للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الْأَصْنَامِ عَدَمُ الْمَنْفَعَةِ الْمُبَاحَةِ، فَعَلَى هَذَا إِنْ كَانَتْ بِحَيْثُ إِذَا كُسِرَتْ يُنْتَفَعُ بِرُضَاضِهَا جَازَ بَيْعُهَا عِنْدَ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ، وَالْأَكْثَرُ عَلَى الْمَنْعِ حَمْلًا لِلنَّهْيِ عَلَى ظَاهِرِهِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ النَّهْيَ عَنْ بَيْعِهَا لِلْمُبَالَغَةِ فِي التَّنْفِيرِ عَنْهَا، وَيَلْتَحِقُ بِهَا فِي الْحُكْمِ الصُّلْبَانُ الَّتِي تُعَظِّمُهَا النَّصَارَى، وَيَحْرُمُ نَحْتُ جَمِيعِ ذَلِكَ وَصَنْعَتُهُ، وَأَجْمَعُوا عَلَى تَحْرِيمِ بَيْعِ الْمَيْتَةِ وَالْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ إِلَّا مَا تَقَدَّمَتِ الْإِشَارَةُ إِلَيْهِ فِي بَابِ تَحْرِيمِ الْخَمْرِ وَلِذَلِكَ رَخَّصَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ فِي الْقَلِيلِ مِنْ شَعْرِ الْخِنْزِيرِ لِلْخَرَزِ حَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، وَأَبِي يُوسُفَ وَبَعْضِ الْمَالِكِيَّةِ، فَعَلَى هَذَا فَيَجُوزُ بَيْعُهُ، وَيُسْتَثْنَى مِنَ الْمَيْتَةِ عِنْدَ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ مَا لَا تَحِلُّهُ الْحَيَاةُ كَالشَّعْرِ وَالصُّوفِ وَالْوَبَرِ، فَإِنَّهُ طَاهِرٌ فَيَجُوزُ بَيْعُهُ، وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَفِيَّةِ، وَزَادَ بَعْضُهُمُ الْعَظْمَ وَالسِّنَّ وَالْقَرْنَ وَالظِّلْفَ، وَقَالَ بِنَجَاسَةِ الشُّعُورِ الْحَسَنُ وَاللَّيْثُ، وَالْأَوْزَاعِيُّ. وَلَكِنَّهَا تَطْهُرُ عِنْدَهُمْ بِالْغَسْلِ، وَكَأَنَّهَا مُتَنَجِّسَةٌ عِنْدَهُمْ بِمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا مِنْ رُطُوبَاتِ الْمَيْتَةِ لَا نَجِسَةَ الْعَيْنِ، وَنَحْوُهُ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي عَظْمِ الْفِيلِ إِنَّهُ يَطْهُرُ إِذَا سُلِقَ بِالْمَاءِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ كَثِيرٌ مِنْ مَبَاحِثِ هَذَا الْحَدِيثِ فِي بَابِ لَا يُذَابُ شَحْمُ الْمَيْتَةِ.

١١٣ - بَاب ثَمَنِ الْكَلْبِ

٢٢٣٧ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ ﵁، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ نَهَى عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ، وَمَهْرِ الْبَغِيِّ، وَحُلْوَانِ الْكَاهِنِ.

[الحديث ٢٢٣٧ - أطرافه في: ٢٢٨٢، ٥٣٤٦، ٥٧٦١]

٢٢٣٨ - حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَوْنُ بْنُ أَبِي جُحَيْفَةَ قَالَ: رَأَيْتُ أَبِي اشْتَرَى حَجَّامًا بِمَحَاجِمِهِ فَكُسِرَتْ، فَسَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ نَهَى عَنْ ثَمَنِ الدَّمِ، وَثَمَنِ الْكَلْبِ، وَكَسْبِ الْأَمَةِ، وَلَعَنَ الْوَاشِمَةَ وَالْمُسْتَوْشِمَةَ، وَآكِلَ الرِّبَا وَمُوكِلَهُ، وَلَعَنَ الْمُصَوِّرَ.

قَوْلُهُ: (بَابُ ثَمَنِ الْكَلْبِ) أَوْرَدَ فِيهِ حَدِيثَيْنِ: أَحَدَهُمَا عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ أَنَّهُ ﷺ نَهَى عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ، وَمَهْرِ الْبَغِيِّ، وَحُلْوَانِ الْكَاهِنِ. ثَانِيَهُمَا حَدِيثُ أَبِي جُحَيْفَةَ: نَهَى عَنْ ثَمَنِ الدَّمِ، وَثَمَنِ الْكَلْبِ، وَكَسْبِ الْأَمَةِ الْحَدِيثَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي بَابِ مُوكِلِ الرِّبَا فِي أَوَائِلِ الْبَيْعِ.

وَاشْتَمَلَ هَذَانِ الْحَدِيثَانِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَحْكَامٍ أَوْ خَمْسَةٍ إِنْ غَايَرْنَا بَيْنَ كَسْبِ الْأَمَةِ وَمَهْرِ الْبَغِيِّ: الْأَوَّلُ: ثَمَنُ الْكَلْبِ، وَظَاهِرُ النَّهْيِ تَحْرِيمُ بَيْعِهِ، وَهُوَ عَامٌّ فِي كُلِّ كَلْبٍ مُعَلَّمًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ مِمَّا يَجُوزُ اقْتِنَاؤُهُ أَوْ لَا يَجُوزُ، وَمِنْ لَازِمِ ذَلِكَ أَنْ لَا قِيمَةَ عَلَى مُتْلِفِهِ، وَبِذَلِكَ قَالَ الْجُمْهُورُ، وَقَالَ مَالِكٌ: لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ، وَتَجِبُ الْقِيمَةُ عَلَى مُتْلِفِهِ، وَعَنْهُ كَالْجُمْهُورِ، وَعَنْهُ كَقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ: يَجُوزُ وَتَجِبُ الْقِيمَةُ، وَقَالَ عَطَاءٌ، وَالنَّخَعِيُّ: يَجُوزُ بَيْعُ كَلْبِ الصَّيْدِ دُونَ غَيْرِهِ، وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ وَقَالَ: إِنْ جَاءَ يَطْلُبُ ثَمَنَ الْكَلْبِ فَامْلَأْ كَفَّهُ تُرَابًا، وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ، وَرَوَى أَيْضًا بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا: لَا يَحِلُّ ثَمَنُ الْكَلْبِ، وَلَا حُلْوَانُ الْكَاهِنِ، وَلَا مَهْرُ الْبَغِيِّ، وَالْعِلَّةُ فِي تَحْرِيمِ بَيْعِهِ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ نَجَاسَتُهُ مُطْلَقًا، وَهِيَ قَائِمَةٌ فِي الْمُعَلَّمِ وَغَيْرِهِ، وَعِلَّةُ الْمَنْعِ عِنْدَ مَنْ لَا يَرَى نَجَاسَتَهُ النَّهْيُ عَنِ اتِّخَاذِهِ وَالْأَمْرُ بِقَتْلِهِ، وَلِذَلِكَ خَصَّ مِنْهُ مَا أُذِنَ