَيْنِ، وَرُبَّمَا جَاءَ مِنْ وَاحِدٍ كَسَافَرْتُ وَطَارَقْتُ النَّعْلَ، وَقَالَ غَيْرُهُ: مَعْنَى قَاتَلَهُمْ: عَادَاهُمْ، وَقَالَ الدَّاوُدِيُّ مَنْ صَارَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَجَبَ قَتْلُهُ. وَقَالَ الْبَيْضَاوِيُّ: قَاتَلَ، أَيْ: عَادَى أَوْ قَتَلَ، وَأُخْرِجَ فِي صُورَةِ الْمُبَالَغَةِ، أَوْ عُبِّرَ عَنْهُ بِمَا هُوَ مُسَبَّبٌ عَنْهُمْ؛ فَإِنَّهُمْ بِمَا اخْتَرَعُوا مِنَ الْحِيلَةِ انْتَصَبُوا لِمُحَارَبَةِ اللَّهِ، وَمَنْ حَارَبَهُ حُرِبَ، وَمَنْ قَاتَلَهُ قُتِلَ.

١٠٤ - بَاب بَيْعِ التَّصَاوِيرِ الَّتِي لَيْسَ فِيهَا رُوحٌ، وَمَا يُكْرَهُ مِنْ ذَلِكَ

٢٢٢٥ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، أَخْبَرَنَا عَوْفٌ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ إِذْ أَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا أَبَا عَبَّاسٍ، إِنِّي إِنْسَانٌ إِنَّمَا مَعِيشَتِي مِنْ صَنْعَةِ يَدِي، وَإِنِّي أَصْنَعُ هَذِهِ التَّصَاوِيرَ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَا أُحَدِّثُكَ إِلَّا مَا سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ، سَمِعْتُهُ يَقُولُ: مَنْ صَوَّرَ صُورَةً فَإِنَّ اللَّهَ مُعَذِّبُهُ حَتَّى يَنْفُخَ فِيهَا الرُّوحَ، وَلَيْسَ بِنَافِخٍ فِيهَا أَبَدًا. فَرَبَا الرَّجُلُ رَبْوَةً شَدِيدَةً وَاصْفَرَّ وَجْهُهُ، فَقَالَ: وَيْحَكَ إِنْ أَبَيْتَ إِلَّا أَنْ تَصْنَعَ فَعَلَيْكَ بِهَذَا الشَّجَرِ كُلِّ شَيْءٍ لَيْسَ فِيهِ رُوحٌ. قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ: سَمِعَ سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ مِنْ النَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ هَذَا الْوَاحِدَ.

[الحديث ٢٢٢٥ - طرفاه في: ٥٩٦٣، ٧٠٤٢]

قَوْلُهُ: (بَابُ بَيْعِ التَّصَاوِيرِ الَّتِي لَيْسَ فِيهَا رُوحٌ، وَمَا يُكْرَهُ مِنْ ذَلِكَ) أَيْ: مِنَ الِاتِّخَاذِ أَوِ الْبَيْعِ أَوِ الصَّنْعَةِ، أَوْ مَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ، وَالْمُرَادُ بِالتَّصَاوِيرِ الْأَشْيَاءُ الَّتِي تُصَوَّرُ. ثُمَّ ذَكَرَ الْمُؤَلِّفُ حَدِيثَ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا: مَنْ صَوَّرَ صُورَةً فَإِنَّ اللَّهَ مُعَذِّبُهُ الْحَدِيثَ، وَجْهُ الِاسْتِدْلَالِ بِهِ عَلَى كَرَاهِيَةِ الْبَيْعِ وَغَيْرِهِ وَاضِحٌ، وَسَعِيدُ بْنُ أَبِي الْحَسَنِ رَاوِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ هُوَ أَخُو الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَهُوَ أَسَنُّ مِنْهُ وَمَاتَ قَبْلَهُ وَلَيْسَ لَهُ فِي الْبُخَارِيِّ مَوْصُولًا سِوَى هَذَا الْحَدِيثِ، وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ مُسْتَوْفًى فِي كِتَابِ اللِّبَاسِ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

قَوْلُهُ: (فَرَبَا الرَّجُلُ) بِالرَّاءِ وَالْمُوَحَّدَةِ، أَيْ: انْتَفَخَ، قَالَ الْخَلِيلُ: رَبَا الرَّجُلُ أَصَابَهُ نَفَسٌ فِي جَوْفِهِ، وَهُوَ الرَّبْوُ وَالرَّبْوَةُ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ ذُعِرَ وَامْتَلَأَ خَوْفًا. وَقَوْلُهُ: رُبْوَةً بِضَمِّ الرَّاءِ وَبِفَتْحِهَا.

قَوْلُهُ: (فَعَلَيْكَ بِهَذَا الشَّجَرِ كُلِّ شَيْءٍ لَيْسَ فِيهِ رُوحٌ) كَذَا فِي الْأَصْلِ بِخَفْضِ كُلِّ عَلَى أَنَّهُ بَدَلُ كُلٍّ مِنْ بَعْضٍ، وَقَدْ جَوَّزَهُ بَعْضُ النُّحَاةِ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ، أَيْ: عَلَيْكَ بِمِثْلِ الشَّجَرِ، أَوْ عَلَى حَذْفِ وَاوِ الْعَطْفِ، أَيْ: وَكُلِّ شَيْءٍ، وَمِثْلُهُ قَوْلُهُمْ فِي التَّحِيَّاتِ: الصَّلَوَاتُ إِذِ الْمَعْنَى: وَالصَّلَوَاتُ،