للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

لِلشَّافِعِيَّةِ يَنْفَسِخُ، وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى جَوَازِ التَّفَرُّقِ فِي السَّلَمِ قَبْلَ الْقَبْضِ؛ لِكَوْنِهِ لَمْ يُذْكَرْ فِي الْحَدِيثِ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ إِنْ كَانَ بِغَيْرِ شَرْطٍ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَالْكُوفِيُّونَ: يَفْسُدُ بِالِافْتِرَاقِ قَبْلَ الْقَبْضِ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ مِنْ بَابِ بَيْعِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ. وَفِي حَدِيثِ ابْنِ أَبِي أَوْفَى جَوَازُ مُبَايَعَةِ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَالسَّلَمِ إِلَيْهِمْ، وَرُجُوعُ الْمُخْتَلِفِينَ عِنْدَ التَّنَازُعِ إِلَى السُّنَّةِ، وَالِاحْتِجَاجُ بِتَقْرِيرِ النَّبِيِّ ﷺ، وَأَنَّ السُّنَّةَ إِذَا وَرَدَتْ بِتَقْرِيرِ حُكْمٍ كَانَ أَصْلًا بِرَأْسِهِ لَا يَضُرُّهُ مُخَالَفَةُ أَصْلٍ آخَرَ.

ثُمَّ أَوْرَدَ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَابِ حَدِيثَ ابْنِ عَبَّاسٍ الْآتِي فِي الْبَابِ الَّذِي يَلِيهِ، وَزَعَمَ ابْنُ بَطَّالٍ أَنَّهُ غَلَطٌ مِنَ النَّاسِخِ، وَأَنَّهُ لَا مَدْخَلَ لَهُ فِي هَذَا الْبَابِ إِذْ لَا ذِكْرَ لِلسَّلَمِ فِيهِ، وَغَفَلَ عَمَّا وَقَعَ فِي السِّيَاقِ مِنْ قَوْلِ الرَّاوِي، إِنَّهُ سَأَلَ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنِ السَّلَمِ فِي النَّخْلِ، وَأَجَابَ ابْنُ الْمُنِيرِ أَنَّ الْحُكْمَ مَأْخُوذٌ بِطَرِيقِ الْمَفْهُومِ، وَذَلِكَ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ لَمَّا سُئِلَ عَنِ السَّلَمِ مَعَ مَنْ لَهُ نَخْلٌ فِي ذَلِكَ النَّخْلِ، رَأَى أَنَّ ذَلِكَ مِنْ قَبِيلِ بَيْعِ الثِّمَارِ قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ، فَإِذَا كَانَ السَّلَمُ فِي النَّخْلِ الْمُعَيَّنِ لَا يَجُوزُ تَعْيِينُ جَوَازِهِ فِي غَيْرِ الْمُعَيَّنِ؛ لِلْأَمْنِ فِيهِ مِنْ غَائِلَةِ الِاعْتِمَادِ عَلَى ذَلِكَ النَّخْلِ بِعَيْنِهِ؛ لِئَلَّا يَدْخُلَ فِي بَابِ بَيْعِ الثِّمَارِ قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِالسَّلَمِ مَعْنَاهُ اللُّغَوِيَّ، أَيِ: السَّلَفُ لَمَّا كَانَتِ الثَّمَرَةُ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا فَكَأَنَّهَا مَوْصُوفَةٌ فِي الذِّمَّةِ.

٢٢٤٦ - حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، أَخْبَرَنَا عَمْرٌو قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الْبَخْتَرِيِّ الطَّائِيَّ قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ ﵄ عَنْ السَّلَمِ فِي النَّخْلِ، قَالَ: نَهَى النَّبِيُّ ﷺ عَنْ بَيْعِ النَّخْلِ حَتَّى يُوكَلَ مِنْهُ، وَحَتَّى يُوزَنَ، فَقَالَ الرَّجُلُ: وَأَيُّ شَيْءٍ يُوزَنُ؟ قَالَ رَجُلٌ إِلَى جَانِبِهِ: حَتَّى يُحْرَزَ. وَقَالَ مُعَاذٌ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَمْرٍو قَالَ أَبُو الْبَخْتَرِيِّ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ ﵄ نَهَى النَّبِيُّ ﷺ، مِثْلَهُ.

قَوْلُهُ: (أَخْبَرَنَا عَمْرٌو) فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ، وَكَذَلِكَ أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ طُرُقٍ عَنْ شُعْبَةَ.

قَوْلُهُ: (فَقَالَ رَجُلٌ: مَا يُوزَنُ؟) لَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِهِ، وَزَعَمَ الْكَرْمَانِيُّ أَنَّهُ أَبُو الْبَخْتَرِيِّ نَفْسُهُ؛ لِقَوْلِهِ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ: فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ بِالتَّعْرِيفِ.

قَوْلُهُ: (فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ إِلَى جَانِبِهِ) لَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِهِ، وَقَوْلُهُ: (حَتَّى يُحْرَزَ) بِتَقْدِيمِ الرَّاءِ عَلَى الزَّايِ، أَيْ: يُحْفَظَ وَيُصَانَ، وَفِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ بِتَقْدِيمِ الزَّايِ عَلَى الرَّاءِ، أَيْ: يُوزَنُ أَوْ يُخْرَصُ، وَفَائِدَةُ ذَلِكَ مَعْرِفَةُ كَمِّيَّةِ حُقُوقِ الْفُقَرَاءِ قَبْلَ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِيهِ الْمَالِكُ، وَصَوَّبَ عِيَاضٌ الْأَوَّلَ، وَلَكِنَّ الثَّانِي أَلْيَقُ بِذِكْرِ الْوَزْنِ، وَرَأَيْتُهُ فِي رِوَايَةِ النَّسَفِيِّ: حَتَّى يُحَرَّرَ بِرَاءَيْنِ الْأُولَى ثَقِيلَةٌ، وَلَكِنَّهُ رَوَاهُ بِالشَّكِّ.

قَوْلُهُ: (وَقَالَ مُعَاذٌ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ) وَصَلَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مُعَاذٍ عَنْ أَبِيهِ، بِهِ.

٤ - بَاب السَّلَمِ فِي النَّخْلِ

٢٢٤٧، ٢٢٤٨ - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عُمَرَ ﵄ عَنْ السَّلَمِ فِي النَّخْلِ، فَقَالَ: نُهِيَ عَنْ بَيْعِ النَّخْلِ حَتَّى يَصْلُحَ، وَعَنْ بَيْعِ الْوَرِقِ نَسَاءً بِنَاجِزٍ، وَسَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنْ السَّلَمِ فِي النَّخْلِ، فَقَالَ: نَهَى النَّبِيُّ ﷺ عَنْ بَيْعِ النَّخْلِ حَتَّى يُؤْكَلَ مِنْهُ، أَوْ يَأْكُلَ مِنْهُ، وَحَتَّى يُوزَنَ.

٢٢٤٩، ٢٢٥٠ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ: سَأَلْتُ ابْنَ عُمَرَ ﵄ عَنْ السَّلَمِ فِي النَّخْلِ، فَقَالَ: نَهَى النَّبِيُّ ﷺ عَنْ بَيْعِ الثَّمَرِ حَتَّى يَصْلُحَ، وَنَهَى عَنْ الْوَرِقِ بِالذَّهَبِ نَسَاءً بِنَاجِزٍ، وَسَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ فَقَالَ: نَهَى النَّبِيُّ ﷺ عَنْ بَيْعِ النَّخْلِ حَتَّى يَأْكُلَ أَوْ يُؤْكَلَ، وَحَتَّى يُوزَنَ، قُلْتُ: وَمَا يُوزَنُ؟ قَالَ: رَجُلٌ عِنْدَهُ حَتَّى يُحْرَزَ.

قَوْلُهُ: (بَابُ السَّلَمِ فِي النَّخْلِ) أَيْ: فِي ثَمَرِ النَّخْلِ.

قَوْلُهُ: (فَقَالَ) أَيِ: ابْنُ عُمَرَ (نَهَى عَنْ بَيْعِ النَّخْلِ حَتَّى يَصْلُحَ)